الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هجر وطنه بسبب خلافات زوجية.. حكاية مهندس فرنسي طور زراعة القطن بمصر في عهد محمد علي

حكاية مهندس فرنسي
حكاية مهندس فرنسي طور زراعة القطن بمصر في عهد محمد علي

في كتاب بعنوان "هوامش المقريزي.. حكايات من مصر"، سلط الكاتب صلاح عيسى الضوء على ومضات تاريخية ومواقف وأحداث أغلبها غير معروف بالنسبة للكثيرين، وقعت تحديدًا خلال الفترة ما بين العصور الوسطى وثورة 1919.

ويتضمن هذا الكتاب، الذي صدرت الطبعة الأولى منه في عام 1983، 180 أقصوصة ممتعة ومذهلة من تاريخ مصر؛ وفي واحدة من الأقصوصات أو الومضات التاريخية، التي جاءت تحت عنوان "النعمة والنقمة"، سلط الكاتب الضوء على الدور الذي لعبه مهندس فرنسي يُدعى "لويس جوميل" في تطوير زراعة القطن بمصر في عهد محمد علي باشا.


وأوضح الكاتب صلاح عيسى أن جوميل كان قد هجر وطنه فرنسا عقب خلافات حادة مع زوجته وجاء ليعمل في مصر، واستقر به الحال في أحد مصانع النسيج التي أنشأها محمد علي.

وفي عام 1818، وأثناء زيارة جوميل لصديق أشير إليه باسم "محو بك"، لاحظ وجود بضع شجيرات محملة بزهر أبيض في حديقته، واكتشف أنها قطن، وأخبره الأخير أنه قطن للزينة كان قد حصل على بذوره من صديق هندي، وسمح للمهندس الفرنسي بالحصول على كمية من البذور، بناءً على طلبه.

وقام جوميل في أعقاب ذلك بزراعتها في حديقته، وعندما اكتمل نضجها بدأ في اختبار متانتها وقياس أليافها، وتبين له أنها توازي أفضل أنواع القطن التي كانت معروفة في العالم آنذاك.

في السياق ذاته، ورد في كتاب بعنوان "تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي الكبير"، للكاتب والمؤرخ أحمد أحمد الحتة، أن مصر كانت تزرع القطن من قبل، لكنه كان قصير التيلة خشن الملمس وأقل مرتبة من قطن البنغال بالهند ويُعرف باسم القطن البلدي.

وأوضح الكاتب صلاح عيسى أن القطن الأمريكي كان أفضل الأنواع المعروفة في ذلك الوقت، مشيرًا إلى أنه ما لبث أن قدم المهندس الفرنسي لويس جوميل نتيجة تجربته لـ محمد علي باشا وأوضح مزايا هذا النوع وفوائد زراعته، حتى أمر بتجربة هذا النوع في عدد محدود من الأفدنة بالقرب من القاهرة.

وفي عام 1821، انتهت التجارب وأنتجت مزارع القطن محصولًا وافرًا وكافيًا للتصدير؛ وبعد تكليف محمد علي لأحد بيوت التصدير الأجنبية بأخذ عينات من محصول القطن وعرضها في الأسواق البريطانية، لاقى إقبالًا بالفعل، وانهالت الطلبات على مصر.


وتوسع محمد علي باشا نتيجة لذلك في زراعة هذا الصنف الجديد من القطن، وأرسل جوميل إلى الهند لجلب بذور القطن منها ودراسة طريقة زراعته هناك، وعاد الأخير في نهاية 1821، ومعه مقدار مناسب من بذر القطن الهندي، وقد سر الوالي بنتيجة أبحاث جوميل، وأمر بتوزيع كميات كبيرة من البذور على كبار المزارعين وبدأ القطن الجديد ينتشر في مصر، كما زادت صادراته. 

وكان من ضمن الأسماء التي أُطلقت عليه "قطن محو" وأيضًا "قطن جوميل"، نسبة إلى مكتشفه، و"القطن الهندي" نسبة إلى أصله، وهو يمتاز بنعومة الملمس وطول التيلة.