الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التعدى على الأراضى الزراعية.. جريمة قتل!


ما حدث بالأمس عنوانه مصر قادرة، فمحور ترعة المحمودية الذى افتتحه الرئيس عبد  الفتاح السيسى ليس مجرد محور عمرانى جديد على الحضارة الإنسانية، لكنه كان درسا جديدا من دروس زرع الثقة فى النفس وجرس إنذار لكل متعد عنوانه "مصر قادرة" ونعم نستطيع مواجهة أى تحد فى أى اتجاه داخلى أو خارجى، لأننا نمتلك القدرة على فعل أي إنجاز، ونمتلك أيضا القدرة على وقف أى تعديات واعتبار أى تجاوز وتعدى على الأرض الزراعية جريمة عدوان على خير مانملك بل جريمة قتل، ورسالة الرئيس فى هذا الصدد كانت شديدة وحازمة وواضحة أنها "تكليف للمسؤولين وتحدى للمخالفين والمتطاولين واختبار شديد للحكومة".. على وقف التعديات!



كان الرئيس على حق حين قال أشهد المصريين على قدرة الدولة والهيئة الهندسية على رصد حجم التعديات التى حدثت وتحدث فى كل أنحاء مصر بالتكنولوجيا الحديثة يوم بيوم بل ساعة بساعة خلال العشر سنوات الماضية منذ يناير 2011، وعلق الرئيس: "المواطنون كتير منهم متألم ومتضايق من موضوع إجراءات الدولة لضبط مخالفات البناء سواء الأراضى الزراعية أو بدون ترخيص، محدش بيتكلم في الموضوع ده كويس، علشان محدش يزعل، وأنا مش طبيعتى معاكم كده يا مصريين، إحنا قدامنا تحدى وطلعت قدامكم وقلتلكم التحدى ده خطير علينا والاستمرار عليه يدمر الدولة المصرية!

كنتوا بتتكلموا وخايفين من موضوع سد النهضة، وصدقوني البناء غير المخطط والتعدي على الأراضى الزراعية خطير مش عاوز أقول بنفس نسبة سد النهضة، بس الناس مش شايفاه، والواضح لينا موضوع المية، واللى مش واضح لينا الاستمرار في التعدى على الأراضي الزراعية والبناء غير المخطط، وقال الرئيس السيسي: «أتعذب وأتألم يوميًا بسبب هذا الوضع». 

هذا الوضوح وتلك الصرامة من رجل دولة نادر وغضبته فى الحق ومنع التعدى دون النظر لأي موائمات سياسية، أو  شعبية، على حساب الاحترام لقيمة الدولة، هو السبب الذي جعلنا نجني اليوم نتيجة هذا الالتزام،!

وما فعله الرئيس من تأكيد دور الدولة في منع التعدى على المحاور والأرض الزراعية يجعلني أعود بالذاكرة 16 سنة إلى الوراء ليعرف القارئ الكريم ماذا كنا وكيف أصبحنا.. فقد كان لي شرف التنبيه لخطورة التعدي علي الأراضي الزراعية في حملة تحقيقات بجريدة الأخبار عام 2004 حينما علمت بوجود محاولات لتعديل القوانين التي تمنع التعدي علي الأراضي الزراعية، وعلمت أن هناك مشروعات قوانين مقدمة للبرلمان تسمح بالبناء عليها، لذلك قمت بالحملة وأشرت إلى حجم التعديات والبناء التي حولت حقولنا الخضراء إلى كتل أسمنتية، وشاركنا الحملة العالم الجيولوجي الكبير فاروق الباز فى التنبيه إلى أن الرقعة الزراعية في مصر ستختفي خلال 150 عاما، إذا استمر التعدي بهذا المعدل الكبير!

فما كان يحدث يومها عكس فطرة المصريين،  فالأرض الزراعية مقدسة، ولا يمكن تعويضها، وقد أقر المؤرخ اليونانى الشهير هيرودوت أهميتها حين قال إن مصر هبة النيل، لأنها بفطرتها كانت أول مجتمع مستقر يقوم علي الزراعة وتصنيع المنتجات الزراعية.

لكن مع الأسف يومهاـ 2004 ـ كان الالتفاف كبيرا على القوانين والقرارات واستمرت التعدي بشراسة حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، من تآكل الرقعة الزراعية!

وهذا قيمة ما فعله الرئيس الذي آمن بقدرات وإمكانات هذه الدولة وقدرة المصريين على الإنجاز والإعمار، وقدرتهم على تسخير التكنولوجيا لكشف التعديات ساعة بساعة وقال: إذا كان رئيس الوزراء قال إن خدمات الدولة تغطي 99% من سكان مصرـ وهو على حق ـ  لكن الخدمات لن تصل إلى 100% من السكان لأن هناك نتوءات وتجمعات صغيرة أقيمت بالمخالفة على الأرض الزراعية تحكمها ثقافات وأعراف غريبة منها مقولة "إن ولادى يكونوا معايا".

ولو كان ذلك على حساب خنق الرقعة الباقية من الأرض الزراعية.. مبررات واهية تتستر بمفاهيم اجتماعية خاطئة..وتدعمها دعايات شريرة من الخارج لن تنتهي ولن نعود إلى طبيعتنا خلف قيادتنا وحكومتنا الرشيدة فى مواجهة دعايات سوداء إلا إذا انتبهنا واعتبرنا أن التعدي على الأرض هو بحق جريمة قتل والحل: نكون أو لا نكون؟!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط