الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف تُخرِج قصة حياتك؟


لم نُخلَق عبثًا إنما خُلِقنا لحكمة إلهية قد تكون واضحة للبعض وقد تكون مبهمة للبعض الآخر، كُتِبتْ لكل منا قصة وربما مجموعة من القصص ، ذات طابع مميز ، لكل قصة أبطالها ولكن كل منا يظل في  قصة حياته البطل الأول والنجم الذي تدور الأحداث حوله ليتعلم من القصة وربما ليُعلِم الآخرين.

خُلِقَت الأرض والسماوات بكل ما فيها من تفاصيل دقيقة لتخدم تلك القصص وتكون في مجملها أماكن التصوير والتعايش، أماكن تشهد لك وعليك، ربما لم تلاحظ ذلك أو تاهت منك الحكمة فلم تدرك المغزي من القصة أو من مجموعة حكاياتك، ولكن لو دققت النظر، وجلست تسترجع شريط الذكريات وتحلل الأمور سوف تنبهر بالأحداث التي مرت عليك ،قد تكون قد أتقنت دورك بحرفية ليتعلم منك غيرك وقد تكون فشلت فشلًا ذريعًا ولَم تفهم  الحكمة من تلك الحكايات.

تحتوي القصص علي مجموعة من السقطات والنجاحات ، ربما تحيا حياة واضحة  ويكون لك دور بارز فيها وربما تحيا علي هامش الحياة، وفِي النهاية أنت البطل الأول، وتتساوي في تلك القصص المقادير مع إختلاف الأدوار في النهاية لا تخرج تلك القصص عن النطاق  الأسطوري للنزاع الدائم الأبدي بين الخير والشر، بين الضعف والقوة، وبين الحب والكراهية.

إذا راقبت الأحداث بكل دقة من المؤكد أنك سوف تحصل في النهاية علي ما وراء الأحداث من عبرة خفية لم تكن تدركها ولَم تكن في الحسبان، قد تتأرجح في قصتك بين الطيبة والمكر ،وقد تتعلم الحيل المختلفة التي تساعدك في التعايش وسط قصص الآخرين،المهم في النهاية أن تنجح وتنجو وتخرج من القصة في سلام وأمان.

حاول أن تتعلم الإخراج ،فالمخرج هو أساس نجاح القصة هو من يُعِلِم البطل كيف ينفعل وقت الإنفعال وكيف يضحك وقت الفرح، و يدرس كل التفاصيل لإنجاح المشهد في النهاية، فكن أنت مخرج قصتك علي تلك الأرض، لديك العديد من المعطيات، راقب وحلل الأمور بكل دقة حتي تستطيع أداء الدور بنجاح مطلق.

لديك مجموعة من السيناريوهات يمكنك أن تختار ما تستطيع تحمله،إدرس تباديل وتوافيق حياتك حتي تصل إلي معادلة عادلة يمكنك التعايش معها ،لا تنسي أن هناك من يشاهد قصتك ويشهد عليك ويراقب ردة فعلك، فلا تتعايش مع قصة الحياة الزائلة فتنسي الواقع المحسوم، فالحياة مرحلة تمثيلية تنتهي بالموت وتدفع في النهاية فاتورة الحياة كاملة ،إما أن تتعلم الحكمة وتحيا حياة أبدية مطمئنة، وإما أن تنقم وتفجر فيكون مصيرك الهلاك.

ربما نتناسي وسط زحام الأحداث أن لكل شئ نهاية، ونتساءل لماذا نحيا تلك الحياة ذات المذاق المُر، نتألم ونتعذب ونعاني ونُشَرَّد أحيانًا ، منا من يفقد الثقة في الخالق ومنا من يكفر بكل العقائد والأديان  ، ويستمر التأرجح  بين الثبات والانهيار ما دامت الدنيا، فكل ما يخفي عن الإدراك من الصعب تفهمه وتحمله إلا من القلة القليلة التي تمسكت باليقين فأطمئنت وصبرت حتي موعد الرحيل، وتظل أصعب مهمة لك علي وجه الأرض هي الإيمان غيبًا والإحتفاظ بالعقيدة والصمود أمام المعاناة.

حياتنا لا تختلف عن قصص الأساطير التي نسمعها لكل أسطورة غرض ومغزي، كذلك حكايات أهل الأرض ، ثم تنتهي القصة بعبرة، تتحدث عن مبادئ محددة مجملها قوة النور التي تقضي علي كل ظلام، والعدل الذي يدمر الظلم والحق الذي يزهق الباطل، فكن علي يقين رغم صعوبة الموقف أننا في النهاية نجد أنفسنا في تجارب مريرة وطرق وعرة، ونظل طوال القصص نبحث عن تلك الثوابت التي في مجملها تمثل صفات الإله العظيم، الخير المطلق والحق المطلق والنور الذي يقضي علي عتمة الشر، لنختار في النهاية إما البحث داخل أنفسنا عن النفخة الإلهية التي أحيتنا ونتمسك بها أو ننتمي إلي الشر ونختار الطواغيت.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط