الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نظام دولي جديد .. هل تصبح العولمة أكبر ضحايا فيروس كورونا

نموذج الكرة الأرضية
نموذج الكرة الأرضية

عندما يتم طرح السؤال عن المسئول الرئيسي عن انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، فعادة ما تشير أصابع الاتهام إلى الصين.

لكن مع توارد الإشارات الأولية على بدء الصين في التعافي من الوباء المميت، فيما لا تزال أوروبا والولايات المتحدة تصعدان إلى ذروة الكارثة، بدأت أصابع الاتهام تتحول نوعًا ما إلى اتهام العولمة نفسها بالتسبب في نشر الوباء في أرجاء الكرة الأرضية قاطبة.

وبحسب مجلة "فوربس" الأمريكية، فإن العولمة التي أصبحت أساس النظام العالمي القائم منذ عقود قليلة هي التي سمحت للصين بالتحول إلى عملاق اقتصادي تعتمد عليه قوى العالم الكبرى، فضلًا عن الدول العادية والصغيرة، في إمدادها بكل السلع الممكنة، بما في ذلك المواد الداخلة في صناعة الأدوية والعقاقير الطبية وحتى الكمامات.

ونقلت المجلة عن الأستاذ الزائر بجامعة ستانفورد كيفن وارش أنه على مستوى تحليل الاقتصاد الجزئي، فإن آثار انتشار فيروس كورونا كارثية سواء على الاقتصادات الكبرى أم النامية، أما على مستوى تحليل الاقتصاد الكلي فيمكن أن نلاحظ أن كارثة الوباء العالمية لم تضع حدًا لأزمات مثل الحرب التجارية الأمريكية الصينية، والتي هي بحد ذاتها إشارة إلى التمرد على العولمة ورغبة الدول في العودة إلى الانكفاء داخل حدودها، بل إن انتشار فيروس كورونا ربما يسرع وتيرة الأزمات من هذا النوع، معجلًا بنهاية العولمة.



لكن من بين الآثار التي سيخلفها فيروس كورونا أن العديد من الساسة ورجال الأعمال وقادة الرأي في أنحاء العالم يبدأون بإعادة النظر في العولمة وتقييم جدواها وفوائدها، ومن المؤكد أن عملية المراجعة الكبرى هذه ستفضي بالعديدين في الغرب إلى الحكم على العولمة باعتبارها الوسيلة التي هيمنت بها الصين على الاقتصاد العالمي، وإذا ما كان من الضروري مقاومة تلك الهيمنة الصينية فسيتعين على الغرب مقاومة العولمة ذاتها، وقد يوصي البعض منهم بإجراءات متطرفة مثل سحب الاستثمارات والمصانع الغربية من الصين.

ومن المستبعد أن يضع وباء كورونا حدًا نهائيًا للعولمة كنظام عالمي قائم وسائد، فالعلام لن يرتد أبدًا إلى عصر ما قبل العولمة، على أن الأزمة ستضفي بلا شك تغييرات كبيرة على ملامح المشهد العالمي.

ومن بين تلك التحولات المتوقعة أن دول عدة حول العالم ستبدأ بالاتجاه إلى تقليل الاعتماد على الخارج وتفضيل الانكفاء على مشاكلها الداخلية، بعدما أجبر فيروس كورونا دول العالم على إغلاق حدودها، مهددًا بتمزيق أوصال حركة التجارة العالمية، ومجبرًا الدول على دراسة الاكتفاء بما لديها من موارد والبحث عن بدائل داخلية لما كانت تعتمد على الخارج في توفيره.

والخلاصة أن فيروس كورونا لن يقضي على العولمة بضربة واحدة، لكنه سيكبح الاندفاع إلى الاستسلام لها واعتبارها اتجاهًا إيجابيًا، لا سيما بالنسبة للدول والاقتصادات الكبرى التي كانت بلا شك أكبر المستفيدين من العولمة وأكبر المراكز المفتوحة لحرية التجارة والحركة العابرة للحدود، فإذا بها تصبح أكبر المتضررين من تلك المبادئ التي حملت إليها وباءً قاتلًا.