الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكلام الصامت!


لطالما وجدت الصمت أبلغ الحديث وأقواه، حديث يخترق القلوب والعقول، قد تعرف منه ما لا تستطيع الكلمات أن تخبرك، قد ينقل إليك المشاعر باحتراف، فالصمت هو لغة الحديث الروحية التي لا تعرف الكذب . 


قد تعجز عن التعبير عن حبك لشخص ما باستخدام عبارات رنانة تُسعد القلوب ، ولكن تتحدث روحك بفيض من المشاعر الصامتة التي ربما تُتَرجَم بلمسة ساحرة أو إبتسامة مشرقة أو نظرة عميقة وتارةً أخري  بسكون غامض  يخترق القلب ويثبت في الأذهان.


وقد تفقد القدرة علي الكلام والسمع وتظل في صمت مفروض عليك للأبد لكنك تستطيع بروحك أن تعبر عن المشاعر التي يعجز عن التعبير عنها المتحدثون ببلاغة مطلقة وأصحاب الأصوات العذبة التي تسرق القلوب .


مهما كانت قدراتك الملموسة الجسدية، ومهما كنت ممن يجيدون فن الحديث بالكلمات،  تظل الروح هي المحرك الأساسي لكل من القلب والعقل معًا هي من تجعلك مؤثرًا في الآخرين، هي رسول المحبة الذي ينقل فيض مشاعرك لمن تحب وتكره.


من الصعب تحليل تلك اللغة لمعرفة مفرداتها، فهي تعتمد في الأساس علي المشاعر الصادقة ، فتنتج عنها طاقة خفية تصل إلي عقل ووجدان من تحدثه فيتفهم صمتك ويصله كلامك دون أن ينطق به لسانك ، قد تكون مشاعر حب وإعجاب وقد تكون مشاعر غضب وكراهية ورغبة في الانتقام.


وفِي لغة الصمت تتحدث الحواس وتهمس همس العاشقين طورًا ، أو همس الغاضبين طورًا آخر، فالحواس هي المفردات اللغوية للغة الصمت يصحبها طاقة نورانية تنطق بالحب أو طاقة نارية تعبر عن الكراهية والغل.


ولا يقتصر استخدام تلك اللغة علي الروح فقط، ولكن كل ما في الكون يتحدث حولنا في صمت، كل ما يلزمك هو قدر من الشفافية والمشاعر لتسمع حديثهم، فالشجر يتحدث ويسبح لله الواحد الأحد بصمت بديع، كذلك الجبال والأنهار والبحار ، لكل منهم صمته المتحدث، قد ينقل إلينا كلماته وقد نغفل عنها للأبد.


لم يكن اختيار المولي عز وجل للجسد الترابي المصنوع من أديم الأرض عبثًا، إنما كان ذلك ليحيي القدرة علي الحوار الصامت بين الطبيعة والروح، فتشعر بتوافق تلك الطاقات الغامضة مع الجسد الذي تسكنه روح استمدت طاقتها من نفخة الملك العظيم ، وتعلن أحيانًا الطبيعة في صمت ساحر عن فرحتها أو غضبها العارم، فيشعر بها أديم الأرض فتنطلق تلك اللغة عبر الحبل الممدود إلي الروح متناغمة أحيانًا ومتنافرة أحيانًا أُخري.


وتتحدث الرؤي بلغة الصمت فيرسل الله عز وجل عبرها للروح رسالات سماوية فتنتقل النفحات النورانية من خلالها  فتظل محفورة في القلب، مسموعة في العقل، و علي الرغم من أنها تتحدث بلغة الصمت إلا أن تأثيرها يظل مستمرا ربما ما دامت حياة المرء.


إذا كنت ممن لا يجيدون لغة الحديث بالصوت والأحرف والكلمات فحاول أن تُتقن الحديث بلغة الطبيعة الصامتة وتنقل مشاعر الفرح والغضب والشغف  عبر الروح حتي تصل لمن تريد أن تتواصل معه ، واجتهد في ربط الحواس بطاقة روحك ، وتأكد أن صوتك الصامت سيغلب أقوي الأبواق والدفوف والكلمات العذبة الخلابة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط