الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خط أحمر جديد.. مصر تعترض على تداخل النقطة رقم «8» الواردة بالإنذار الملاحي التركي مع المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية.. والقاهرة: لن نعترف بأي نتائج أو آثار قد تترتب على العمل بمنطقة التداخل

سفينة مسح سيزمي تركية
سفينة مسح سيزمي تركية

الخارجية:

  • مصر أودعت إعلانًا لدى الأمم المتحدة بشأن ممارستها لحقوقها في المياه الاقتصادية الخالصة يوليو 1983
  • تداخل النقطة رقم «8» الواردة بالإنذار الملاحي التركي مع المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية يخالف القانون الدولي

 



يبدو أن خطوطا حمراء ستكون محل التواجد في مختلف المناطق التي كان يعتقد قرصان المتوسط أنه يمكن أن يصول ويجول فيها، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ أسابيع تلقى ضربة بوضع خط أحمر سرت- الجفرة، وأمس عرف أن هناك خطا أحمر جديدا في مياه المتوسط يخص المناطق البحرية المصرية الخالصة، والسبب في هذه الخطوط أن دولة عظمى تقف له بالمرصاد وتتابع تصرفاته الهوجاء هي مصر.. ومن "هنا القاهرة" أصدرت وزارة الخارجية بيانا علقت فيه على الإنذار الملاحي الصادر من دولة تركيا بقيام سفينة تركية بتنفيذ أعمال مسح سيزمى في الفترة من 21 يوليو إلى 2 أغسطس.

 

السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أعرب عن اعتراض مصر على تداخل النقطة رقم «8» الواردة بالإنذار الملاحي مع المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية، مؤكدًا أن ذلك الإجراء لا يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ويخالف أحكام القانون الدولي، بل يشكل انتهاكًا واعتداءً على حقوق مصر السيادية في منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط، ومشددًا على أن مصر لا تعترف بأي نتائج أو آثار قد تترتب على العمل بمنطقة التداخل.


ونوه المتحدث باسم الخارجية إلى أن جمهورية مصر العربية قد أودعت إعلانًا لدى الأمم المتحدة بشأن ممارسة مصر لحقوقها في المياه الاقتصادية الخالصة وفق المادة 310 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في 11 يوليو 1983.

 

وفي الوقت الذي بدأت فيه الآفاق التجارية تبدو جيدة لجميع الأطراف الفاعلة في منتدى غاز شرق المتوسط، تتزايد المخاطر الجيوسياسية بسبب البلطجة التركية.

 

خطوات مصرية لإنشاء محور طاقة جديد

 

وتسعى مصر لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي ليصل إلى 8 مليارات قدم مكعبة يوميا خلال العام المالي المقبل 2021-2020، حسبما صرح مصدر بوزارة البترول وتنتج البلاد حاليا 7 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا بفائض 1.3 مليار عن حاجة البلاد، وهو ما يجري تصديره بالكامل إلى الأردن من مصنع الإسالة بإدكو عبر خط الغاز المصري الأردني.

 

ومصر في نفس الوقت أصدرت قانون تجارة الغاز الطبيعي لتسهيل مهمة تحويل البلاد إلى مركز رئيسي للطاقة «تسهيلات موجودة.. قرب من أوروبا.. وضع سياسي مستقر» وبالتالي أصبح من الأسهل تجميع الغاز كله من مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وليبيا في مصانع الإسالة في مصر وإرسالها إلى أوروبا.


اقرأ أيضا:

كما أن مصر تمتلك مصانع للإسالة منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك وكانت تعانى من نقص الغاز وتوقف مصنعي الإسالة بالكامل، وأعلنت مصر في 2015 عن اكتشاف حقل ظهر، وباحتياطي يبلغ 820 مليار متر مكعب وبتركيز من الكبريت قليل وهو ما يعتبر حلم حقيقي ومع الوعد بالاحتياطيات الكبرى الأكثر كان لابد من ترسيم الحدود مع اليونان وقبرص لجذب الشركات الأجنبية للبحث في مناطق المياه الاقتصادية لمصر.

 

والغاز المصري بالنسبة لأوروبا يعتبر أرخص وأقرب من الغاز القطرى والأذرى وسيحقق مكاسب لمصر اقتصادية من إسالة غاز الدول الأخرى، وأيضًا من نقل الغاز عبر الأنابيب + أجر الإسالة+ أجر التصدير من موانئ دمياط وإدكو، إضافة إلى توافر الغاز داخل مصر طول الوقت وتحقيق مكاسب جيوسياسية بالشراكة مع أوروبا والدول المصدرة للغاز في المنطقة.

 

القصة والغل القطري التركي

 

ظهرت مشكلة اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، حيث كانت روسيا تستخدم الغاز سياسيا في الضغط على الدول المستوردة، وتم التفكير في إنشاء خط نابوكو بين أذربيجان وأوروبا عبر تركيا لمواجهة خط "ساوث ستريم" الروسي وفى نفس تم الوقت التفكير في إنشاء الخط الإيرانى- أيضًا- عبر العراق وسوريا لنقل الغاز إلى أوروبا التي تعتمد في 40 % على الغاز الروسي، ولأن الصداقة الروسية السورية مستمرة منذ عقود رفضت سوريا أن يمر هذا الخط على أراضيها وبالتالي دفع النظام والشعب السوري الثمن وبتمويل قطري للعناصر الإرهابية ودور تركي في السماح لهذه العناصر بالمرور عبر أراضيها لسوريا.

 

وكانت شركة "shell" قد أعلنت في عام 2004 عن اكتشافات هائلة ستغير من الخريطة الاقتصادية للشرق الأوسط، إلا أنها انسحبت بشكل مفاجئ في 2010 بحجة عمق المياه رغم امتلاكها لتقنيات الحفر في الأعماق السحيقة.

 

في ذات العام بدأت تتوسع رقعة الاكتشافات حين قامت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بالبحث في المنطقة، وأكدت أن المثلث البحري بين فلسطين وسوريا وقبرص قد يحوي على 3.45 "ترليون متر مكعب" من الغاز الطبيعي، وأن سوريا تتمتع بالحصة الأكبر من هذا الاحتياطي.

 

وفى منتصف العقد الأول من الألفية الثانية أعلن سامح فهمي، وزير البترول وقتها عن اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في مصر. وتم إنشاء مصنعين لإسالة الغاز كل منهما يعمل بتكنولوجيا مختلفة. وفى عام 2010 أعلنت إسرائيل عن اكتشاف حقل ليفاثيان وباحتياطي بلغ 520 مليار متر مكعب وبدأت في استخراجه بجانب حقل تمارا.

 

وتعود قصة الاكتشافات إلى نهاية الألفية الثانية، حين أعلنت "British Gas" عن كشفها لحقل غاز قبالة سواحل غزة باحتياطي 1.4 "ترليون قدم مكعب"، وانسحبت منه فيما بعد، بسبب مضايقات الاحتلال الإسرائيلي. شكّل ذلك الكشف شرارة البداية في حوض المتوسط.

 

إرهاصات تركية

 

ونشرت القوات التركية طائرات مسيرة مسلحة في الجزء المحتل من قبرص في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات في شرق المتوسط حول أعمال التنقيب عن النفط والغاز، وهو ما يأتي أيضًا عقب الإعلان عن توقيع اتفاقية بين تركيا وليبيا لترسيم الحدود البحرية بينهما.

 

ويخطط إردوغان أيضًا لنشر قوات تركية في ليبيا، وهو ما يراه خبراء بأنه يعد محاولة لمواجهة تحالف منتجي الغاز في البحر المتوسط والذي يضم قبرص واليونان ومصر والأردن وفلسطين وإسرائيل وإيطاليا، والذي يهدف إلى تكوين منتدى غاز شرق المتوسط وتنظيم حقوق استكشاف الغاز الطبيعي بالمنطقة.

 

الغاز الليبي

 

ويمثل الغاز الليبي 85% من ثروات ليبيا وهو منافس قوى ل قطر، لقربه من معامل الإسالة في مصر وسهولة توصيله لأوروبا وبذلك لن تجد قطر مكانا لتصريف المنتج الرئيسي الذي يعتمد عليه اقتصاد الدوحة.

 

وتتقاسم قطر وإيران أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم الذي يطلق عليه "بارس الجنوبي- القُبة الشمالية" الذي يمتد في المياه الإقليمية لكلا الدولتين ولكن يبدو أنهما لن يجدا من يشتري الإنتاج خاصة في ظل قرب مصر من أوروبا.

 

وبالتأكيد ستكون ليبيا سبب نهاية ولاية أردوغان فتركيا الآن متورطة على أكثر من ساحة خاصة الجبهة السورية. وربما من مصلحة الجميع أن يتم دفع أردوغان لطرابلس كي يلقن درسا لن ينساه، طريق الإمداد من الدول المجاورة لليبيا سهل على البر لكن طريق الإمداد من تركيا صعب ويستلزم عبور أجواء ومياه اليونان.