قال الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن رمضان ضَيْفَنَا الكريم قد تهيأ للرحيل، منوهًا بأنه ضيف عزيز، فهو شهر لا يُشْبِهُهُ شهر، مِن أشرف أوقات الدهر.
وأوضح «السديس» خلال خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، أن شهر رمضان قد سَعِدَتْ بمقدمه قُلُوبُ الموحدين، وأفئدةُ العارفين، وها هي تحزن لفراقه، وتأسى لتقويض خيامه، وكنا منذ أيام قليلة نستطلع هلال شهر رمضان، ونستشرف محياه بقلب وَلْهان.
ونبه إلى أنه بعد ساعات وربما سُوَيْعات نُوَدِّع شهر رمضان، وعند الله نحتسبه ونستودعه، وقد فاز فيه من فاز من أهل الصلاح، وخاب وخسر أهل الأهواء والجِمَاح، لذا ينبغي على المسلم تقوى الله سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أن مَنِ يتقي الله سبحانه وتعالى لم يَزْدَد مِنْهُ إلاَّ قُرْبَا، وتَزَكَّى بِصِيَامِهِ وأرْبَى، وسَمَا رُوحًا وقَلْبَا، فقال تعالى: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا».
وأضاف أن الأعمال بالخواتيم فعليكم بالاجتهاد فيما تبقى من الشهر؛ واحرصوا أن لا تَخْرُجُوا من رمضان إلا مَغْفُورًا لكم، لا تخرجوا مِنْهُ إلا وقد أُعْتِقَتْ رِقَابكم، ولتكن هذه النسمات الروحانية زادا ومُعينا لنا على صدق الانتماء لديننا وأوطاننا، وبداية لعهد جديد.
وتابع: في ظل ما تمر به أمتنا من محن وشدائد، فلقد جاءنا رمضان هذا العام في ظروف استثنائية فريدة لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر، فقال تعالى: « سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ » ، فلقد جابت جائحة كورونا آفاق الدنيا، فلم تترك بلدا إلا دخلته، ولا قُطْرًا إلا داهمته.
وأكد أن المؤمن الحق من يكون إيمانه دِرْعًا واقيًا له عند تعرّضه للأزمات، ومن تكون عقيدته بربه وقضائه وقدره، وحُسْنَ ظنه بمولاه، وصِدّقَ تَوَكُّلِهِ عليه حِصنًا حصينًا عندما تحل به الابتلاءات وتشتدُّ عليه الكُرُبات، مستشهدًا بقوله عز وجل : «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ»، وقال بعض السلف: «هو المؤمن، تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسلِّم» .