الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عصفور سليمان والعالم الآن


يحكى أن عصفورا أرهقه الحر والطيران وأعياه الظمأ فأراد أن يهبط على نهر كي يروي عطشه فوجد فيه أطفالا يلهون ويسبحون فآثر أن يظل بعيدا حتى يخرجوا من النهر ويشرب هو بعدهم. 

انتظر ما أتاح له الزمن من الانتظار وخرج الأطفال وجاء بعدهم رجل ملتحى وحينها قال العصفور لنفسه جاء الأمن والأمان فهذا الرجل متدين ويعرف ربه ويراعى المبادئ الدينية ولن يؤذيني وبالفعل حط العصفور البريء على سطح مياه النهر وهم بأن يشرب وإذا بالشيخ يلقي عليه حجرا كي يصطاده به ويكون له وجبة لا تسمن ولا تغني من جوع. 

أصاب الحجر عين العصفور فجعلته بعين واحدة وصار نصف مبصرٍ وطار العصفور حتى وصل لسيدنا سليمان عليه وعلى نبينا وكل الأنبياء والرسل السلام، فحكى له حكايته وأنه يريد أن يقتص من هذا الرجل، وأحضر سيدنا سليمان الرجل المشكو فى حقه وسأله لماذا فعلت ذلك بهذا المخلوق الهزيل فجاءت إجاباته غير مقنعة وحكم عليه سليمان بأن يكون العقاب من جنس العمل وأن تخلع عينه مثلما فعل مع العصفور. 

وهنا صاح العصفور وقال لسيدنا سليمان لا يانبى الله لا أريد هذا الحكم؛ عينه لم تخدعني ولم تجعلني آمن له أو أفزع منه بينما لحيته من أعطتنى الأمان وأنا أطالب بأن يكون الحكم بحلق لحيته حتى لا يخدع بها آخرين سذج مثلى من الطير والحيوان والإنسان. 

إلى هنا تنتهي هذه  القصة وبغض النظر عن واقعيتها أو صدقها من عدمه إلا أن المغزى هو الهدف، فنحن نعيش الآن واقعًا أصبحت فيه التجارة بالقول والفعل والملبس والهيئة هي السائدة وأصبحت الشوارب واللحى أدوات لأفعال يراد بها الفناء والهلاك للشعوب وللطيبين منهم بصفة خاصة. 

فى هذا التوقيت المرهق من كل جوانبه بسبب ما فيه من أزمات أعلاها فيروس كورونا وما تركه من تبعات ومشاكل وتخبط فى مختلف مناحى الحياة وخاصة الاقتصاد الذى ينزف خسارة؛ يليه أزمة سد النهضة بكل ما تحمله من توقعات وتنبؤات وإرهاصات، ثم الأوضاع فى ليبيا وتهديدها لأمن مصر فى ظل التدخل التركى الماجن فى ليبيا بغير حق.

كل هذه الأوضاع تركت باب أصحاب اللحى والقلوب المريضة والنوايا الخبيثة وكارهي الأوطان مفتوحا على مصراعيه ليقوموا بنفس دور صاحب اللحية الذى أصاب العصفور لأن الاخير اطمأن للحيته وظنها أنها تربت على الحق وتتبعه وتسير على ركبه وهداه، أكم من هذا الرجل موجود فى مصرنا وأكم منهم يريدون باطلا بإيهام الناس بأنهم أهل حق وأن لحاهم تشريع وسنة وهى لحى أفاقين ومتاجرين بالأديان. 

أكم من هؤلاء جمع الناس وحدثهم حديث الإفك ليدارى حقًا ويعلي باطلًا؟ أكم من هؤلاء الأشخاص استغل الفقر والجهل وصار يستقطب الناس ليسيروا فى ركب الظلم والضلال الذى يرسم لهم خطوطه وعلاماته وهو يتلمس ذقنه ويهذب شعيرات شاربه؟ أكم من هؤلاء أظهر أنه يريد مصلحة البلاد والعباد واستشهد بلحيته وبأنه من الصالحين؛  وهو واضعا يده مع المتاجرين بالأوطان عاقدا معهم العزم على فعل كل ما في وسعه من أجل خلخلة البلاد وإرباك العباد .. 

هؤلاء الأشخاص لابد وأن يكون كل منا سليمانا فى ردة فعله تجاههم ويكون فاهما متفهما لأهدافهم وألا ينخدع بلحن قولهم ولا معسول كلامهم ولا لحاهم وتظاهرهم بالتدين.. فالدين بريء منهم ومن أفعالهم وأقوالهم والله سيرد كيدهم فى نحورهم وستظل مصر أبية عفية حتى تقوم الساعة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط