الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يستطيع ترامب معاقبة الصين؟


مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المنوط بها الحساب وإنزال العقاب إذا ما شردت دولة ما وهددت الأمن والسلام الدوليين، وحتى يخرج من مجلس الأمن قرار عقابى يحتاج تطبيق بنود الباب الخامس من قانون مجلس الأمن بتطبيق الفصل العسكرى للعقاب لابد ان يكون بموافقة ثلثى المجلس اولا وثانيا ان لا يعترض عليه أحد من الخمسة الدائمين فى المجلس وهذا أمر غير وارد لأن الصين احد الخمسة التى تستطيع ان تستخدم حق الفيتو وتساوى اى قرار بالعدم إذا ما قرر المجلس عقابها. ويبقى القضاء الدولى الذى يحتاج الى توافق ورضا بين طرفى النزاع للتوجه الى محكمة العدل الدولية التى تباشر التحقيق وتستمع الى مختلف الأطراف ثم تتصدر الدعوى بإنزال العقوبة وفى هذه الحالة لابد ان تقبل الصين ان تمتثل طواعية لمحكمة العدل وتدافع عن نفسها وهذا الأمر ايضا غير وارد لأن الصين تروج على ان الولايات المتحدة هى التى خلقت الفيروس وارسلته للإضرار بالإقتصاد الصينى.

تبادلت كل من الولايات المتحدة والصين الاتهامات بشن حملات لتشويه السمعة بعدما تحولت جائحة كورونا إلى موضوع خلافي جديد بين القوتين العظمتين. وان كنت ارجح ان احدهما او كلاهما وراء المصيبة التى حلت بالإنسانية. أصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على استخدام عبارة "الفيروس الصيني" للإشارة إلى كورونا، الأمر الذي أثار استياء بكين. كما استدعت واشنطن السفير الصيني للإعراب عن احتجاجها على ترويج بكين لنظرية مؤامرة تشير إلى وقوف الولايات المتحدة وراء ظهور الفيروس. كما أطلق المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو لي جيان تغريدة اعتبر فيها أن الإصابة الأولى بفيروس كورونا الذي باتت منظمة الصحة العالمية تعتبره جائحة، أتت من الولايات المتحدة وليس من مدينة ووهان الصينية. كما روج علماء امريكان أن الفيروس انتقل إلى الإنسان في سوق لبيع لحوم الحيوانات البرية في ووهان.

وامام غياب الحقيقة التى لن يستطيع احد على هذا الكوكب ان يظهرها جلية وراح الطرفان من خلف ستار كل يهيىء الرأى العام العالمى ضد الأخر فانتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين شائعات فحواها أن برنامجا أمريكيا للحرب الجرثومية هو سبب انتشار الوباء، وقد صدق عدد كبير من الصينيين هذه الشائعات، وحتى ما أكده العلماء بأن بنية الفيروس طبيعية تماما وليست مصنعة، محل شك لأن هذه الحرب بين العملاقين ليست حربا كلامية فقط، بل تتخطى ذلك إلى ما هو أكثر خطورة، من محاولات هيمنة سياسية واقتصادية وعسكرية وكأن الكون كله محل النزاع وكل طرف يريد امتلاكه

وتشتعل الحرب المعلوماتية والدعائية خلف الكواليس. فالصين مصممة على الخروج من هذه الأزمة وموقعها كقوة عظمى معزز. والولايات المتحدة تخسر بجدارة في الوقت الراهن على الأقل. وجاء انتشار الوباء في وقت كانت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة متأزمة في الأصل. بخلاف إن البلدين سائران قدما في تعزيز قدراتهما العسكرية، استعدادا لصراع عسكري محتمل في منطقة آسيا والمحيط الهاديء. في غضون ذلك، برزت الصين كقوة عسكرية عظمى، على المستوى الإقليمي، والآن تسعى الصين إلى تبوؤ الموقع القيادي الذي تعتقد أنها تستحقه.

يهدد انتشار وباء كورونا بدفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى مرحلة أكثر صعوبة وخطورة. وقد يؤثر ذلك بشكل كبير على مسار انتشار الوباء وشكل العالم بعد انحساره. فعندما يتم إعلان النصر على الفيروس، سيكون لتعافي الاقتصاد الصيني دور حيوي ومهم في عملية إعادة تأهيل الاقتصاد العالمي المنهار.

ولكن في الوقت الراهن، تعد الصين، في عديد من المجالات، مصنع المواد الطبية الذي يعتمد عليه العالم أجمع، وبإمكانها تنويع وتوسيع انتاجها بطريقة تعجز عنها معظم دول العالم الأخرى. ولكن إدارة ترامب أخفقت في تقبل خطورة الأزمة، ونظرت إليها بمنظار أنها فرصة جديدة لتأكيد سياستها المتلخصة بعبارة "أمريكا أولا" وإثبات تفوقها المزعوم على باقي دول العالم. ولكن الأمر الذي على المحك الآن هو زعامة العالم.

إن موقع الولايات المتحدة الرائد في العالم، وهو موقع تبوأته على مدى العقود السبعة الماضية، لم يبن على أسس الثراء والقوة العسكرية فقط، ولكن بني أيضا على أساس الشرعية من أسلوب الحكم الداخلي في البلاد وقدرتها على توفير المواد والسلع على النطاق العالمي وقدرتها ورغبتها في حشد الردود الدولية للكوارث والأزمات.وهذا ما تفتقده الصين شكلا وموضوعا فنظام الحكم فى الحزب الشيوعى نظام شمولى قائم على الهيمنة على الشعب الصينى والتحكم الكامل فى الميديا والمعارضة ومجتمع الى حد كبير مغلق.

فإذا ما تفوقت الصين بمعطيات الصراع اللا عسكرى لن تقبل إدارة ترامب بهذا التفوق ومن الأن تحاول واشنطن ان تستدرج الصين لصراع عسكرى فلا الشكل القانونى ولا الدبلوماسى يمكنا إدارة ترامب من تحميل الصين 2.5 ترليون دولار حجم خسائر دول العالم من جراء الوباء حسبما اعلن الأمين العام للأمم المتحدة. ولن تدفع الصين سنتا واحدا على طريقة ترامب الإبتزازية ولو ترتب على ذلك انهاء الحياة على كوكب الأرض. ولو ان خبراء رجحوا مواجهة عسكرية فى المحيط الهادى فى شهر سبتمبر القادم. فأعتقد انه خيار مستبعد لأن المؤسسات الأمريكية تدرك ان المواجهة يخسر فيها كل الأطراف كما ان الحزب الشيوعى فى الصين لن يستدرج الى مواجهة خاسرة بكل المقاييس، ولكن حتما من تغيير حاد فى الخريطة السياسية العالمية بعد كورونا.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط