الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سجود الشكر.. إليك حكمه وكيفيته ودعاؤه وفضله

سجود الشكر.. إليك
سجود الشكر.. إليك حكمه و كيفيته ودعاءه وفضله

 سجود الشكر، وكيفيته، ودعاءه، وفضله جميعها أسئلة محل بحث الكثيريين على مواقع الانترنت، وتتنوع الطرق التي نشكر بها الله -تعالى- على نعمه، من أشهر هذه الطرق سجود الشكر فهو أقصى معاني الشكر والامتنان إلى الله -تعالى-، نظرًا لعظم النعمة التي انعم الله بها على الإنسان، كأن ينجح في نهاية الامتحانات، أو يزق بولد بعد يأس وانقطاع امل،  وغيرها العديد من الأسباب، فلقد شرع الله للناس عبادات ليتقربوا بها إليه، ومن هذه العبادات السجود، والسجود له أشكال متعددة،  ومنه سجود الشكر لله -تعالى- على نعمه، وما أجمله من سجود ففيه يكون الخضوع لله، وخشوع بالقلب واللسان والجوارح، وهو من السنن التي نسيها الكثير من الناس، حيث يُشرع سجود الشكر عندما يحصل للمسلم نعمة عامة أو خاصة، أو يُصرف عنه أمر سيئ، والمراد بالنعمة هي النعمة المتجددة فنعم الله واردة على الإنسان في كل لحظة.


حكم سجود الشكر:
سجود الشكر عندَ تجدد النعم وزوال البلاء والنقم عن المسلم مستحب، وهذا هو مذهب كل من الشافعية والحنابلة وبعض من الحنفية وقول ابن حبيب من المالكية واختاره ابن المنذر، والقرطبي، وغيرهم؛ فعن البراء بن عازب: (فكتب عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بإسلامِهم فلما قرأ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- الكتابَ خرَّ ساجدًا ثمّ رفع رأسَه فقال السلامُ على همدانَ السلامُ على همدانَ).

كيفية سجود الشكر ودعاءه:
 كيفية أداء سجود الشكر أو صفة سجود الشكر في الأفعال والشروط والأحكام هي ذاتها التي في سجود التلاوة، ويقول المسلم في سجود التلاوة ما يقوله في سجود الصلاة، ولم يرد في الأحاديث تخصيص دعاء معين لسجود الشكر، لهذا فعلى المسلم يقول فيه ما يقول في سجود الصلاة من دعاء وتسبيح، فيقول: (سبحان ربي الأعلى، اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ويدعو بعدها بما يحب،  وقال بعض العلماء: سجود الشكر  يكون بسبب نعمة تهيأت للإنسان أو مصيبة وبلاء اندفعت عنه، وأن سجود الشكر مثل التلاوة خارج الصلاة وعليه فبعض العلماء يقولون يجب الوضوء والتكبير لسجود الشكر، ويرى البعض الآخر أنه يجب له التكبير فقط وبعدها السجود والدعاء بعدَ قول: (سبحانَ ربي الأعلى).

فضل سجود الشكر:
 شُرعت سجود الشكر لأدائه عند حصول نعمة ما أو انصراف شر، وهي شكل ووجه من أوجه شكر الله - تعالى- على فضله، حيث قال - تعالى- في القرآن الكريم: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ)، فشكر النعمة يؤذن بزيادتها، وتتعدد أفضال سجود الشكر كما يأتي:

- إن من أسماء الله -تعالى- الحسنى الشكور؛ فهو المُنعم على عباده ولا يُضيع أعمالهم ويُضاعف الثّواب والأجور لهم، وهو من يغفر الزلات ويقبل التّوبة؛ وورد اسم الشكور في القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).

- الشكر صفة من صفات الأنبياء -عليهم السلام-، فالله -تعالى- تحدث عن أنبيائه -عليهم السلام- وامتدحهم بسبب شكرهم لنعمه وفضله؛ حيث قال الله -تعالى- عن نوح عليه السّلام: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا).

-  الشكر من صفات المؤمنين. 

- الله -تعالى- أمر المؤمنين بالشكر، فهو يعد من امتثال أمر الله -تعالى-؛ حيث قال الله - عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّـهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
  ‏
-  الشكر والحمد يجلب رضى الله -تعالى-.

-  ‏الشاكرين وعدهم الله -تعالى- بالعطاء الجزِيل في آخرتهم؛ حيث قال:(وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).

-  ‏رضى الله - تعالى- مبني على شكر العبد له كما جاء في الحديث النبوي: (إنّ اللهَ ليرضى عن العبدِ أن يأكلَ الأكلةَ فيحمدَه عليها، أو يشربَ الشربةَ فيحمدَه عليها).

-  ‏الشكر صفة من صفات القليل من النّاس؛ حيث امتدحهم الله -تعالى- بقوله: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).

أحكام تتعلق بسجود الشكر:
  ‏
بين العلماء عدة أحكام تتعلق بسجود الشكر، وبيان بعضها فيما يأتي:
  ‏
1. لا يُشترط عند أكثر الفقهاء في سجود الشكر ما يُشترط لصحة الصلاة من استقبال القبلة والطهارة وغير ذلك من الأحكام، خلافًا لمن اشترط لسجدة الشكر ما يُشترط في صلاة النّافلة من ستر العورة والطّهارة وغيرها من الأحكام؛ لأنّ ظاهر سجود الشكر هو فرح الإنسان لأمر استجد له فأراد أن يشكر الله -تعالى- على فضله في حينها. 
  ‏
2. ‏يُرجح القول بأن سجود الشكر لا يلزمه تكبير ولا تسليم في نهايته؛ إذ إن ذلك لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يُنقل عنه.

3. لا يوجد ذِكر معين يُذكر في سجود الشكر؛ وإنما يقول المسلم ما يناسب حاله من حمد وثناء وشكر لله -تعالى-.

4. لا يصح سجود الشكر إذا بُشر الإنسان بما يسره وهو يصلي.

5. يجوز قضاء سجود  الشكر إذا لم يستطع المسلم أن يأتيها في حينها. 
 ‏
6. ‏يجوز أداء سجود الشكر على الراحلة بالإيماء بحسب الاستطاعة والقدرة. 

صور شُكر الله على النعم:

1. تُعد سجدة الشكر مظهرًا من مظاهر شُكر الله -تعالى- على نِعمه، وهناك عدة صور أخرى لشكر الله -تعالى-؛ منها:

2. تقوى الله -تعالى-؛ حيث قال ابن إسحاق -رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)؛[١٣] أي فاتّقوني فإنّ ذلك شكرًا لنعمتي.
 ‏
3. ‏الرضى والقناعة بما قسم الله -تعالى- على العبد وقدّر له من النِعم والأفضال، وعدم الشّكوى من الفقر أو الابتلاء بالمال أو بالصحة. 
 ‏
4. ‏صلاة الضحى تعد من صور شكر الله - تعالى-. 
 ‏
5. ‏اللجوء إلى الله -تعالى- بالسؤال والدّعاء. 
 ‏
6. ‏التفكر بنِعم الله -تعالى- على الإنسان؛ فمن تفكر بصحته وقوته حمد وشكر الله -تعالى- عليها. 
 ‏
7. ‏شكر الإنسان لمن قدم إليه معروفًا؛ فشكر الناس من شكر الله -تعالى- كما ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم-.
 ‏
أمور تُعين على الشكر:
 ‏
 لا بد من المسلم شكر الله -تعالى- على نعمه، ومن الأمور التي تُعين على شكره:
 ‏
 - النظر إلى أهل الفاقة والمحرومين لمعرفة نِعم الله -تعالى- وحمد وشكره؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إإذا نظر أحدُكم إلى من فُضِّلَ عليه في المالِ والخَلْقِ فلْينظُرْ إلى من هو أسفلَ منه ممن فُضِّلَ عليه).
 ‏
 - إدراك المسلم بأنه عبد لله -تعالى- وأن الله -تعالى- سيده ومالك أمره وكلّ فَضل عند هو نعمة وخير ويجب عليه حمد وشكر الله -تعالى- عليها، فالرسول -صلّى الله عليه وسلم- كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه رغم أنّه مغفور الذّنب؛ وذلك شُكرًا لله تعالى.
 ‏
 ‏- الانتفاع بالنعم وإظهار أثرها يعد سبيل لشكر الله -تعالى- عليها. ذِكْر الله -تعالى- في كلّ الأوقات والأحوال. 

- التواضع لله - تعالى- ولعباده.

- الشعور بالتقصير بحقّ الله -تعالى- مهما شكر الإنسان ربّه وحمده. 

- ترك مجالس الغفلة والانقطاع عنها؛ لينصرف الذهن والقلب إلى ذكر الله -تعالى- وشكره وحمده والثناء عليه. 

- مجاهدة الشيطان؛ فأوُلى غايات الشيطان صرف العباد عن شكر ربهم، ودل على ذلك قول الله- تعالى-: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ).[١٥] الدّعاء بسؤال الله -تعالى- التوفيق والهداية إلى الشّكر على نِعمه وأفضاله والإلحاح في الطلب.

- يجب المواظبة على شكر الله تعالى في كل صغيرة و كبيرة، في السر و العلن، في النهار والليل، في السيارة و البيت و العمل و المسجد، لأن الله - تعالى- قد فضل علينا و منحنا نعمًا لولاها لم نكن نستطيع ان نحيا و أن نعيش مرتاحين، و من سحب الله - تعالى- منهم هذه النعم يعانون أشد المعاناة فإذا صبروا كافأهم الله تعالى على صبرهم، فبالشكر تدوم النعم، و به يحيا الإنسان، و يعلم ان له ربًا قديرًا مطلعًا عليه قادرًا على تدبير أمره و أمور عباده كلهم و مخلوقاته، فلولا عنايته و لطفه بنا، لاختل الكون و لفسد كل شئ و لم يبق للحياة أي معنى.