الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كورونا والنفط الأمريكى


المفاجأة المدوية التى أصابت النفط الأمريكى لن تكون الأخيرة سواء على أمريكا أو  الاقتصاد العالمى فمفاجآت كورونا مثل الليالى حبالى يلدن كل جديد، والقراءة المتأنية تكشف أن آليات السوق أفرزت هذه النتيجة وبمنطقية مطلقة فحيازة ملايين الأطنان من البترول الخام لا تعنى الهيمنة التى أرادها خبراء الاقتصاد الأمريكى، وكورونا مجرد سبب عارض ولكن الأساس قائم على الاستحواذ وتعظيم أمر رفع االمخزون، فمنذ حرب أكتوبر 73 بعد أن قام الملك فيصل رحمه الله بوقف ضخ البترول إلى الولايات المتحدة لموقفها من الحرب بالدعم الكامل لإسرائيل وسيطرت آلة النهم على عقول الأمريكيين فى تخزين أكبر قدر ممكن من النفط الخام وجمعه من مختلف بقاع الأرض وتخزينه واللعب بأسعاره والسيطرة على أسواقه. حتى جاءت كورونا واوقفت الآلات التى تدور فى المصانع وتقوقعت الدول داخل حدودها وتوقفت خطوط الطيران والإنتاج بالعالم أجمع ومكث الناس فى منازلهم فانخفض الطلب على النفط وطبيعى جدا أن تتهاوى الأسعار ولكن المفاجأة أن تصل الأسعار إلى السلب!! جاء ذلك لأن شركات النفط تدفع للعملاء كى يحصلوا على منتجاتها خشية تراكم مخزون الخام لديها واضطرت شركات النفط إلى استئجار ناقلات عملاقة لتخزين الخام الفائض، ولذا أصبحت الشركات تدفع للمشترين لنقل الخام بعيدا عن منشآتها تفاديا لدفع أموال أكثر لتخزينه. وفي وقت مبكر من الشهر الجاري، اتفق أعضاء أوبك وحلفاؤهم على صفقة تاريخية لتخفيض المنتج اليومي بنحو 10 في المائة وهو ما يعد أكبر تخفيض، ورغم ذلك يرى الخبراء أنه غير كاف لتغيير الوضع الراهن.
هذه هى نتائج كورونا التى مازال لديها المزيد. بما يفتح الباب أمام اضطرابات سياسية وإقليمية في الدول المصدرة القائمة حركة النمو لديها على وارداتها من النفط وانخفاض الطلب مع انخفاض الإنتاج، يعني تراجع إيرادات الدول النفطية الكبرى، وبالتالي ارتفاع العجز في ميزانيتها، وكذلك الدول المستهلكة والتى توقفت لديها خطوط الإنتاج ستصاب بالكساد وانخفاض معدل دخل الفرد وانخفاض الموازنة العامة التى تقدم من خلالها الخدمات لمواطنيها وذكرت الجمارك الصينية أن واردات الصين من النفط خلال العام الماضي بلغت حوالي 11 مليون برميل يوميا وبذلك تعد أكبر مستورد للنفط في العالم وبفارق كبير عن المركز الثاني، في حين أن السعودية وروسيا هما أكبر مصدرين للنفط إلى الصين التى تراجعت وارداتها بمقدار ثلاثة ملايين برميل يوميا أي بما يعادل 20% من إجمالي الاستهلاك تقريبا.


أوبك وروسيا
الاتفاق الأخير بين أوبك وروسيا سيؤدي إلى تراجع المعروض كما أن شركات النفط الكبرى في العالم وفي الولايات المتحدة قررت تخفيض الإنتاج اليومي أيضا. رغم ذلك لن يحدث فارق كبير فالعالم يوجد فيه بالفعل الكثير من الخام وهو فائض أكبر مما يمكن استهلاكه كما أن الأمر لا يتوقف فقط على عدم قدرة العالم على استهلاك هذا الكم من الطاقة ولكن الأزمة الأكبر هي أننا لا نستطيع تخزينه حتى يتم تخفيف القيود الاقتصادية الراهنة وعودة الحياة للصين الأكثر استيرادا على مستوى العالم  فقد تراجع الطلب العالمي بما بين 200 ألف و600 ألف برميل يوميا. ومع تعثر محاولات احتواء الفيروس، وتشديد إجراءات الحجر الصحي في دول العالم مرشح السيناريو الأسوأ بقوة على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى سوق الطاقة بشكل خاص. وإذا ما قدر للإنسانية ان تواجه عواقب هذا الفيروس وقت اطول وطال امد المواجهة فستكون العواقب وخيمة على الدول والحكومات التى ستعجز عن تقديم الخدمات، والوفاء بالإحتياجات، وأيضا على الأفراد عندما يقل دخل الفرد وينخفض نصيبه من الموازنة العامة، وقد يدفع هذا الوضع بعضا من الدول الى الدخول الى سوق العمل وتغيير سبل وادوات المواجهة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط