الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قوة الكتاب


يقول المولي عز وجل في كتابه الكريم  "يَا يَحْيَىٰ خُذِالْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" (12)..
إنه أمر إلهي جليل يحمل الكثير والكثير من المعاني التي غابت عنا في هذا العصر و هذا الزمان .. يا يحيى خذ الكتاب بقوة أمر مباشر ليحيى ولكل عباد الله جل في علاه بالتمسك بقوة الكتاب ..ويكأن السر يكمن في الكتب السماوية،، فتتحول تلك القوة إلي طاقة جبارة  تصنع المعجزات فتجعل الصبي حاكمًا بفضل من عند ربه وحنانًا وزكاة، والأمر لا يقتصر علي يحيى نبي الله،، ولا علي الوصول للحكم استنادًا علي قوة الكتاب،، إنما الأمر للعامة من عباد الله وخلقه،، فنحن نحيا علي أرض غير أرضنا ،، وحياة مؤقتة غير أبدية حتي يأتي وقت الرحيل ليعود كل منا إلي عالمه الذي ينتمي إليه ،، منا من يسكن جنات النعيم ،، ومنا من يذهب مع الشيطان ،، وآخرون تائهون في مملكة السماء ينتظرون العفو والمغفرة .


يا يحيى خد الكتاب بقوة ،، بلاغة قرآنية منفردة لا مثيل لها اجتمعت مع اسم منفرد لم يكن معروفا من قبل لأهل الأرض وهو اسم يحيى نبي الله ، اسم مأخوذ من الحياة ،، كأنه سر من الأسرار يُعَلِّمَه الخالق لعباده الصالحين،، من يبغي الحياة فليتمسك بقوة الكتاب ،، والقوة لها دلالة بلاغية تفيد التمسك بفهم وحذر وترقب حتي لا يقع المرء في غياهب الفتن ،، فينسي الكتاب ويسقط دون أن يشعر في المعصية فيصبح من الخاسرين .


قوة الكتاب هي النور الذي يضيء الدروب المظلمة، وهي الأمل الذي يسري في النفوس فيعطي القلب سببًا للتحمل وصبرًا علي الشدائد ،، القوة الربانية المنبعثة من الكلمات تفعل بالفعل المعجزات ،، وتغير الأقدار وتحول اليأس إلي أمل من جديد،، ربما لا يشعر الكثيرون بها ،، ولَم يتدبرها آخرون،، ولكنها حقيقة خفية لا يعلمها إلا فئة قليلة من المقربين ،، بقوة الكتاب التي تفتح باب اليقين  تتغير الأحوال فيذهب المُلك ويخسر المتكبرون مهما كانت قوتهم فلا أحد يستطيع أن يقف أمام قوة اليقين بإله يملك وحده سر كن فيكون .


لكل من بات حزينًا بائسًا ،، كيف تحزن وللأرض رب كريم أعطاك الدليل لتحيا به،، كتب من نور ،، رسالات سماوية تمنحك القوة التي تُحرك الساكن ، وتُحيي الأرض بعد موتها ؟ يا يحيى خذ الكتاب بقوة هو أمر إلهي يضيء الطريق لكل من غاب عنه النور، لكل من استوطن الشيطان  طميه فأصبح شاردًا حزينًا ، إذا كنت تخاف من ظالم وجبار تذكر موسي عليه السلام وتذكر الكتاب.. إذا كنت فقيرًا لا تجد قوت يومك عد إلي كتاب الله وابحث عن مفتاح الوصل بينك وبين الملك العظيم حتي تُفْتَح لك خزائن السماوات فتحيا في عزة وكرامة ، إذا كنت تحيا وسط الفساد تذكر قصة سيدنا لوط وتذكر قوة الكتاب وسوف تبهرك قدرة الإله العظيم الذي سيرشدك بفضله و يشق لك طريقًا للنجاة.


أسرار وحكايات دونتها لنا الكتب السماوية كدليل وإرشاد ولكن ينسينا الشيطان تلك الأسرار فنتوه ونيأس وتحتضر قلوبنا حزنًا من شدة التعاسة والبؤس، نفتح بإيدينا أبواب الشيطان ، نغلق أبواب الأمل في وجوهنا ونستمع إلي عدو الله فإذا بِنَا أموات علي أرض الحياة. نور القلب قد انطفأ وامتلأت العيون بالظلام، لم نعد نري أنفسنا لم نعد نستمع إلا للعدو المبين.. تناسينا أننا هنا علي أرض مقدسة ، أرض مروية بماء الجنة لنحارب الشر ونحيا تجربة الخلافة كل منا في مجاله لفترة محددة بزمان ومكان ثم ينفخ في الصور فإذا بِنَا نصحو من غفوتنا وتمر الحياة الدنيا أمام أعيننا كأنها يومًا أو بعض يوم وربما كأنها حلم وانتهي إلي زوال بلا رجعة .


كل منا تشغله فتنته ويلهث بحثًا عن الراحة والأمان وربما بحثًا عن السعادة في أرض الشقاء  حتي يحين الرحيل وننتقل إلي الحياة الحقيقية الأبدية  ، حياة الخلد والجنة حيث لا موت، لا حزن، لا خوف ، حيث الملك العظيم العادل الذي تتم بفضله المعجزات، فلا تيأس ولا تبتأس فقط تنبه لفتنتك ولا تصدقها ، حتي لا يتملك منك اليأس والحزن ويلعب بك الشيطان، تذكر أن الحياة الدنيا حياة قصيرة لا تتعدي بضع دقائق  بزمن أيّام الله ، فاليوم عند المولي عز وجل بألف سنة ،، فلا تصدق الزائل لتحظي بما هو باقِ.. وتعود من غفوتك إلي مولاك الحق لتحيا حياة الخلد والسرور.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط