الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هجرة الرسول .. 4 أسباب رئيسية لها وأحداثها مختصرة

 هجرة الرسول .. 4
هجرة الرسول .. 4 أسباب رئيسية لها وأحداثها مختصرة

هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو وأصحابه من مكة المكرمة إلى يثرب، كان لها عدة أسباب، أبرزها: ما كانوا يلاقونه من عذاب واضطهاد من المشركين خاصةً بعد وفاة عمه أبي طالب، وقد هاجر الصحابة سرًا بينما بقي -عليه السلام- هو وأبو بكر الصديق إلى أن أذن الله لهم بالهجرة، وعند وصوله - صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب استقبله المهاجرون والأنصار بالفرح والسرور وأخذوا ينشدون الأناشيد ومنها أنشودة طلع البدر علينا المعروفة، وقد تم تغيير اسم يثرب إلى المدينة المنورة بعد هذه الهجرة؛ لأن -صلى الله عليه وسلم- قد نورها بقدومه إليها. 


وكذلك تم اعتماد الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته للصحابة - رضوان الله عليهم-، ومن بعدها استمرت هجرة الملسمين إلى المدينة المنورة، حيث نزلت الكثير من الآيات القرانية التي تحث المسلمين على الهجرة حتى فتح مكة في العام الثامن للهجرة.

أسباب هجرة النبي إلى المدينة:

مر المسلمون بكثيرٍ من الظروف التي دفعتهم للتفكير بالهجرة إلى المدينة المنورة فرارًا بدينهم ليقيموا دولة الإسلام فيها، و أبرز هذه الأسباب:

1. الهجرة فُرضت على الأنبياء والمُرسلين لضمان نشر الدعوة إلى الله، وحمايتها من بطش الظالمين: فالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يكن أول من هاجر من وطنه بل كان للأنبياء من قبل هجرات؛ كهجرة نوح، وإبراهيم، وموسى عليهم السلام، فالهجرة مطلب دعوي تقتضيه طبيعة النبوة ونشر الرسالة.

2. اشتداد إيذاء المشركين للمؤمنين: ‏حيث طال أذى المشركين جميع المسلمين مع الرسول -؛صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن لهم أحد يحميهم؛ فبلال بن رباح يُجرد من ثيابه ويُطرح على رمال الصحراء الحارقة، ويُؤتى بصخرة تُلقى على بطنه بغية أن يرتد عن دين محمد -صلى الله عليه وسلم- فلا يزيد إلا أن يقول: أحدٌ أحد، وعائلة آل ياسر قد أذاقتهم قريش سُوء العذاب من الضرب والإهانة والتعذيب الشديد.\

- حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر عليهم مرة وهم يعذبون فقال لهم: (صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدكم الجنّةُ)،و ‏قد أذن الله بالهجرة درءًا للأذى والعذاب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه. حصار قريش للمسلمين: تآمرت قريشٌ على بني هاشم، وكتبوا صحيفة المقاطعة، وعلقوها في جوف الكعبة، كان مضمونها ألا نزوجهم ولا نتزوج منهم، ولا نبيعهم ولا نبتاع منهم، كما حاصروهم في الشعب، ومنعوا عنهم طعامهم وأموالهم حتى أكل المسلمون أوراق الشجر من شدة الجوع.
 ‏
3. ‏تآمر كفار قريش‏ على قتل النبي -صلى الله عليه وسلم-: ‏فبعد هجرة جميع المسلمين إلى المدينة، وبقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع نفرٍ من الصحابة في مكة، اجتمعت قريش في دار النَّدوة، واتَّفقوا على قتله جميعًا حتى يضيع دمه بين القبائل، لكن تدبير الله كان لهم بالمرصاد، فحماه، وأوحى إليه ألا يبيت تلك اللَّيلة في فراشه، وجعل عليًا ينام في مكانه، ثم ألقى الله عليهم النعاس فجعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخرج من بينهم ويمر من أمامهم بل ويلقي على رؤوسهم التراب وهم لا يشعرون. 
 ‏
4. ‏ضرورة بناء الدولة الإسلامية: وهذا يتطلب أمَّةً إسلاميَّةً متماسكة، وأرضًا تكون مركزًا رئيسًا لها، وكانت المدينة المنوَّرة هي الأنسب والأصلح لذلك؛ لاستقرار الوضع فيها، وتشابُه اللُّغة والتَّقاليد، والجوُّ العامُّ فيها كان متقبِّلًا ومحبًّا للإسلام، وكان ذلك واضحًا في استقبال الأنصار لهذا الدين ولكل من أتى مهاجرًا، وفي استعداد للبذل والتَّضحية في سبيل الله، وقد هيّأت هذه الأرض وهذه الرحلة المسلمين لظروفٍ أشد، ولتكاليف أكثر يقوم عليها مشروع بناء الأُمة الإسلامية.


الإسلام في يثرب:

منذ أن أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بنشر الدَّعوة الإسلامية، لم يترك مكانًا أو مناسبة يتجمع فيها النَّاس إلا وسعى إليهم عارضًا ما جاء به من عند الله، خاصَّةً في موسم الحج وأيام أسواق العرب؛ فما أن يعلم بقدوم أحد من العرب إلى مكة إلا وتصدَّى لهم، فيعرض عليهم ماعنده، ويدعوهم إلى الله، ويخبرهم أنَّه نبيٌّ مرسلٌ، ويسألهم أن يصدِّقوه ويقوموا معه، فمنهم من كفر وصدَّ، ومنهم من آمن وصدق.


 وبينما النبي كذلك يبتدر الأقوام ويبدؤهم بما عنده من حق لقي نفرًا من الخزرج من أهل المدينة في موسم الحج، فكلَّمهم ودعاهم، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن الكريم فأجابوه فيما دعاهم إليه وصدقوه، وكان أول من آمن من الخزرج ستة أشخاصٍ حملوا الدبن الجديد إلى أهلهم في يثرب يعرضونه على الناس حتى وصلت دعوة الله إلى كلِ بيت من بيوتها، فتهافتوا على اعتناق الإسلام خاصة وأنهم كانوا على علم بقرب ظهور نبيٍ للبشرية من جيرانهم اليهود، وتلا ذلك بيعتا العقبة الأولى، والثانية التي وفد بها الأوس والخزرج على النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة يبايعونه على النصرة والإسلام.
 ‏
بيعتا العقبة بيعة العقبة الأولى:
 ‏
‏بعد أن حرك النغر الأول من المؤمنين في المدينة قضية الإسلام، جاء في العام التالي اثنا عشر رجلًا من الأنصار، واجتمعوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند جمرة العقبة، وبايعوه على ألَّا يشركوا بالله شيئا، وألا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، وأن يطيعوه في المعروف، وكان هدفه -صلى الله عليه وسلم- من ذلك أن يبني فردًا مؤمنًا يتصف بعقيدة سليمة، وبأخلاق حميدة فاضلة.

 فكان هذا العهد منهم بمثابة تأسيس النواة الأولى التي ستقوم على أكتافها الدولة الإسلامية بعد ذلك، وبعد ذلك عاد الأنصار إلى يثرب ليستكملوا دعوتهم ونشاطهم هناك، وأصل البيعة في اللغة من البيع، فهي عقد ووفاء بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن دخل في الإسلام على طاعة الله ورسوله، والاستشعار بروح الجندية في صفه، كما سميت هذه البيعة ببيعة النساء؛ لأنها تشبه في شروطها بيعة النساء في سورة الممتحنة، حيث لم تتضمن الجهاد فلم يكن قد فُرِض بعد، قال- تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّـهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

بيعة العقبة الثانية:

 بعد لقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوفد الأوس والخزرج في بيعة العقبة الأولى، وبعد أن أرسل معهم الصحابي مصعب بن عمير يعلمهم الإسلام، ويقرئهم القرآن، عاد مسلمو الأنصار في العام التالي في موسم الحج من السنة الثانية عشر للبعثة يبايعون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيعة العقبة الثانية، أو ما تسمى ببيعة العقبة الكبرى، وقد كانوا ثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتان، هما أم عمارة نسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو، فبايعوه على خمسة أمور في غاية المشقة والشدة؛ فطبيعة هذه المرحلة لا تحتمل الغموض وسوء الفهم، بل إن بناء الأُمة الصالحة القوية يحتاج إلى عطاء وكفاح، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (تُبايعوني على السَّمع والطاعة في النَّشاط والكسل، وعلى النَّفقة في العسرِ واليسر، وعلى الأمرِ بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكُم فيه لومةُ لائِمٍ، وعلى أن تنصروني إذا قَدمتُ يثرِب، فتمنعوني ممَّا تمنعون منه أنفُسكُم وأزواجكُم وأبناءكُم ولكم الجنَّة).
 ‏
 ‏ كما إن العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أول المتكلمين في هذه البيعة؛ حيث شرح للأنصار خطورة المسؤولية التي ستلقى على عاتقهم نتيجة هذا التحالف وهذا البيع، وفهمهم أن محمدًا في عز ومنعة من قومه وبلده، وأنَّه ليس ضعيفًا، وذلك ليأخذهم على محمل الجِد من دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وقد كان العباس -رضي الله عنه- يومها على دين قومه لكنه أحب أن يتوثق لابن أخيه، وقد أعرب الأنصار عن استعدادهم لنصرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحمايته وقبول البيعة، بعد ذلك أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بالهجرة إلى المدينة خاصةً بعد أنْ تعهَّد الأوس والخزرج بالنُّصرة، والحماية، والتَّصديق.


الإذن بالهجرة:

بعد أن اشتد الأذى بالمسلمين في مكة، وبصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعد بيعة العقبة الثانية، أذن محمد -عليه السلام- للمسلمين بالهجرة وحثهم على اللحاق بالأنصار، فبدأ الصحابة بالهجرة سرًا إلى يثرب، فكان أبو سلمة بن عبد الأسد أول من هاجر إليها، ثم تبعه المسلمون جماعات متفرقة وفرادى متسللين ومتخفين عن أعين المشركين والكفار كي لا تعلم بهم فتمنعهم. 
 ‏
و‏عند وصولهم إلى يثرب استقبلهم الأنصار في بيوتهم ونصروهم وآووهم ولم يبق في مكة المكرمة إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق .


أحداث الهجرة:
 ‏
عندما علمت قريش بهجرة المسلمين أرادت قتل محمد - عليه السلام- قبل أن يخرج من مكة، فاجتمعت وأقرت بأن يشترك من كل قبيلة منهم شاب ليجتمعوا يدًا واحدةً في قتل محمد ليتفرق دمه على جميع القبائل، ولكن جبريل - عليه السلام - أخبر سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم-  بذلك، فأمر - عليه السلام - علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه وأن يتغطى ببرده الأخضر كي يظنّ المشركون بأنّه الرسول الكريم، و ‏خرج- صلى الله عليه وسلم- من بين المشركين دون أن يروه بقدرة الله عز وجل وهو يقرأ: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) [يس
 ‏
 ‏
 ‏وعندما أصبح المشركون ساروا إلى فراش النبي ليقتلوه فوجدوا علي بن أبي طالب نائمًا في فراشه، فسألوه أين صاحبه فأخبرهم علي أنه لا يعلم أين هو، فجنّ جنون قريش وخُصّصت جائزة كبرى لمن يعثر أو يدل عليه، وبعدها مكث علي بن أبي طالب في مكة ثلاثة أيام، وقام بإرجاع الأمانات التي كانت عند الرسول إلى أصحابها، ثم هاجر بعدها إلى المدينة المنورة.
 ‏
 ‏
غار ثور:
 ‏
عندما خرج الرسول - عليه السلام- هو وأبو بكر الصديق تحصنا في غار ثور واختفيا عن أعين قريش، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتي لهما بالطعام وعبد الله بن أبي بكر يأتي لهما بالأخبار، وقد وصلت قريش وهي تبحث عنهما إلى باب الغار ولكنها لم تعثر عليهم، حيث كان هناك بيت للعنكبوب على باب الغار فاستبعدت أن يكونا داخل الغار وعادوا من حيث جاؤوا. 
 ‏
و ‏خرج - عليه السلام- هو وصاحبه، فصادفهما في طريقهما إلى المدينة سراقة بن مالك وأراد أن يخبر قريش عنهما، فدعا الرسول عليه السلام عليه فغارت فرسه في الرمال، فقال له سراقة: ادعُ الله أن يفك قدم فرسي ولم أخبر أحدًا عنكما، ففعل عليه السلام ذلك واستمرّا بعدها ومعه أبو بكر في السير إلى يثرب، وعند وصولهم اليها أحسن المسلمون استقبالهم وأنشدوا لهم الأناشيد ابتهاجًا بوصولهما.
 
 ‏
 ‏
 ‏