الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أبعاد الهيمنة الكولونالية التركية الإيرانية


دائما بعد الغزو الكونولونالى ونجاحه فى دول الشرق الأوسط تأتى تقنيات وآليات فرض الهيمنة الكولونالية في نظرية العلاقات الدولية، تشير الهيمنة إلى حالة (1) عدم تناسق مادي كبير لصالح دولة واحدة، لديها (2) قوة عسكرية كافية لهزيمة أي منافس محتمل في النظام بشكل منهجي،
(3) التحكم في الوصول إلى المواد الخام، الموارد الطبيعية ورأس المال والأسواق، (4) لديها مزايا تنافسية في إنتاج سلع ذات قيمة مضافة، (5) يولد أيديولوجية مقبولة تعكس هذا الوضع الراهن، و(6) يتم تمييزها من الناحية الوظيفية عن الدول الأخرى في النظام، حيث يُتوقع منها توفير بعض السلع العامة مثل الأمن أو الاستقرار التجاري والمالي. 

 وفى الماركسية نظرية للهيمنة الثقافية، المرتبطة بشكل خاص مع أنطونيو غرامشي، هي فكرة أن الطبقة الحاكمة يمكن التلاعب في نظام القيم والأعراف في المجتمع، بحيث جهة نظرهم، بمعنى أن الطبقة الحاكمة تتعامل مع المجتمع وكأنها غازية وليست جزءا أصيلا منه. 


يستخدم جرامشي عادة مفهوم الهيمنة لتعني الطرق التي تفوز بها السلطة الحاكمة بالموافقة على حكمها من الجمهور العام، فيظهر للعالم وكأنه تبرير منطقى للوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الراهن - كأنه طبيعي، لا مفر منه، بعبارة أخرى مختصرة مفيدا لكل طبقة اجتماعية، وليس كبنى اجتماعية مصطنعة مفيدة للطبقة السائدة فقط، والهيمنة الكولونالية الشرق أوسطية على فكرة الجوار كسبب للتمدد المهيمن، وهذا الجوار يمكن أن جوارا فى إطار المجتمع الطائفى أو الاثنى المتعدد، أى تغلب طائفة على أخرى أو الجوار يأتى ليشير لمعنى مذهبى فى إطار الدين الواحد.

وللعلم كثير من الصراعات الأوروبية الأوروبية يتمكن تفسيرها فى إطار الصراع حول حدود التمدد المذهبى أو الطائفى أو اللغوى فى إطار البلد الواحد أو فى بعض الأحيان يتم تغيير المذهب للحفاظ على الهوية أو الانفصال وتأسيس وحدة دولية جديدة.


فى هذا الإطار يأتى بناء هيمنة كولوناليه فى تركيا وإيران.


بدأت السلطات المحلية فى 16 يونيو 2020 في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة والمتشددة شمال غربي سوريا، باعتماد العملة التركية في التداول اليومي، بعدما سجلت الليرة السورية الشهر الحالي انهيارًا غير مسبوق، وجاء هذا الإجراء قبيل بدء تطبيق قانون "قيصر" الأمريكي، الذي يدخل حيز التنفيذ، الأربعاء، ويفرض عقوبات مشددة على النظام السوري والمتعاونين معه، من شأنها وفق محللين أن تطيح أكثر بالليرة السورية.

الأمر الذى لا بد أن يقترح أن هناك قدرا من التنسيق الدولى بين السلطات المالية بين السلطة الكونونالية والولايات المتحدة الأمريكية والبنك  الأوروبى المركزى، وقال المسئول الاقتصادي في "حكومة الإنقاذ"، التي تُعد بمثابة إدارة محلية تابعة لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا): "صدر
توجيه من الحكومة إلى الفعاليات الاقتصادية والتجارية وشركات الصرافة بتأمين فئات صغيرة من العملة التركية ليتم تداولها في المناطق المحررة لتكون بديلًا من الليرة السورية". 


وداخل مؤسسة مالية محلية في مدينة سرمدا شوهدت أكياس بلاستيكية مليئة بأوراق نقدية تركية من الفئات الصغيرة وعملات معدنية، فيما
بدأت محطات وقود في تحديد أسعارها بالليرة التركية.


واحد من تقنيات الهيمنة الكولونالية فى إفشال العملة الوطنية وطرح عملة الغازى باعتبارها الأكثر ملاءمة وقوة، تجاوز سعر صرف الليرة السورية عتبة ثلاثة آلاف مقابل الدولار قبل أن تنخفض قليلًا، ما تسبب بموجة غلاء غير مسبوقة، وتبع ذلك إعفاء دمشق رئيس الحكومة السورية عماد خميس من مهامه.


ويأتي بدء تداول الأوراق النقدية الصغيرة والمعدنية بين المواطنين في إدلب، بعدما كانت الأوراق النقدية الكبيرة تستخدم سابقًا في العمليات التجارية المتوسطة والكبيرة حصرًا.

وبناء على الإجراءات الجديدة، حددت "حكومة الإنقاذ"، وفق بيان صادر عنها، سعر كيس الخبز الذي يضم 10 أرغفة بليرتين تركيتين. 


وأكد مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الجمعة أن "السلطات المحلية في منطقة إدلب وشمال حلب بدأت باتخاذ خطوات باتجاه استبدال الليرة السورية بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي للمبادلات الرسمية واليومية، وبينها دفع الرواتب، للتخفيف من تقلب سعر الصرف.


وبدأت مطالبات بضرورة "فك الارتباط بين اقتصاد الحكومة السورية واقتصاد المناطق المحررة"، بعد "إغلاق عدد من المحال التجارية والمصانع وغيرها أبوابها"، وقال إنّ "حكومة الإنقاذ" بدأت نهاية الشهر  مايو 2020 دفع رواتب موظفيها بالليرة التركية، وبهذا، تنضم إدلب إلى مناطق أخرى في شمال سوريا، تمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في الريف الشمالي الغربي، بدأت منذ دخول القوات التركية إليها بدءًا من عام 2016 اعتماد العملة التركية تدريجيًا إلى جانب الليرة السورية، هذا فى الوقت، من ناحية ثانية، الوفاق الليبية فى بناء لمنهج للربط المالى تركيا وسلطة السراج، عقدت سلسلة من الاجتماعات بين محافظ مصرف ليبيا مع مسئولين ماليين أتراك بارزين، مثل وزير المالية والخزانة التركي براءت ألبيرق، ومحافظ البنك المركزي التركي مراد أويصال.


ورغم التعتيم الذي صاحب هذه اللقاءات، حيث اكتفى مصرف ليبيا المركزي بالإشارة إلى أنها ناقشت "قضايا ذات اهتمام مشترك"، إلا أن
خبراء ومراقبين أكدوا أن تقديم الأموال على شكل ودائع لتركيا، جاء لضمان استمرار دعم أردوغان لحكومة فايز السراج.


ووفق
رئيس لجنة إدارة أزمة السيولة في مصرف ليبيا المركزي، رمزي الآغا، على إجمالي الودائع التي قدمها محافظ المصرف
الليبي المركزي لتركيا بلغت 8 مليارات دولار.


قال رمزي الأغا، إن الاجتماع الذي عقده الصديق الكبير رئيس البنك المركزى الليبى مع محافظ البنك المركزي التركي ووزير المالية التركي، كان يهدف لوضع الصيغة التنفيذية للاتفاقية الموقعة من جانب فايز السراج، والتي تدور حول تعويض الشركات التركية المتعاقدة مع
الدولة الليبية إبان حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، والتي قد تصل قيمتها لحوالي ثلاثة مليارات دولار.


واعتبر الأغا أن الصورة التي جمعت بين أردوغان والصديق الكبير، تبعث برسالة إيجابية للشركات التركية بأن رئيس النظام التركي قد نجح في كسب تعويضات لها. للصديق الكبير مقال من جانب مجلس النواب الليبي، ووجوده في هذا المنصب هو بفضل دعم الميليشيات له. 


وبحسب خبراء، فإن الودائع التي حصل عليها أردوغان ستستخدم لسد العجز المتفاقم في البلاد، إذ أظهرت بيانات من معهد الإحصاءات التركي ارتفاع عجز التجارة الخارجية لتركيا 102.7 في المائة على أساس سنوي في مايو إلى 3.42 مليار دولار، كما سجلت الليرة
التركية في منتصف يونيو 2020 ، أدنى مستوى لها منذ نحو شهر، بهبوطها أكثر من 1 في المائة إلى 6.8610 مقابل الدولار.


كذلك ستمثل الودائع مرحلة جني أردوغان لثمار التدخل العسكري التركي في ليبيا، حيث أكد الأغا أن حكومة السراج- المدعومة من تركيا- وقعت عقودا خاصة بالطاقة والإسكان ومشاريع أخرى مع الجانب التركي منذ عدة أشهر، تصل قيمتها إلى خمسة مليارات أيضا.


أقام الوكيل الأول لإيران هو حزب الله اللبنانى بتفيذ مخطط كامل لجعل لبنان دولة فاشلة ماليا ومؤسسيا. لن تنجح الحكومة التي يقودها حسن دياب في إنقاذ الاقتصاد اللبناني طالما أن إصلاحاته المرصودة مصممة لتناسب احتياجات حزب الله وحلفائه الإقليميين - وطالما كانت الأولوية الأولى لرئيس الوزراء هي البقاء في السلطة مهما كان الثمن.


هذه الحكومة هي في الأساس ورقة تين لتحالف الأحزاب السياسية بقيادة حزب الله، وهو كيان موال للنظام الإيراني في طهران.


عملت إيران على خلق وضع اقتصادى يشكل تهديدا خطيرا لسيطرة النظام على السلطة فى لبنان، لذلك اختارت توجيه انتباه الجمهور الإيرانى بعيدًا عن تحدياتها الداخلية بطريقتين: 1- الانخراط في عمليات عسكرية عالية المخاطر في المنطقة من شأنها أن تجبر الولايات المتحدة على الرد بطرق قد تكلف الرئيس دونالد ترامب فرص إعادة انتخابه هذا العام؛ 2- وحشد جبهة الإقليمية في العراق ولبنان التي تعارض أمريكا.


مع كون حزب الله سلاحًا هامًا في الترسانة الإيرانية، فإن طهران لديها هدفان عازمان على تحقيقهما في لبنان. أولًا، تعتزم المساعدة في تعزيز هيمنة حزب الله على البلاد من خلال قلب نظامه المصرفي واقتصاد السوق والنظام السياسي والدستور. ثانيًا، تأمل في القضاء على جميع احتمالات قيام انتفاضة شعبية تطالب بالإصلاح والمساءلة، لأن هذا لا يمكن أن يسقط الطبقة الحاكمة الفاسدة في بيروت فحسب، بل يعرض أيضًا هيكل سلطة حزب الله لمخاطر كبيرة  وهذا خط أحمر لطهران.


لذلك من المهم أن تتوقف القوى الأوروبية عن الدعوة، كما فعلت، لإعطاء حكومة دياب الوقت وفرصة لإثبات أنها جادة بشأن الإصلاحات، هذه ليست حكومة تكنوقراطية، كما تدعي، بل مؤسسة ذات ظل واحد يدعمها حزب الله وحليفته الحركة الوطنية الحرة، ويمثلها الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل. 


من الواضح لجميع الأطراف أنه لا توجد طريقة لإنقاذ لبنان من الانهيار إلا من خلال مفاوضات جادة مع صندوق النقد الدولي، والتي
ستفتح الأموال الخارجية المشروطة بإصلاحات جادة، رفض حزب الله تعاون بيروت مع  الصندوق إلا بشروطه الخاصة التي أقرها
الرئيس عون وجبران باسيل، ومن المعروف أنهما يمتلكان مفاتيح قطاع الطاقة في لبنان، وبعبارة أخرى، فإن حوارا يقوم على منع أي تدقيق في  أوراق الحكومة، خاصة في قطاع الطاقة الذي أفلس الدولة، وقد قاوم صندوق النقد الدولي حتى الآن مناشدات الحكومة. 


إن رد صندوق النقد الدولي كان يشير إلى تقصير لبنان في سندات اليورو الخاصة به كسبب لرفض طلبه، وفي الوقت نفسه، حتى مع استمرار ازدياد الغضب الشعبي بشكل واضح في الشوارع، يبدو أن معظم هذا التركيز موجه إلى القطاع المصرفي.


تجدر الإشارة إلى أن البنوك ليست محصنة ضد هذا النوع من الصفقات السياسية التي جعلت لبنان على شفا الانهيار الاقتصادي، يأمل حزب الله في الاستيلاء على الدولارات من هذه البنوك وبناء صندوق حرب العملات الأجنبية لنفسه يمكن استخدامه لرعاية معاركه الإقليمية.


وهذا يضع البلاد في وضع خطير، ومما زاد الطين بلة انتشار الفيروس التاجي، الذي لم يؤد فقط إلى إزهاق الأرواح وسبل العيش وتدمير الاقتصاد، ولكنه ترك القوى العالمية مشغولة بأولويات أكثر إلحاحًا في ساحاتها الخلفية.


يبدو أن خطط إدارة ترامب أقل تركيزًا على حزب الله منها على طهران، حيث إنها تخطط لفرض عقوبات إضافية على إيران في الأسابيع المقبلة.


هذه الخطوة، كما قيل لي، يمكن أن تدفع طهران إلى شن شكل من أشكال العمل العسكري كعرض للقوة، وستأخذ لبنان كله رهينة، لذلك، في الأيام
والأسابيع المقبلة، من المقرر أن تزداد الصعوبات التي تواجه كل من إيران ولبنان.


وبينما نتوقع تصعيدًا في التوترات، سيصبح الدولار سلاحًا أكثر أهمية من أي وقت مضى.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط