أعمال العشر الأول من ذي الحجة .. على المسلم استقبال هذه الأيّام بالتّوبة والإقلاع عن جميع الذّنوب والمعاصي، حتّى يترتّب على أعماله المغفرة والرّحمة والتّوفيق، وإذا كانت الطّاعات سببا في القرب والودّ، فإنّ المعاصي سبب في البعد والطّرد، فكانت التّوبة الصّادقة النّصوح متأكّدة في العشر الأول من ذي الحجة ، كما أنّها واجبة في كلّ وقتٍ ومِن كلّ ذنبٍ، ولكنّها في مثل هذه المواسم والمناسبات آكد وأوجب، وأرجى أن تُقبل ويُوفّق صاحبها للهداية والاستقامة؛ فإنّه إذا اجتمع للمسلم توبةٌ نصوح مع أعمالٍ فاضلة في أزمنةٍ مباركة، فذلك عنوانٌ لصلاحِه وفلاحه ورضا ربِّه عنه .
وتحدث العلماء عن فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وأجمع الكثير من المفسرين على أن الليالى العشر التى ذكرت فى قوله تعالى «وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ»، هي العشر من ذى الحجة. وأن أعمال العشر الأول من ذي الحجة مقبولة بإذن الله تعالى فقط تحتاج الى النية الصادقة والإخلاص في القول والعمل .
الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف فيها العمل ويستحب فيها الاجتهاد فى العبادة وخاصة الصوم وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه.
والعمل الصالح فى الأيام العشر الأوائل من ذى الحجة، أفضل من العمل الصالح فيما سواها ، أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقى أيام السنة، وروى ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"، ويعنى الأيام العشر الأوائل من ذى الحجة، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد فى سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء" رواه البخارى.
وتعد العشر الأوائل من ذي الحجة من الأيام المباركة التي يتضاعف فيها الأجر وتغفر فيها السيئات، وقد شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها خير أيام الدنيا، وقال تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» (البقرة: 203).
32 كلمة أوصي الرسول بالمداومة على الدعاء بها في العشر الأول من ذي الحجة
ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، أنه أرشدنا إلى فضائل الأعمال والأوقات والأماكن، فحثنا على اغتنام العشر الأول من ذي الحجة.
وأوصى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، باغتنام فضائل هذه الأيام المباركة والفوز بالنفحات والرحمات الربانية فيها، وذلك بالتوبة الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والتضرع إليه.
وحثنا على المداومة والحرص على الدعاء في هذه الأيام الطيبة التي نعيشها الآن –العشر الأوائل من شهر ذي الحجة- بإثنين وثلاثين كلمة، وهي: «لاَ إله إلاَّ اللَّه وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، اللَّه أَكْبَرُ كَبِيرًا، والحمْدُ للَّهِ كَثيرًا، وسُبْحانَ اللَّه ربِّ العالمِينَ، وَلاَ حوْل وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ العَزيز الحكيمِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحمني، واهْدِني، وارْزُقْني».
واستشهد بما ورد في صحيح مسلم، عَنْ سعْدِ بنِ أَبي وقَّاصٍ -رضي الله تعالى عنه- قَالَ: جاءَ أَعْرَابي إِلى رسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: «علِّمْني كَلامًا أَقُولُهُ، قالَ: قُل لاَ إله إلاَّ اللَّه وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، اللَّه أَكْبَرُ كَبِيرًا، والحمْدُ للَّهِ كَثيرًا، وسُبْحانَ اللَّه ربِّ العالمِينَ، وَلاَ حوْل وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ العَزيز الحكيمِ، قَالَ: فَهؤلاء لِرَبِّي، فَما لِي؟ قَالَ: قُل: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحمني، واهْدِني، وارْزُقْني».