الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وصف مدينة الإسكندرية وأبوابها القديمة في عيون الرحالة ابن بطوطة منذ مئات السنين

الرحالة ابن بطوطة
الرحالة ابن بطوطة ووصفها لمدينة الإسكندرية

في عام 725 هجريًا (1325 ميلاديًا)، خرج "ابن بطوطة"، الذي يوصف بكونه أحد أعظم الرحالة المسلمين وأوسعهم شهرة حتى أنه سُمي بـ"شيخ الرحالين" حيث أمضى قرابة ثماني وعشرين عامًا من حياته في رحلات متتابعة، من مسقط رأسه مدينة "طنجة" المغربية في رحلة جاب خلالها أقطار العالم، فقد زار مصر والشام ووصل إلى الهند والصين وحتى بلاد النيجر والقائمة طويلة.

ولم يترك الرحالة "أبو عبدالله محمد بن عبدالله الطنجي" الشهير باسم "ابن بطوطة" وراءه أي نتاج أدبي سوى سرد لأسفاره على شكل كتاب بعنوان "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، والذي يُعرف أيضًا بكتاب "رحلة ابن بطوطة"، حيث طلب منه السلطان المغربي "أبو عنان فارس المريني"، الذي كان قد أعجب برحلاته وقصصه الشيقة، أن يمليها على كاتبه "محمد بن جزي الكلبي"، فكان هذا الكتاب عملًا مشتركًا بين "ابن بطوطة" و"ابن جزي" أضفى كل منهما عليه لمسته الخاصة.


وبدأت رحلة "ابن بطوطة" من "طنجة" كما أشير في السابق، وطاف في أنحاء المغرب الأقصى ثم اتجه نحو الشرق عبر الجزائر أو المغرب الأوسط ثم إلى تونس وليبيا، وانتهى به المطاف في مصر، حيث اتجه من الإسكندرية إلى القاهرة ثم إلى الصعيد حتى وصل إلى ميناء "عيذاب" على ساحل البحر الأحمر، قبل أن يعود إلى القاهرة مرة أخرى، وتابع بعد ذلك رحلته إلى مكة المكرمة عن طريق بلاد الشام، وبعد أداء فريضة الحج واصل أسفاره واستكشافاته.

ووصف الرحالة "ابن بطوطة" مدينة الإسكندرية في كتابه بـ"الثغر المحروس" و"القطر المأنوس" و"العجيبة الشأن" وأيضًا بـ"الأصيلة البنيان" و"الجامعة لمفترق المحاسن لتوسطها بين المشرق والمغرب"، كما أن "بها ما شئت من تحسين وتحصين ومآثر دنيا ودين".

وصف أبواب مدينة الإسكندرية ومرساها وعمود السواري والمنار في عيون "ابن بطوطة":

ورد في نص الكتاب أن لمدينة الإسكندرية أربعة أبواب: باب السدرة- باب رشيد- باب البحر- الباب الأخضر، ولا يُفتح الأخير إلا يوم الجمعة فيخرج منه الناس إلى زيارة القبور؛ ووصف مرساها بـ"العظيم الشأن"، الذي لم يشهد له مثيلًا في مراسي الدنيا إلا نادرًا.

أما بالنسبة إلى "عمود السواري"، فقد وصفه بكونه "من غرائب المدينة"، حيث كتب موضحًا: "ومن غرائب هذه المدينة عمود الرخام الهائل الذي بخارجها المسمى عندهم بعمود السواري وهو متوسط في غابة نخل، وقد امتاز عن شجراتها سموًا وارتفاعًا".

وتابع: "هو قطعة واحدة محكمة النحت قد أقيم على قواعد حجارة مربعة أمثال الدكاكين العظيمة، ولا تعرف كيفية وضعه هنالك ولا يتحقق من وضعه".


أما "المنار" فكان وصفه في عيون "ابن بطوطة" عند زيارته له خلال هذه الحقبة بأن "أحد جوانبه كان متهدمًا" وهو عبارة عن "بناء مربع ذاهب في الهواء وبابه مرتفع على الأرض وإزاء بابه بناء بقدر ارتفاعه، ووُضعت بينهما ألواح خشب يعبر عليها إلى بابه، فإذا أزيلت لم يكن له سبيل، وداخل الباب موضع لجلوس حارس المنار.. وهو على تل مرتفع.. ولا يمكن التوصل إلى المنار في البر إلا من المدينة".

وأضاف أنه قصد المنار عند عودته إلى بلاد المغرب عام 750 هجريًا، وكان وصفه له آنذاك: "وجدته قد استولى عليه الخراب بحيث لا يمكن دخوله ولا الصعود إلى بابه".