الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سماح أبو هشيمة تكتب: متلازمة لا تغيب

سماح أبو هشيمة
سماح أبو هشيمة

لا يزال صوت عقارب الساعة مستمر حتى أنه يُحدث ضجيج كأنه مُوّصل بأحد مُكبرات الصوت يتبع السكون بين كل دقتين نيران تسري في نفس صاحبها ،، إنه مُنتصفالليل او أنه الليل كله متواصلًا حتى بداية اليوم التالي و الأيام التالية !. 

رجلٌ عائد من عمله يفكر فيما سيحدث في اليوم التالي ، من أين سيُدبر مصروفات عائلته هذا الشهر ؟.

امرأة تطوي الملابس تُفكر هل سيكفي عمل زوجها فقط ام ستضطر إلى إضافة مساهمتها في عمل آخر ؟.

طفل يحلُم باللعبة التي سيشتريها له أبواه ستكون دُمية ام لعبة تضم اجزاء متعددة ؟. 

شاب تركته حبيبته دون توضيح يُرهقه التفكير حول ان كان هناك شخص آخر أم كان ذلك نابعًا من عيوبه التي لطالما يُهوّلها ؟.

فتاة تتحدث لصديقها الذي اعتربته حبيبًا و لاتزال في موجة تردد عارمة حول أن تخبره بحقيقة شعورها ام تظل صامتة ؟.

جميلة تُعيد النظر في كل ما مرّ بها الى يومنا هذا من مواقف وأشخاص و كل ما حل بها في كل الأيام ، تحزن لماضيها أو أنها تقلق لما سيأتي بها مع استمرار الندم علىكل ماقررته يومًا ، هل سيتكرر السيناريو أم لا ؟. 

عجوز يتألم من شدة خوفه على احبابه من مرض مستجد يهاجم العالم و كُلًا في حاله لا يُعير الوباء اهتمامًا .

إنها لعنة التفكير !.
حين يُجهِد المرء عقله حول موضوعًا واحدًا و يُشتت انتباهه حول كل ماعداه .

بتتابع الأيام ، دائمًا ما تجد نفسك منخرطًا في معزل من الهموم أو لنقل اسوار متتابعة كلما عبرت واحدًا منهم وجدت نفسك في مواجهة آخر ، ولا يكاد يخلو التفكير فيكل سور من التفكير في آخر ، تكرر عرض الاسئلة نفسها عليك ، تعبث بين أوراق ماضيك ، حاضرًا بين الجميع لكنك غائبًا بفعل التفكير .

إنها عقارب التفكير المُفرط "Overthinking" ، تقتحم عقل المرء تدهس انتباهه و تصيبه بنوبة تفكير بأمر ما و تعرقل كل مايُعاديه كأنما غلّفه الضباب .

يتناوب المرء خلال أيامه الخوف ، القلق ، الإجهاد ، و محاولات النوم في سبيل مواجهة الأرق ، يتبعثر نظامه الروتيني إلى آخر تجهده الدقيقة الواحدة منه .

كمّ من المعاناة التي تستحق أن يتكور المرء في بقعة ما يواجه أمر لا يستطيع أن يتهاون في حقه او لا يعيره اهتمامًا ، أو يندمج وسط العالم داخل عالم خاص به يدور كلهحول شخص او موقف واحد فقط ! .

رُبما تتعدد التساؤلات لدى المرء التي تفقد اجابتها حول ان كانت إصابة الفرد بالمتلازمة هي من فرط التهاون في حق نفسه حتى يستسلم ويرمي كل ما تدور عليه حياته ويجعل محورها واحد ليس له ثانِ ، أم هي متلازمة تقحم نفسها فورًا دون تفكير على عقل المرء فتُخدّر اهتمامه بكل أموره ماعدا احدهم .

هل تلك الأمور تندرج نحو ماضيه فقط أم حساباته لما سيكون عليه المستقبل ، تتحكم بها عواطفه ويغيب عنها كل معانِ العقل والحكمة التي يمتكلها الشخص العادي فيحياته العادية أم يغيب العقل والعاطفة معًا ويبقى هامدًا في حالة من التيّه تابعًا لما سيسوقه إليه عقله .

ثمة أمور لا يمكننا التغاضي عنها ولكن إن فعلنا ! ، تبقى لعنة التفكير أحد الزوار الذين يقتحمون عقولنا من حين لآخر تعكر صفوها و تُهَمّد أعضائنا ويقع على عاتقناخليط من الانفعالات لم تُحدد وجهته بعد .