الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصطفى الشيمى يكتب : 24 ساعة كورونا ...!

صدى البلد


لازلت أترنح من آثار التعب وقلة النوم وأكتب وأنا فى غاية الإرهاق ووجهى شديد الإصفرار ملاحظًا إعيائى ولكن التجربة أجبرتنى على سردها لأنها قد تحدث بعد ذلك أمرًا  ، أو تكون لحظة تحوَل فى حياتى بإعتبارها لحظة قدرية تغير مجرى الحياة من حيث لا أحتسب ، وقد يكون لها بالغ الأثر فيما سوف أتخذه من طريق بعد ذلك الحياة ... فقد شعرت بإعياء شديد وصداع شبه مستمر بجانب كل الأعراض التى حفظناها جميعًا عن ظهر قلب مما جعلنى أفسر فى عجالة أنى قد أصبت . 

وطرأ بفكرى بعض المشاهد التى قد تكون سببًا فى الإصابة وخصوصًا أن ما شعرت به يتخطى أعراض البرد العادى وأنى فقدت القدرة على الحركة ولم يستقر شئ فى معدتى ولا أقوى على المشى ، ولأن الأمر كذلك قررت أن أتعامل مع حالتى بشئ من الإهتمام وأن أعرض نفسى على مستشفى يتوافر بها التحاليل والاشاعات كى أحصل على التشخيص الكامل لحالتى وأن أقف على ما أعاني منه ، مشيت ببطء إلى المستشفى  وانتظرت دورى بفارغ الصبر وحدث موقف قد يكون فارقا فى حياتى ، فأثناء انتظارى سمعت صوت بكاء منخفض لإحدى الجالسات وهى تتحدث فى الهاتف لتبلغ أحد أقاربها بأن والدتها قد توفت بالعدوى ، يجلس والدها وأخواتها بجانبها يصححون البيانات الخاصة بمراسم تشييع جنازة الأم ، أدركت أنى قد أصل إلى هذه الحالة ودبدبت على الأرض لأننى لم أوصى أحدًا بشئ وأننى لم أكمل شئ للنهاية وكل باب فى حياتى لم يحكم غلقه أو ينتهى أمره .

 وبعد نصف ساعة وقد تعرضت لنوبة يأس قاتلة وأسمع كل الأحاديث وأطبقها على نفسى فجأة دخلت سيدة عريضة الأكتاف تطلب بحضور أبناء المتوفية كى يساعدونها فى حملها ، فعم الصمت وتنصل الأبناء من نقل جثمان أمهم ورؤيتها للمرة الأخيرة وتطوعت ومعى شخص آخر لحملها وارتديت قفازًا وقناعًا إضافيًا وحملناها سويًا كى يثلج الماء جسدها الذى أرهقه المرض ، نظر زوجها إلى  قائلًا " إلهى ما تشوف فى جسمك المرض " .


عاودت إلى مكانى مُسرعًا كى لايضيع الدور على، وكان حضورى فى الوقت المناسب . فدخلت حجرة الأشعة وفى رأسى ألف فكرة .. أبنائى ... أهلى ... عملى .... دراسة الماجيستير التى لم أكملها وكيف سيكون الوضع الحالى وأنا لازلت أعانى من الحمى وضيق التنفس وجسمى متفرق لا يقوى على الوقوف .

 بعد أن انتهيت من الأشعة خرجت الطبيبة المختصة متوجهة إلى فى خطوات حازمة تنهرنى ، ترفع لى حاجبها، و تتوعدنى قائلة : أنت فولان .... قولت نعم ، قالت وإيه اللى جابك هنا ،اشاعتك وتحاليلك زى الفل ، رجعت لاقاومها فى الرد قائلا : طب والأعراض ....،أسكتتنى بنظرة صارمة وفسرت لى سبب أعيائى  فرجحت أن يكون هناك أى سبب آخر غير الكورونا أولها التوتر ...!


عدت إلى منزلى وأنا أفكر فيما لايؤمن به الطب وأن هذه الدعوة التى خصنى بها هذا الكاهل قد تكون هى المنجية وأن الدعاء قد يغير مجرى القدر بمزيد من الثقة فى الله ، فهى لحظة فارقة قد تكون إشارة سمعتها فوقعت فى نفسى موقعًا أعمق مما بدا للآخرين. 

قد يكون إنسانًا التقيت به بدون تحضير ، فكان هذا اللقاء الطارئ أبعد أثرً فى شخصيتى و أفكارى ورؤيتى للحياة ... أكتب ولازلت أعانى ولكن الدعوة لازالت ترن فى أذنى ولا أسمع دونها ...