الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإعلام الصحي ضرورة عاجلة لتفادي الكوارث الوبائية.. أكاديميون وخبراء: تراجع المطبوعات وتزايد نفوذ الوسائل الإلكترونية.. يجب التوسع في مفهوم الإعلام الخدمي.. وتدريب الإعلاميين على الممارسات الأخلاقية

جانب من الندوة
جانب من الندوة

  • أسامة هيكل: أزمة كورونا عجلت بضرورة التخلي عن فكرة وجود وسائل الإعلام الورقية
  • الدكتورة هويدا مصطفى: لابد من مناقشة دور الإعلام فى الأزمات لمعرفة نقاط القوة والضعف
  • الدكتورة منى الحديدي: الإعلام الصحي ضرورة عاجلة لتفادي الكوارث الوبائية
  • الدكتور خلف طاهات: الإعلام التقليدي فقد السيطرة على تشكيل الرأي العام



نظمت كلية الإعلام بجامعة القاهرة صباح اليوم، الأربعاء، تحت رعاية الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس الجامعة، ندوة بعنوان "الممارسات الإعلامية خلال جائحة كورونا: ما لها وما عليها؟"، وذلك عبر تطبيق زوم، وبمشاركة أسامة هيكل، وزير الإعلام، ومجموعة من الأكاديميين والخبراء والإعلاميين من مختلف أنحاء العالم العربي.


وقال الدكتور محمد عثمان الخشت، خلال مشاركته، إن الإعلام من خلال وسائله المتعددة يعد إحدى الوسائل الرئيسة للتزويد بالمعلومات والمعارف في أوقات الأزمات الضخمة والأحداث المؤثرة في المجتمعات مثل الكوارث والأوبئة، والتي من خلالها يمكنه القيام بدور مهم كمرصد للإنذار المبكر وآلية للضبط والتأثير والمواجهة الفاعلة للأزمات بحكم دوره في بناء المعرفة والتأثير على الوجدان وهما المرتكز الأساسي لأى سلوك محتمل من الجمهور.


وأوضح الدكتور محمد الخشت، أنه على الرغم من الدور القوي والمؤثر الذي يمارسه الإعلام العربي المطبوع والمرئي والمسموع والصحف الاليكترونية خلال الشهور الثلاث الأخيرة فإن هذا الدور شابه مع بداية الجائحة فترات من التخبط ولم يسترد عافيته ووعيه وقدرته على التأثير والتوجيه الفاعل والمطلوب إلا بعد أن تسبب في استثارة العديد من السلوكيات الجماهيرية السلبية.


وأكد رئيس جامعة القاهرة، أن الإعلام العربي استوعب سلبيات ممارساته وصوبها واستقام دوره وقدم تغطية متوازنة ومتكاملة بعد ذلك وقام بدور رائع في التوعية بمخاطر الأزمة، وفي مواجهة التشكيك وترويج الشائعات، وإبراز الدور الكبير الذي تقوم به الدولة المصرية لمواجهة خطر هذا الوباء.


وقال الدكتور الخشت، إن كليات الإعلام تتحمل مسئولية إنشاء جيل جديد يجمع بين مهارات العصر والمسئولية الأخلاقية، وأنه لابد من أن تراجع المواقع الصفراء نفسها وتتحمل أمانة الكلمة، حيث أصبح الإعلام صانعًا للأحداث وليس مجرد ناقل للأحداث.


وأوصى المشاركون في الجلسة الأولى لملتقى كلية الإعلام المقام تحت عنوان "الممارسات الإعلامية تجاه أزمة كورونا ما لها وما عليها"، بضرورة الاهتمام بالوسائل الإعلامية الإلكترونية على اعتبار أنها أصبحت مصدرا لتشكيل الرأي العام الجماهيري.


ولفتت توصيات المشاركين إلى ضرورة اهتمام وسائل الإعلام بتعزيز الجانب الأخلاقي للتعامل مع المحتوى الإعلامي الإلكتروني بجانب أكبر من الشفافية والمصداقية وتلافى نشر المعلومات من مصادر غير موثوقة، وحذر المشاركون من مخاطر الوقوع في الانتهاكات الأخلاقية الخاصة بنشر معلومات أو صور لضحايا الكوارث والأزمات تؤدي إلى انتهاك الخصوصية والحياة الشخصية الخاصة بأسر ضحايا أو مصابي فيروس كورونا.


وفي بداية الجلسة الأولى، استعرضت الدكتورة ليلى عبد المجيد، رئيس وحدة الجودة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، رؤيتها حول الممارسات الإعلامية تجاه أزمة كورونا، موضحة أن أزمة كورونا كشفت العديد من الممارسات الأخلاقية التي تحتاج إلى تقويم ومنع تواجدها في وسائل الإعلام والتي على رأسها منع ظهور المعلومات غير المنسوبة إلى مصادر ذات مصداقية وثقة، إضافة إلى منع نشر أقوال المصادر التي لا تتمتع بصلاحيات تمكنها من إعلان معلومات توضح الوضع الطبي وحقيقته، وذلك لتفادي نشر معلومات من تلك المصادر تساعد في نشر الشائعات التي ترتبط بأقوال وتصريحات تلك المصادر التي لا علاقة لها بصناع القرار.


وأوصت أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة بضرورة مراعاة الإعلاميين ضوابط مثل منع نشر صور ضحايا الفيروس من المتوفين، ومنع الترويج لطروحات طبية غير صحية، وقصر الحديث في الأمور المتعلقة بالعلاج والوقاية على المتخصصين من العاملين في وزارة الصحة، مع الاهتمام بالترويج للخلفيات المعلوماتية المتعلقة بالفيروسات الوبائية وذلك عن التعامل مع الأزمات الصحية.


وأشارت الدكتورة ليلى عبد المجيد إلى ضرورة توجيه وسائل الإعلام إلى تخصص وقت فيها لتناول الشئون الصحية التي تخص الوقاية والتوعية والتثقيف الصحي والطبي وذلك بصفة دورية، وأوصت في ختام كلمتها بضرورة اتجاه كلية الإعلام لإنشاء دبلومه في الإعلام الصحي.


وتحت عنوان "الثقافة الصحية بمفهوم جديد"، تناولت الدكتورة منى الحديدي، الأستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون كلية الإعلام جامعة القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للإعلام، عددا من التوصيات المتعلقة بالممارسات الإعلامية تجاه الأزمات، والتي جاء على رأسها ضرورة الاهتمام باستمرار التأييد المستمر لسياسات الدولة التنموية، خاصة في قطاع الرعاية الصحية، مع العمل على ضرورة جعل الإعلام الصحي في مقدمة اهتمام المخططين لوضع الخريطة البرامجية في القنوات الحكومية، والاتجاه نحو التوسع في مفهوم الإعلام الخدمي.


وحذرت عضو الأعلى للإعلام من الممارسات الإعلامية التي ظهرت خلال الفترة الماضية، والتي كان من بينها التنمر ضد المتعافين من الإصابة بفيروس كورونا، وأسر ضحايا الفيروس، منوهة إلى أن الإعلام عليه أن يتجه نحو التوسع في جهود احتواء الآثار النفسية لانتشار الفيروس الوبائي.


وقالت الدكتورة منى الحديدي إن الممارسات الإعلامية تجاه أزمة فيروس كورونا دعت إلى ضرورة الاهتمام بالجانب التفاعلي الخاص بإنتاج الرسائل الإعلامية، موضحة أن الأزمة كشفت عن أهمية مصطلح المسئولية المشتركة التي تتعلق بضرورة تعزيز الدور الوقائي لوسائل الإعلام، وكذلك تفاعل الجمهور مع تلك الرسائل الإعلامية التوعوية بالاستجابة وذلك للتقليل من تأثيرات انتشار فيروس كورونا.


وخلال مشاركته في الملتقى العلمي الإلكتروني، قال الدكتور خلف طاهات، عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك بالأردن، إن أزمة كورونا كشفت عن سيادة نمط الاتصالات الأفقية الإعلامية، حيث ظهر ذلك على مستوى الأزمة الصحية لفيروس كورونا، حسب تعبيره.


وأضاف عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك أن الإعلام التقليدي فقد السيطرة على إمكانية تشكيل الرأي العام وتوجيهه، وذلك في مقابل الإعلام الجديد الذي استطاع أن يكون قاعدة لتشكيل الرأي العام الجماهيري.


وأوضح الدكتور خلف طاهات أن الإعلام المتخصص جعل السوشيال ميدا مصدرا للمواطن وأنه كان أحد الأسباب التي نجم عنها تطور الأنماط الاتصالية.


بدوره، قال الدكتورة عبد الرحمن هزاع، رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون السعودي سابقا، إن أزمة فيروس كورونا أفرزت ضرورة الالتفات لجوانب التأهيل والتدريب الإعلامي، موضحا أن المصارحة والشفافية هي أولى المعايير الواجب توافرها خلال فترة الأزمات الصحية والمجتمعية الكبرى.


وأضاف أن تحجيم منابع الشائعات يعد من أولى الطرق اللازمة لتجنب المصادر المضللة للمعلومات خلال أزمة فيروس كورونا، منوها إلى أن كلية الإعلام بإقامتها لفكرة الملتقى تؤكد ضرورة الاهتمام بجانب تدريس أخلاقيات الإعلام وتأهيل الإعلاميين عليها، موضحا أن الوسائل الإعلامية خلال فترات الأزمات تهتم بالإسراع في عرض المعلومات وتناولها أحيانا من مصادر غير مؤكدة لرغبتها في تحقيق السبق والتفرد.


ولفت رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون السعودي سابقا إلى أن وسائل الإعلام في أزمة فيروس كورونا تحتاج لبناء الثقة بينها وبين جمهورها، إضافة إلى تبني خطاب إعلامي وأهمية التركيز على المستوى الجاذب في الرسالة الإعلامية للمتلقي بصرف النظر عن الوسيلة المستخدمة.


وطالب بضرورة التفات وسائل الإعلام لمسألة أخلاقيات المهنة واعتبارها ليست قصرا على فئة من منسوبي المؤسسة دون أخرى وإنما هي مفهوم ذاتي يجب أن يتحلى به الجميع، مشددا على بضرورة التأكيد على أهمية ومسئولية جمهور وسائل الإعلام فيما يجري الحديث عنه من جوانب سلبية أفرزها نشر تلك الوسائل للشائعات خلال الأزمة، وعدم تشبث هذا الجمهور بأية معلومة إذا لم تكن صحيحة في أساسها، التأكيد على أهمية إيجاد الإعلامي المتخصص في أهم المجالات، وحث القطاعات الإعلامية والأكاديمية على توفير الفرص التدريبية المناسبة للإعلاميين للتخصص الإعلامي في العديد من الأنشطة التي يتطلبها الوضع الراهن.


من جانبها، قالت الدكتور سلوى العوادلي، وكيلة كلية شئون التعليم والطلاب، إن هناك العديد من الممارسات السلبية والإيجابية التي ارتبطت في التغطية الإعلامية بفيروس كورونا، مشيرة إلى أن من تلك السلبيات انتشار الشائعات التي ارتبطت بمعلومات مزيفة والاعتماد على المصادر غير الموثوق فيها الأمر الذي يستلزم تقنين الممارسات الإعلامية والاعتماد على المصادر الموثوق فيها.


وأوضحت وكيلة الكلية لشئون التعلم والطلاب أن التضليل الإعلامي كان من ضمن سلبيات الممارسات الإعلامية التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام، الأمر الذي يستلزم معه وجود كود إعلامي؛ من أجل رقابة كل ما يبث أو يعرض من خلال وسائل الإعلام ويكون أداة للرقابة والمحاسبة.


وذكرت الدكتورة سلوى العوادلي أن الممارسات الإعلامية المتعلقة بحملات التوعية ضد فيروس كورونا كان ولابد أن يكون تركيزها على رسائل للصحة العامة، مثل سبل الوقاية والتشخيص وجميع الخيارات العلاجية، وتقديم ذلك بشكل مبسط من خلال التغطيات الإعلامية، وهو ما تحقق بشكل أو بآخر في بعض وسائل الإعلام، مشددة على ضرورة أن يتم ذلك في إطار يبتعد عن التضخيم والترويع، الذي يسبب الخوف والهلع لأفراد المجتمع.


وأوضحت وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب أن هناك حدا أدنى من المعلومات التي يجب أن تتضمنها حملات التوعية، والتي من بينها ذكر مسببات المرض ومخاطره وتقديم المعلومات الوقائية، مشيرة إلى أن تلك تعد من الضوابط اللازمة في الممارسات الإعلامية تجاه أزمة فيروس كورونا.


وقال محمد رضا حبيب، رئيس تحرير قناة "الحياة"، إن الإعلام المصري نجح في اختبار ثقة الجمهور، واصفا التواصل الحكومي مع الإعلام بأنه كان ناجحا خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن الإعلام نجح في توصيل الوعي الصحي للمواطنين ولفت الانتباه إلى جهود الجيش الأبيض من أطباء مصر وجهودهم في احتواء انتشار الفيروس.


وأوضح رئيس تحرير قناة الحياة أن أزمة فيروس كورونا تتطلب ضرورة تأهيل الكوادر الإعلامية أكاديميا على مفهوم الأخلاقيات الإعلامية، والعمل على تقديم أنشطة تدريبية على الممارسات الأخلاقية، منوها إلى أن الإعلام المصري نجح في الرد على الحرب الإعلامية الخارجية التي كانت تتم ضد مصر في تركيا ونجح الإعلام في مواجهتها.


وشدد "حبيب" على ضرورة عدم تخلي الإعلام عن دوره في التوعية بجهود منع انتشار الفيروس واحتواء آثاره، من خلال التوعية المستمرة حتى يتم القضاء على انتشار الفيروس العالمي نهائيا، مشيرا إلى أن الإعلام قد يكون سببا من أسباب انتشار الفيروس إذا ما تخلى عن جهود التوعية المستمرة.


من جانبها، قالت تغريد حسين، رئيس قناة النيل الدولية، إن الإعلام المصري اتجه إلى الاهتمام بفيروس كورونا واهتم بتصدير المعلومات عن حقيقة وضع الفيروس في مصر وتطوره من باب الاهتمام بنقل الحقيقة وعدم التطرق لفلسفة التجاهل أو التهوين من تداعيات فيروس كورونا.


وأضافت أن الممارسات الإعلامية تجاه الأزمات الصحية في مصر تعد ذات خبرة محدودة، لا سيما مع عدم انتشار فيروس وبائي في مصر قبل انتشار فيروس كورونا على الصعيد الدولي، منوهة إلى أن الضوابط والالتزامات المهنية لابد وأن تأتي أولا من القائمين على إدارة القنوات والوسائل الإعلامية على اختلافها وضرورة وجود كود أخلاقي يساعد العاملين في المجال الإعلامي على منع التطرق للجوانب التي قد تؤدي إلى انتشار الشائعات والتحقق من مصادر المعلومات ودرجة ثقتها لدى الجمهور لتفادي انتشار المعلومات المغلوطة غير المنسوبة إلى مصادر مؤكدة إضافة إلى التأكيد على عنصر الوقت وتوقيت نشر المعلومات المناسب الذي يمنع وجود مصادر تنشر الشائعات والمعلومات المضللة.



ووجاءت الجلسة الثانية من الندوة تحت عنوان "الإعلام الرقمي وجائحة كورونا"، وترأستها الأستاذة الدكتورة هبة الله السمري، وكيلة الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، واشتملت على محاور: مسئولية الإعلام الأخلاقية في الأزمات، ودور الإعلام في مواجهة الشائعات والأخبار المفبركة، واحترام خصوصية الأفراد وتجنب خداع المصادر، واحترام المعايير المهنية لكتابة وتغطية الأخبار، والإعلام الرقمي بين البحث عن الإثارة واحترام أخلاقيات المهنة.


وفي مداخلته، أشار الأستاذ الدكتور حسن عماد مكاوي، أستاذ وعميد كلية الإعلام الأسبق، عضو المجمع العلمي، وخبير الإعلام بمجمع اللغة العربية، إلى الفرق بين العمل في الإعلام التقليدي، والإعلام الرقمي، من حيث طبيعة العمل ومدى الالتزام بالضوابط المهنية، والطبيعة المؤسسية، ودرجة الحرية التي يتمتع بها، والقدرة على التحكم في الجمهور، واتجاه الرسائل الإعلامية من الأعلى للأسفل أو بشكل شبكي، مؤكدا أن كل هذه الاختلافات أدت إلى اختلاف طبيعة معالجة الإعلام التقليدي عن الرقمي في جائحة كورونا، موضحا أن بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عملوا على ترويج معلومات ومفاهيم خاطئة حول الفيروس، في المقابل استخدمها بعض الأطباء في التواصل مع المرضى وتقديم الاستشارة لهم، وهو جانب إيجابي.


وعرضت الأستاذة الدكتورة أمل جابر، أستاذ الإعلام المساعد بجامعة "ويسكونسون" Wisconsin بالولايات المتحدة الأمريكية، رصدا للتغطية الإعلامية الأمريكية للجائحة، التي تضمنت "تسييسا" للأزمة، تضمنت التنافس الحزبي، وتوتر علاقة الرئيس ترامب بوسائل الإعلام واتهامها بترويج الأخبار المزيفة، مقابل استخدامه موقع تويتر، الذي أضحى يضع الأجندة لكثير من وسائل الإعلام الأمريكية. كما تضمنت الأزمة إعادة اهتمام وسائل الإعلام ليس فقط بتغطية الجوانب العلمية للأزمة وإنما إلى تقييم أداء الحكومة في التعامل معها، مما أدى إلى انقسام الشارع الأمريكي سياسيا، وترويج بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي معلومات خاطئة حول أدوية العلاج من المرض، مقابل تزايد أعداد العاملين في مجال تدقيق الحقائق، وحجب بعض المواقع والصفحات التي تروج للشائعات، وهي إجراءات رقابية غير مسبوقة في الولايات المتحدة.


وأوضحت أستاذ الإعلام أنه على الجانب الآخر كان بعض المشاهير يستخدمون صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في نشر آراء الخبراء والاطباء حول المرض، وكذلك مواجهة العنصرية ضد الصينيين بشأن الجائحة، وكذلك إضافة "مراكز معلومات" و"ألعاب تفاعلية" حول الظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإضافة أدوات جديدة للتباعد الاجتماعي لتقنين مشاركة المنشورات.


وأوضح الأستاذ الدكتور محمود علم الدين، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والمتحدث الرسمى باسم الجامعة، بعض أدوار وتأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي خلال جائحة كورونا، كانت زيادة استخدام هذه المواقع بما يفوق نصف سكان العالم، ولكنها في الوقع ذاته فقدت تصدرها لمصادر المعلومات لدى الشباب والمراهقين لصالح الوسائل الاحترافية، كما أنها مارست دورها في توفير منبر للأفراد للتعبير عن آرائهم وأفكارهم، والتنفيس عن المخاوف، في المقابل عانت هذه المواقع من تراجع إيرادات الإعلان، وإن ظلت منفذا للتسويق الإلكتروني لشكل عام، واستمرت هذه المواقع ساحة للتنافس السياسي بين الدول وانتقاد المواقع الروسية الخدمات الصحية للدول الغربية، واتهام المواقع الأمريكي للصين بالتسبب في الفيروس، كما اشتملت على حملات تضليل إعلامي موجهة ضد مصر من دول معادية، تحولت إلى نافذة للوباء المعلوماتي Infodemic بالشائعات والأخبار الزائفة التي تجعل الفرد غير قادر على اتخاذ موقف واضح، مع تزايد جرائم التحرش وسرقة الحسابات وغيرها، وأخيرا بروز المطالبة من بعض الدول الغربية لوضع قانون دولي لمتابعة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب آثارها الضارة.


وقال الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير صحيفة الدستور، ومقدم برنامج "آخر النهار"، إن التفكير في هذه الأزمة لا يجب أن يتم من مدخل "أخلاقيات الممارسة" فقط، وإنما من مدخل "تحديات الممارسة"، لافتا إلى أنه من المهم التعامل مع الإعلام كسلعة لها جوانب ربحية وليس فقط من منظور أخلاقي، فمثلا الالتزام بالبيانات الرسمية يضمن نشر الإجابة عن سؤال "ماذا حدث؟"، ولكنها دائما تفتقد إلى الإجابة عن سؤال "كيف حدث؟ ولماذا حدث؟"، مما يدفع الجمهور إلى مصادر معلومات أخرى. كما أنها تثير إشكالية العلاقة بين المصدر الرسمي والصحفي، حيث ينظر الأول إلى الثاني باعتباره "وسيلة عرض".


وأضاف الباز أن الأزمة غيرت مفاهيم السبق الصحفي، فتحولت إلى إسراع المواقع الإخبارية إلى نشر المعلومات قبل تدقيقها، بهدف جذب انتباه الجمهور، ثم إعادة تصحيحها لاحقا إذا ثبت خطأها، كما أن هذه الأزمة تضمنت تشارك الصحفيين مع الجمهور في التعرض للخطر، موضحا أن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ليست فقط صفحات أفراد تقدم شائعات وإنما تتضمن أيضا صفحات رسمية وإعلامية، ولذلك لا يمكن التعامل معها جميعا كوحدة واحدة.


وأكد الأستاذ الدكتور عصام نصر سليم، عميد كلية الاتصال بجامعة الشارقة، أن الأزمة الحالية أثارت بعض التساؤلات حول تغير نظريات الإعلام، من زاوية وضع الأجندة واعتماد الجمهور على وسائل الإعلام التقليدية مقابل الجديدة، واعتبار الأخيرة ساحة للصراعات وتهديد الأمن الوطني للدول، موضحا أن المعالجات الإعلامية للأزمة كانت أحيانا مثيرة تتضمن التهويل، وأحيانا ناقصة تتضمن التهوين، وأخيرا المتكاملة التي تتسم بالعمق والشمول، وأوضح نصر بعض الإحصاءات والدراسات حول استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي داخل دولة الإمارات، مشددا على تزايد استخداماتها، وضرورة العمل على تفادي سلبياتها، مقابل استثمار إيجابياتها.


وقال الأستاذ الدكتور حسين أمين، أستاذ الصحافة والإعلام، ومدير مركز كمال أدهم للصحافة الرقمية والتليفزيونية بالجامعة الأمريكية، إن تعامل الإعلام مع الكورونا جدير بالرصد والدراسة ليس فقط في مصر، وإنما في العالم كله، مشيرا إلى وجود عدة تجارب عالمية في الولايات المتحدة والهند والبرازيل، شهدت اختلافات في التعامل عبر وسائل الإعلام الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها ترويج للأدوية الخاطئة، وخرافات حول تناول الأعشاب والخمور؛ للوقاية من الإصابة، ورصد أمين شائعة "موت الفيروس في الأماكن الحارة" التي أدت إلى تهاون بعض شعوب البلاد الحارة بالفيروس، مضيفا أن وزير الداخلية في إستونيا وغيره من المسئولين صرحوا بأن الكورونا هي "نزلة برد"، كما أن بعض الشعوب تعاملت مع الأزمة من مدخل ديني بإجراء الصلوات الجماعية، في المقابل كان لدى بعض الشعوب الوعي لإيقاف الصلوات الجماعية في دور العبادة.


وقالت الأستاذة الدكتورة حنان جنيد، وكيلة الكلية لشئون البيئة وخدمة المجتمع، إن هذه الأزمة أعادت لنا الثقة في وسائل الإعلام الاحترافية، كمصدر للمعلومات يتسم بالأخلاقيات والدقة، التي تفتقدها مواقع التواصل الاجتماعي التي تتبنى مدخل "صحافة المواطن"، حيث يظن كل مستخدم لهذه المواقع أنه قادر على ممارسة العمل الإعلامي، مما صنع حالة من التخبط والتشكيك والذعر. في المقابل أشارت إلى جهود الدولة الوطنية في نشر المعلومات لتوعية مواطنيها، داعية إلى إعادة دراسة ميثاق الشرف الإعلامي، وقيام كلية الإعلام جامعة القاهرة بالتنسيق مع الجهات المعنية بتدريب الإعلاميين، ورفع توصيات هذا المؤتمر إلى رئاسة الجمهورية لدراستها.


وقال عبد المحسن لافي الشمري، مدير الوكالة الدولية للإعلام ورئيس منتدى الكويت الدولي للحوار، إنه لا يمكن الوثوق في المعلومات التي تنتشر على مواقع الانترنت غير المؤكدة خصوصا إذا لم تكن ذات مصداقية أو تمتشر انتشارا مبالغا فيه، وغير مصحوبة بالروابط والادلة البصرية، موصيا التركيز على توعية الجمهور، وإتاحة المعلومات الصحيحة في إطار من الشفافية، وتوحيد جهود مبادرات مكافحة الشائعات، وفرض عقوبات على نشر الشائعات إلكترونيا، وتدريب الكوارد الإعلامية.


وقال ماضي الخميس، الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي، إن منظومة الإعلام واجهت مشكلة جدّة هذه الجائحة وبالتالي عدم الاستعداد لمواجهتها ما أصابها بالارتباك، وأدى إلى التهوين من شأن الوباء، واقتراح أعشاب وعلاجات شعبية للعلاج منه، لم يظهر أنها فعّالة، وأوضح أن دور الدول اليوم هو تعزيز الثقة في مؤسسات الإعلام للقيام بدورها في التوعية للجمهور.


ونوه بركات الوقيان، المستشار الإعلامى ومقدم البرامج الكويتي، إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في بناء الدول، والإيجابيات التي تتسم بها، ومن ثم فإنه يجب الاستفادة بها من خلال تدريس استخدامها بشكل إيجابي للطلاب، وتفعيل دور الأسرة وأخلاقيات المجتمع وعاداته وتقاليده، من أجل تفادي عيوبها.