وفي سياق متصل، قدم
الدكتور على جمعة،
لمحة تاريخية عنالمدينة المنورةقبل مجيء النبي المصطفي - صلى الله عليه وسلم-، معلقًا: « هي لمحة مهمة، لنعلم ماذا أحدثت الهجرة النبوية في المدينة».
وأوضح «
جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع « فيسبوك» أن
المصادر التاريخيةتذكر أن (يثرب) اسم لرجل من أحفاد نوح -عليه السلام-، وأن هذا الرجل أسس هذه البلدة فسميت باسمه.
وأفاد
عضو هيئة كبار العلماءأنه اختلفت المصادر التاريخية في تحديد
عدد الأجيالالتي تفصل (يثرب) عن جده (نوح) -عليه السلام-، وفي بعض أسماء سلسلة الآباء والأبناء، فبعضها يجعل (يثرب) في
الجيل الثامنبعد نوح، فهو: «يثرب بن قاينة بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح».
وأبان
المفتي السابقأن بعضها الآخر يجعله في
الجيل الخامس، فيقول: «يثرب بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح»، مبينًا: ولهذا الخلاف أثر تاريخي في تقرير أية قبيلة سكنت يثرب أول الأمر، هل هي قبيلة عبيل، أم قبيلة العماليق، والأرجح أن قبيلة عبيل هي الأسبق، ثم جاء العماليق فأخرجوهم منها وسكنوها.
وواصل أنه وجدت وثائق في الحضارات الأخرى تذكر أن وجود اسم المدينة يرجع الألف الأولى قبل الميلاد، حيث اتخذت كمحطة تجارية على طريق التجارة القديم بين الشمال والجنوب، وقد أوردها بطليموس في جغرافيته باسم لاثريب Lathrippe وعرفت في اللغة الآرمية باسم ميدنتا Medinta وهي تعني المدينة، وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران (اتربو)، (ITRIBO).
وأكمل: قد ورد
اسم يثربفي الكتابات عند مملكة (معين) وذكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية، ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1300 و600 قبل الميلاد، وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين، وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال، وكان هذا الطريق يمر بيثرب، فتعد المدينة من أقدم المدن التي عرفت في منطقة شبه الجزيرة العربية.
وبين في وقت سابق، أنهلم تستمر
سيادة المدينةالمنورة سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا أكثر من ثلاثين عامًا، فقد انتقلت الخلافة بعد الصراع الذي احتدم في أواخر العهد الراشد إلى الكوفة ثم إلى دمشق مع قيام الخلافة الأموية.
وأضاف «
جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع « فيسبوك» أنها
عادت لمكانتها التجاريةكمحطة على طريق القوافل، وظلت تحتفظ بأهميتها الدينية، حيث يتجه إليها الحجاج والعمار من جميع أنحاء العالم الإسلامي للصلاة في المسجد النبوي الشريف، وزيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
وأكد
عضو هيئة كبار العلماء، أن المدينة نالت -رغم إقصائها كعاصمة سياسية- اهتمام الحكام المسلمين في كل زمان، بداية بنهاية الخلافة الراشدة في الكوفة، ثم بالدولة الأموية في الشام، ومن بعدها العباسية في بغداد، وبدأ وضعها التجاري يقل بعد اكتشاف طريق رأس رجاء الصالح.
وأوضح
المفتي السابقأن هذا الطريق جعل التجارة تمر بعيدًا عن أراضي العالم الإسلامي ثم فتح القسطنطينية (اسطنبول) بيد المسلمين العثمانيين، وانهيار طريق التجارة عبر ساحل البحر الأحمر، كل ذلك أدى إلى فقدان المدينة لمورد مالي كبير، إلا أن اهتمام العالم الإسلامي باستمرار الرحلات لزيارة مكة والمدينة للحج والعمرة.
وواصل أن تشجيع العثمانيين على ذلك، قد أنعش
الحركة التجارية في المدينة، وعوض الخسائر التي نجمت عن تحويل طريق التجارة، لافتًا: «
وببداية القرن العشرين اكتمل خط سكة حديد الشام – الحجاز ، مارًا بالمدينة فربط الأماكن المقدسة بتركيا مقر الخلافة الإسلامية، ورغم قصر مدة تشغيل هذا الخط إلا أنه لفت الأنظار إلى أهمية موقع المدينة المنورة».
ونبه أنه
ظل الاهتمام بالمدينة حتى عهد المملكة العربية السعودية، واعتبر ملوك المملكة خدمة المدينة ومكة المكرمة من أعظم ألقاب التشريف -وهو كذلك- حيث استبدل الملوك لقب جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين، فكانت تلك البقعة المباركة هي موضع اهتمام كل الملوك والحكام وهي تستحق ذلك ويزيد.
وأردف أنه بذلك نكون قد تعرفنا على
تاريخ المدينة المنورةفي لمحة سريعة بداية من تاريخها القديم قبل الميلاد، وحتى أيامنا هذه، وقد ذكرت تلك اللمحة التاريخية السريعة؛ لأن المعلومات التاريخية والجغرافية عن المدينة المنورة تساعد في فهم ما سنذكره من فضل لها، وآثار وأحكام شرعية.