الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ورحل طبيب الغلابة


 عندما كان أجر الكشف عند الأطباء فى مصر يصل الى جنيهان كان ثمن الكشف عند الطبيب الإنسان 5 قروش عام 1975 عندما افتتح عيادته الخاصة بمدينة طنطا ووصلت إلى 10 جنيهات حتى وفاته أمس وفى مدينة طنطا يصل الكشف إلى 700 جنيه واحد كبار الأطباء بالقاهرة قيمة الكشف عنده 3 الآف جنيه. ما قرأته عن الرجل يوم وفاته حرضنى على كتابة هذه السطور وصفت رحيله إحدى المحطات العالمية بعنوان "قطعة من رحمة السماء تعود إليها" ووصفوه "بالطبيب النادر" فليس له مثيل على سطح الكوكب وكان مسمى طبيب الغلابة هو الأشهر على المواقع العربية والمصرية، وتبارت مواقع اجنبية فى سرد التفاصيل عن الطبيب الإنسان لم يكن الرجل من الأثرياء ليزهد فى المال فقد عاش 76 عاما لم يمتلك سيارة ولم يقبل بالتليفون المحمول وكانت متعته فى ممارسة عمله لعلاج الفقراء واللافتة المعلقة فى عيادته تكشف الإنسان النادر حيث كتب "قيمة الكشف 10 جنيهات للقادرين ومجانا لغير القادرين" إلى هذا الحد حتى من لا يملك العشرة جنيهات يسجل اسمه وينتظر دوره.

تزدحم امامى التفاصيل وحسب ما روى نجله الأكبر وليد لمحطة سى ان ان الإخبارية ان جهة إماراتية عرضت التبرع لوالده بمبلغ مليون جنيه تقديرًا لدوره في علاج الفقراء، وطلبوا منه أن يخصصها لعلاج الفقراء، إلا أنه رفضها بدون اهتمام، وأكد لهم أنه ليس جهة لتلقي التبرعات وهناك جهات مختصة لذلك، فقد كان مؤمنا بما يفعل ولا يعتقد انه يعمل شىء غير عادى او متفرد فهو يعمل لخدمة الفقراء منذ تخرجه من الجامعة، ولم يكن أحد يعلم عنه شيء إلا منذ آخر عامين، وكان سعيدًا بتقدير الناس له، وكان ينزعج ويخجل من كلمات الشكر والإطراء ويرفض حتى دعوات المرضى التى كانت على سبيل الشكر ويقول الدعاء بينك وبين الله وليس امامى، فقد كان يعالج ما يقرب من 100 حالة يوميًا في 3 عيادات. ولم يكن يكتفي بعلاج الفقراء فقط، بل يوزع عينات الأدوية التي يحصل عليها من شركات الأدوية مجانًا على مرضاه.

تعددت الروايات حول سبب تكريس مشالي حياته لعلاج الفقراء، ومن أبرزها أن ذلك جاء تنفيذا لوصية والده، بينما قالت رواية أخرى إن ما دفعه لذلك وفاة طفل بين يديه، بسب عجز أسرته عن شراء الدواء. وكما في حياة كل إنسان نقطة تحول، كان لدى الدكتور محمد مشالي لحظته الخاصة، التي جعلته طبيب الغلابة كما حكى لأحد أصدقاءه، ذات يوم هرع الطبيب لعلاج طفل صغير مريض بالسكري أشعل النار في نفسه، لعدم قدرة والدته على دفع تكلفة علاجه يقول: كان الطفل يبكي من الألم ويطلب من والدته أن تعطيه حقنة الإنسولين، فردت أم الطفل قائلة إنها لو اشترت حقنة الإنسولين فلن تستطيع شراء الطعام لباقي إخوته، ما دفعه للصعود إلى سطح المنزل وإشعال النار في نفسه ورغم محاولة الطبيب إنقاذ الطفل فقد فاضت روحه، فكان لهذا الموقف بالغ الأثر في مسيرته المهنية، جعلته مؤمنا أكثر بنبل عمله الإنساني قبل التفكير في العائد المادى.

ولد محمد عبدالغفار مشالي في قرية "ظهر التمساح"، بمركز إيتاي البارود، بمحافظة البحيرة، عام 1944. وانتقل مع أسرته، للإقامة بمدينة طنطا بمحافظة الغربية. التحق مشالي بكلية الطب بجامعة القاهرة، وتخرج منها عام 1967، متخصصا في الأمراض الباطنية والحميات والأطفال. وعمل في بداية حياتة في الريف، متنقلا بين الوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة، وافتتح عيادته الخاصة بمدينة طنطا عام 1975. كرس الطبيب حياته لعلاج الفقراء، على مدى أكثر من نصف قرن . انتبهت وسائل إعلام مصرية إلى قصة الطبيب مشالي، لينال حظا من الشهرة خلال سنوات عمره الأخيرة، ويحوز لقب "طبيب الغلابة" وتعني كلمة "الغلابة" في اللهجة العامية المصرية الفقراء. ونعت نقابة الأطباء المصرية و شيخ الأزهر الطبيب الراحل. واحتفت وسائل اتواصل الإجتماعى برحيلة وشيعته بأنبل الألقاب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط