الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثقافة التباعد الاجتماعي أمر واقع


ظهر مصطلح التباعد الاجتماعي أول ما ظهر من خلال وسائل الإعلام الفرنسية، حيث أصبح المصطلح منتشراً بين جميع دول العالم في ظل جائحة كورونا الوباء العالمى، وتختلف ثقافة التباعد الاجتماعي قبل ظهور جائحة كورونا بقرون عديدة حسب عادات وثقافات الشعوب المختلفة.

فنجد ان الشعوب العربيه بوجه عام تهتم بشكل مبالغ فى عادات التقبيل والاحضان والسلام باليد على القريب والغريب بمناسبة او غير مناسبة.

فالشعوب العربية شعوب تعبر بالجسد عن الحميمية فى العلاقات من خلال التعبير الجسدى وعبارات المدح والترحاب بشكل أساسي يعكس مدى الكرم والحفاوة فى العلاقات الانسانية .

ونجد أن شعوب أوروبا وأمريكا يعبرون بأسلوبهم عن الترحاب بالعبارات اكثر ويحتفظون بمسافة من الحيز الشخصى والمكانى فى تعاملتهم اليومية، ولا يسمح لأحد بتجاوز تلك المسافات غير المقربين جدًا من بعض الاصدقاء والاهل والاحباب .

فالشعوب جميعها لها مجموعة من العادات والتقاليد الاجتماعية التى تتوارثها جيل وراء جيل وتحافظ عليها وتتمسك بها حفاظا على هويتها الشخصية التى تميز كل بلد عن الأخرى .

ومع ظهور وباء كورونا المستجد منذ قرابة الست شهور الماضيين وما زلنا نكافح من أجل البقاء ومازلنا فيما يطلق عليه الحجر الصحى المنزلى خوفا من انتقال المرض بين الأفراد ومازلنا نعانى من فرض القيود والحظر والتباعد الإجتماعى بين الأشخاص .

ومازالت الحكومات والدول تحذر من التقارب بين البشر وفرض القيود الاحترازية لتجنب الإصابة ونقل العدوى ومنها التباعد وارتداء المسكات وغسل اليدين واستخدام الكحول عند ملامسة الأسطح .

وفى ظل كل هذا ومع استمرار انتشار الوباء وحصد الملايين من البشر اما بالاصابة أو بالموت ، نجد أن الفطرة الانسانيه فى خلق الانسان ككائن اجتماعى محب للاجتماع والتأنس ببنى البشر والتواصل مع بنى جنسه ، اخذ الوان واشكال مختلفة نابعة من المخزون الثقافى لكل دولة.
 
فنجد هناك من أساليب التحايل والتكيف مع الوضع الراهن ظهرت فى العديد من دول العالم بعضها يدل على عمق الوعى وحب الذات والحفاظ على النفس وعلى الآخرين ، وبعدها اخذ اشكال من اللامبالاة والاتكالية والأنانية وعدم الوعى الناتج عن انخفاض الحس الوعى الجمعى لأفراد المجتمع .

فنجد بعض الأفراد من الشعوب العربيه تعاملوا مع الوباء من منظور دينى فقط ، وأن الأمر كله متروك للمولى سبحانه وتعالى كنوع من التواكل دون الأخذ بأى إجراءات احترازية لتجنب الإصابة بالمرض .

والبعض الآخر لجأ الى الوصفات الشعبية من عند العطار كنوع من العلاج والوقاية من المرض على الرغم من حيره العلماء بالمعامل للتوصل لعلاج للوباء الجديد .

وهناك من يرجع الأمر كله لنظرية المؤامرة وان وراء الوباء مخطط عالمى للسيطرة على الدول وما يعرف بحروب الأوبئة وان لديهم العلاج الفعال ولكنهم ينتظرون الوقت المناسب للخلاص من جزء كبير من البشرية 
وشريحه اخرى من البشر من أصحاب الدخول المنخفضة او ما يعرف بالعمالة اليومية واصحاب المهن الحره تحايلوا على الوضع فى سبيل لقمة العيش وضربوا بكل الإجراءات الاحترازية بعرض الحائط فمنهم من عمل باب خلفى للمقاهى وتم تقديم الشيشة والمشروبات وتكدس المكان بالرواد دون أدنى اعتبار للوباء الجديد والخوف على حياة البشر ، ومنهم من فتح جراج منزله لاستقبال الطلبة والطلبات لاعطاء الدروس الخصوصية بحجة الخوف على مستقبل الأبناء دون ادنى اعتبار لانتقال العدوى والإصابة بين الطلاب وبعض القرى بالمحافظات والمناطق الشعبية استمرت فى إقامة الصلوات فوق أسطح المنازل وبجراجات العمارات وإقامة الأفراح وإقامة الجنازات وتقبل العزاء والتجمع فى المناسبات المختلفة دون ادنى مسؤولية اجتماعية او اخلاقية.

أرى أن هناك بعض السلوكيات يجب ان نتمسك بها وندمجها فى ثقافتنا بعد زمن كورونا ، منها ثقافة النظافة الشخصية التى نستمدها من الدين الأسلامى والدين المسيحى ونادت بها جميع الكتب السماوية ، ثقافة غسل اليدين باستمرار سواء فى زمن كورونا او بعد زمن كورونا ، ثقافة العمل والانتاج والاجتهاد فى الحصول على لقمة العيش والبحث عن سبل غير تقليدية للانتاج وتأمين لقمة العيش ، ثقافة التباعد الاجتماعي من خلال إعطاء مسافة بينك وبين الشخص الآخر وهو ما يعرف بالأريحية فى التواصل بين الأفراد ثقافة المسافة الآمنة بينى وبين من اتحدث معه فكلها من سلوكيات السلامة والأمن الصحى فى التعامل بين البشر ، ثقافة الحفاظ على الملبس والادوات الشخصية بشكل نظيف طوال الوقت ، ثقافة الأكل الصحى وممارسة الأنشطة الرياضية بشكل منتظم ، ثقافة الالتزام بالمنزل فى فترات الليل ماعدا ايام العطلات والاجازات ، تبنى أسلوب ونمط حياة مختلف يتماشي مع التغير فى البناء الاجتماعى والثقافى الجديد بعد زمن الكورونا، وللحديث بقية . 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط