الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على عاتق الأزهر والأوقاف


أكررها مرارا "إن الطريق الأمثل للقضاء على التطرف لن يكون إلا بنشر الثقافة الدينية والانفتاح على التراث الفقهي المفعم بواسطة دارسين أمناء لا يشوهون حقائق التاريخ ولا يدلسون لصالح مذاهب منحرفة عقائديا أو يعملون لمصلحة الأعداء التقليديين للإسلام، فلم ينقذ الناس من الفتنة حيال قرار إغلاق المساجد وتعليق صلوات الجماعة والجمعة، إلا العودة إلى السيرة النبوية الشريفة وبعض الأخبار مما روي عن عصر الخلفاء الراشدين وما بعدهم، هذا مع حرصهم على إعمال العقل في النصوص والمرويات قياسا أو اجتهادا.

وما زلت على اعتقاد بأن ما يطلق عليهم جماعات الإسلام السياسي من جماعة الإخوان وأشباهها ممن دعوا أنفسهم بالسلفيين، فهؤلاء أم أولئك، يخبئون ضحالة في ثقافتهم الدينية في مظاهرهم التى يحرصون فيها على أن يبدو للناس أنهم علماء الأمة، مع ضيق أفق هو في حقيقته انعكاسا ضروريا  لتلك الضحالة.

لقد وجد علماء الأزهر والأوقاف الذين أصدروا فتوى بضرورة تعليق صلوات الجمع والجماعات في المساجد، في التراث الفقهى الإسلامي ما يريح ضمائرهم ويرفع عنهم الحرج، فتاريخ الأقطار الإسلامية مفعم بالأحداث المماثلة، بل والتى جاوزت ما نعايشه الآن،  فقد وردت أخبار عن الأوبئة وضحاياها في المصادر التاريخية التقليدية وكيف كانت الجنائز تخرج يوميا بأعداد مهولة وتتوقف الصلوات في المساجد والخروج إلى الأسواق ويعم البلاء ولم يتجاهل الفقهاء ذلك وناقشوا كل كبيرة وصغيرة.

لقد كانت مفاجأة بأ، الوعي الديني بلغ لدى كثير من القطاعات الجماهيرية أنهم طالبوا هم أنفسهم بإغلاق المساجد مع تزايد أنباء انتشار المرض وكتب بعضهم على صفحاتهم الخاصة على مواقع الاتصال الاجتماعي مقتطفات من أحاديث نبوية وأخبار واردة عن الصحابة في مواجهة انتشار الأوبئة وهي مصادر الأدلة نفسها التى استقى منها علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف في فتاواهم وقراراتهم في هذا الشأن، حيث أثبتوا احترافية ومهارة تستحق الإشادة في التعامل والتدرج وإقناع جماهير المسلمين بإغلاق المساجد على ما وقع في القلوب من مرارة، خاصة بعد إخلاء الحرمين الشريفين للسبب نفسه، وغالب ظنى أن هذه المرارة نفسها وقعت في قلوب من تحملوا مسئولية الفتوى ولكن أمام الإحساس العميق بالمسئوليات العلمية والتاريخية وقع الاتفاق على القرار.

والآن الصلوات تقام في مواقيتها في البيوت والمساجد مازالت قائمة  شامخة وقريبا ستفتح بإذن الله أبوابها من جديد.

كذلك كان الأمر عصيا على الأشقاء المسيحيين بمختلف الطوائف، فاتخذ القائمون على أمور الكنائس المصرية الإجراءات نفسها بالقدر نفسه من شجاعة القرار وتحت وطأة المسئولية نفسها وبنفس المرارة.

ولم نكد نسمع صوتا نشازا هنا أو هناك أللهم إلا في بعض كلمات على بعض صفحات من صدمهم القرار لمن تعلقت قلوبهم بالمساجد أو الكنائس ولكن لاقت طوفانا من التعليقات الرافضة والمدركة لمدى حكمة اتخاذ قرار الإغلاق المؤقت.

وأمام ذلك لم يستطع المغرضون والمهيجون للرأى العام من التصدي لهذه القرارات اللهم  إلا ما حدث من بعض المتهوسين في بعض شوارع القاهرة والإسكندرية تلبية لدعوة من إحدى قنوات الإخوان في تركيا ولكنه جوبه بتسونامي من السخرية من الجماهير على كل المستويات. 

فالفقه الإسلامي منذ بواكيره الأولى لم يهمل جانب التفكير والاجتهاد البشري حتى مع الذين من التزموا بظاهر النص، فعملية الفقه في حد ذاتها لا يمكن أن تتم بدون وجود تفاعل مع النص المروي بواسطة التفكير فيه.
لقد فوتت شجاعة هذا القرار الفرصة على جماعات الإرهاب للتخريب الفكرى والفقهي الذي تمارسه بنفس قدرتها على التخريب الواقعي كما كشفت هزلية زعم هؤلاء المتشدقون بتحكمهم في الشارع الديني الذي ظنوا أنه يرهبهم بما يشيعونه من إرهاب فكرى وجهل فقهى.

وقد تقبل الناس لهذا الإغلاق رغم ألمهم كان ردا عمليا يدل على أنهم يرون السلطة لم تتعسف في هذا القرار بعد بيان سبق تطرق التاريخ الفقهي الذي كان أكثر تفتحا من التيارات الإخوانية والسلفية الحالية التى جمدت التراث الفقهي أو دلست عليه أو تجاهلت توسعاته العملية وطرحوا علينا أفكارا عقيمة في بضع كتيبات لبعض من يطلقون عليهم علماء لكن بمقارنة إنتاجهم مع سياق الفقه الإسلامي يتبين تهافتهم وتسطحهم وادعائهم العلم الديني.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-