الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أصل وتاريخ.. سر ارتباط الفانوس بشهر رمضان المبارك منذ ألف عام

صدى البلد

فانوس رمضان.. من المعروف أن الفانوس يعد أحد أبرز مظاهر الاحتفال بشهر رمضان على مر العصور التاريخية، حتى أنه لا يكاد يخلو بيت أو شارع من الفانوس خلال الشهر الكريم سواء في إيدي الأطفال أو معلقًا أمام المنازل وفي الشرفات تعبيرًا عن الفرحة والبهجة بحلول هذا الشهر. 

والسؤال هنا هو: كيف أصبح "الفانوس" جزءًا لا يتجزأ من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك منذ أكثر من ألف عام حتى الآن؟

"الفانوس" في تعريفه العلمي هو جهاز يقي مصدر الضوء من الرياح أو المطر.

ووفقًا لما جاء في كتاب بعنوان "رمضانيات.. أدب- فن- نوادر" للكاتب "مصطفى عبد الرحمن"، فقد ذكر بعض المؤرخين أن "الفانوس" كلمة إغريقية الأصل تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة التي عُرفت في قديم الزمان، وهي مرادفة للمشاعل والمصابيح والشمعدانات والقناديل، وكان يُستخدم أيام الرومان، وكانت جوانبه تُصنع من القرون الرفيعة لحماية المشاعل الزيتية، وظل هذا النوع من الفوانيس مستخدمًا حتى العصور الوسطى.

وأفاد المؤرخون أيضًا بأن الفوانيس كانت خلال عصر النهضة تُصنع من المعدن المثقوب، في حين كان يتم استخدام الفوانيس المصنوعة من النحاس المشغول في الشرق الأوسط؛ ولم يظهر الفانوس بصورته الحالية المتعارف عليها في وقتنا الحالي سوى في نهاية القرن الماضي.

الفانوس في عصر صدر الإسلام:

خلال هذه الفترة كان يتم استخدام الفانوس كمصدر للإضاءة ليلًا سواء للذهاب إلى المساجد أو زيارة الأصدقاء والأقارب؛ وكان يُستخدم في الوقت ذاته لتنبيه الصائمين في وقت السحور، بحيث يشير إطفاؤه إلى أن وقت منع الطعام والشراب قد حان.

متى عرف المصريون "فانوس رمضان"؟

عرف المصريون فانوس رمضان تحديدًا أو يمكن القول إن بداية ارتباط الفانوس بالشهر المبارك كانت في الخامس من شهر رمضان لعام 358 هجريًا، وكان ذلك هو اليوم الذي دخل فيه "المعز لدين الله الفاطمي" القاهرة، وكان وصوله إليها ليلًا فاستقبله أهلها بحفاوة حاملين الفوانيس والمشاعل مع ترديد هتافات الترحيب.

ويُعتقد أن فكرة استخدام الفانوس باعتباره مظهر من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان وارتباطه به بدأت تظهر وتتطور في أعقاب ذلك شيئًا فشئ، فبعد أن كان يُستخدم في الإضاءة، بدأ الأطفال بعد الانتهاء من وجبة الإفطار يحملون الفانوس ويطوفون به في الشوارع والأزقة مطالبين بالهدايا من أنواع الحلوى التي ابتدعها الفاطميون، بحسب ما أوضح الكاتب.

وأخذت هذه العادة في الانتشار والتأصل حتى أصبح الفانوس مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بشهر رمضان حتى يومنا الحالي.

وفي السياق ذاته، جاء في كتاب بعنوان "معجم رمضان" للكاتب "فؤاد مرسي" أن بعض المؤرخين ذكروا أن الخليفة "العزيز بالله"، وهو خامس الخلفاء الفاطميين، هو أول من أمر بوضع الفوانيس أمام البيوت للإضاءة، في حين يقال إن الخليفة "الحاكم بأمر الله" هو أول من أمر الناس بأن يحمل كل منهم فانوسًا مضاءًا أثناء سيره في الطريق طوال رمضان.

وأفاد الرحالة الأندلسي "ابن الحاج"، الذي زار مصر خلال القرن الرابع عشر الميلادي/ الثامن الهجري، بأنه كانت من عادة المصريين آنذاك أن يعلقوا الفوانيس، وقد جعلوها مؤشرًا على جواز الأكل والشرب طالما كانت معلقة موقودة.

وليس ذلك فحسب، حيث كان من ضمن العادات التي ارتبطت بالفانوس في ذلك العصر أيضًا عدم خروج المرأة ليلًا سواء خلال شهر رمضان أو غيره من الشهور إلا ويتقدمها صبي يحمل فانوسًا مضاءًا بحيث يعلم المارة بمرور سيدة كي يفسحوا لها الطريق.

وكذلك أشار الكاتب "فؤاد مرسي" في كتابه إلى أنه خلال عصر الخلافة العثمانية كان الوالي العثماني كل عام يصادر أجمل وأكبر فانوس من صاحبه كي يرسله إلى الأستانة.