الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عشان تبقى مراتي دنيا وآخرة.. قصة وفاء أب مثالي لزوجته الراحلة وتربية أبنائه الأربعة

الأب الوفي محمد السعيد
الأب الوفي محمد السعيد

لم تسرِ الحياة على وتيرة واحدة في حياة أب مصري أحب الحياة لوجود زوجته معه تشاركه «الحلوة والمرة»، أحبها حتى أصبحت هي الحياة في عينيه، أراد أسرة كبيرة لعدة أبناء تكون هي والدتهم، اسمها "أماني" وكأنها كانت كل الأماني التي طلبها وتحققت، حتى تُوفيت وتركته يواجه الحياة بوجهها القاسي برفقة أطفالهم الأربعة.

يحتفل العالم اليوم بعيد الأب، ويرصد «صدى البلد» قصة وفاء أب مصري لزوجته طوال 12 عامًا بعد وفاتها، كعادة الرجال انشغالهم بالعمل وعدم القدرة على تحمل مسئولية الأبناء يدفعهم للزواج مجددا بعد وفاة الزوجة الأولى.

ولكن محمد السعيد صقر صاحب الـ 65 عاما، دفعه حبه لزوجته بألا يتزوج بعدها، «إما منى وإما لا، لا أرى نساء بعدها» كانت هذه الجملة هي الأكثر ترديدا على لسانه، فحبيبته الغائبة اعتاد أن يناديها «منى»، اتخذ عهدا معها بأن يظلا في الحياة والموت معا وحين واجه هذا التحدي الصعب أثبت نجاحه فيه.


تقول ابنته سارة صاحبة الـ 27 عاما لـ «صدى البلد»، إن لها 3 أشقاء آخرون سمر (25 عاما)، سيد (23 عاما)، سعيد (22 عاما)، وتوفيت والدتها في 4 سبتمبر عام 2008، ووافق الرابع من رمضان، كانوا أطفالا لم تتجاوز سارة أكبر إخوتها عامها الـ 13.

غياب الأم أثر بشكل كبير عليهم، ولكن حاول الأب المتقاعد وكان يعمل مدير مبيعات بإحدى شركات المشروبات الغازية، أن يلعب دور الأب والأم فلا يشعر أعزاءه الصغار بغيابها، تارة ينهرهم لارتكاب خطأ ما وأخرى يعد لهم الطعام والحلوى المفضلة لهم.

تحمل الأب مسئولية الأطفال كاملة بعدما ابتعد عنهم بعض أقاربهم خوفا من تحمل مسئوليتهم، وكل ما كانوا يفعلونه هو تكرار عرضهم عليه للزواج، "احنا نفسنا حاولنا عرض عليه يتجوز لكن رفض".


«ربنا رزقني بـ منى واحدة وراحت، عاوز أبقى جوزها في الدنيا والجنة» هذه الجملة هي أول ما نطق به الأب محمد السعيد حين عرض عليه أبناؤه الزواج بعد وفاة والدتهم، ولكنه رفض حبا في زوجته الراحلة وخوفا من أن تفرق امرأة أخرى بينه وأبنائه، "عاوز أربيكم زي ما انا عاوز محدش يدخل ويفرق بينا".

12 عاما منذ وفاة الأم، حرص الأب أن يعيش برفقة أبنائه الأربعة كأصابع اليد واحدة، الأب موظف صباحا، وبعد الظهر طاهيا، وعصرا معلم يدرس معهم، ومساءا يقوم بدور الام ويقضي معهم الوقت في اللعب والحديث، هذه المهام كانت صعبة، ولكنه لم يبخل بجهد أو مال عليهم.


"بابا أكتر واحد اتأثر بوفاة ماما لأن بابا هو اللي شال المسئولية وربانا لوحده ومحدش ساعده وقعد بينا إحنا الأربعة وقال مش هسمح لحد يدخل بيني وبينكم ولا هسمح لحد يوصيني عليكو او يوصيكو عليا" كما قالت ابنته سارة".

غياب الأم أثر على الحالة النفسية للأبناء الأربعة والأب، الذي استطاع جاهدًا تعويضهم غيابها، حتى أنه تعلم الطهي وأصبح طاهيا ماهرا ليكافئهم بإعداد وجباتهم المفضلة تماما كما كانت تفعل الأم، اتبع بعض عاداتها في الحديث معهم في المطبخ خاصة الفتاتين.

استرجعت سارة أول عيد أم بعد وفاة والدتها، حيث راعى الأب ألا يمس مشاعرهم بأي سوء، ومساء 20 مارس قال لهم "هنغيب بكرة كلنا ونقضي يوم حلو مع بعض"، كان يعلم أن حالتهم النفسية ستتأثر بحفلة عيد الام التي تعقد سنويا في المدارس، فـ غابوا جميعا وحاول إرضائهم بحفلة شواء لكل الأصناف الذين يحبونها، كانوا أطفالا آنذاك، ولكن اشترط عليهم في بداية اليوم أن يصلوا معا ويقرأوا القران لوالدتهم.

"أول عيد أم من غير ماما كان وحش بس بابا قدر يخليه يوم حلو" هذا ما قالته سارة عن والدها، الذي توالت مفاجآته لابنائه الصغار على مدار هذه الاعوام الطويلة، فأول يوم يذهبو للمدرسة بعد وفاتها توقعوا أن يعودوا ويجدوا المنزل بدونه بسبب مواعيد عمله المتأخرة، ولكن تفاجأوا بأنه موجود قائلا: "مش هتيجوا يوم تلاقوا البيت فاضي".

يضع الأب الوفي صورة زوجته مطبوعة بحجم كبير على جدار بمنتصف الصالة، يجلس أمامها بالساعات ليتحدث معها عن كل ما يمر به، هذا الركن هو «ركن الأماني» كما يطلق عليه، يغمض عينيه ويتحدث معها وكأنه معه تجيبه وتحاوره، "بابا أعظم أب في الدنيا الكلام لا يمكن يوفيه حقه" كما قالت سارة.