الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جارة القمر .. كلنا مشتاقون


هي واحدة من أساطير الغناء العربي، تظل فيروز في مكانة فريدة تجلس بعيدا تسمع أخبارها بالكاد، اختارت العزلة مثل معظم المبدعين لا يتحدثون كثيرا .. هكذا فيروز نجحت في أن تحافظ على قيمتها لدى الجميع لم تنجرف في تصريحات أو آراء هنا أو هناك تسيء لها، ظلت طوال تاريخها بعيدة عن الإعلام وكان ظهورها نادرا، لا تشاهدها إلا على المسرح تغني، وهنا يكون الاختفاء والصمت مفيدا أكثر من الظهور والحديث للنجوم أصحاب المكانة الكبيرة حتى تظل صورتهم في خيال معجبيهم يرسمونها لهم كما يشاءون، لم نسمع يوما أنها غنت لزعيم أو رئيس، دائما أغنياتها الوطنية للأوطان وليست للأشخاص.


وكثير من النجوم سقطوا وفقدوا من رصيدهم عندما تحدثوا وخاصة في أمور لا تعنيهم!..
تشعر أن ماكرون في زيارته الأولى تأكد ان الشارع بات كارها بشدة لجميع القوى السياسية اللبنانية وبالتالي لقاءاته الرسمية المعتادة لا تعنيهم بل تجلب له الانتقاد من الجميع فهو يريد كسب الشارع "المجروح" والذي لم يجد من يحنو عليه لذلك حققت لقطات "الأحضان الدافئة" للجماهير في الشارع والتي تناقلتها وكالات الأنباء رد فعل إيجابي لزيارته، فماذا يفعل في زيارته الثانية لكسب الشارع مرة أخرى، من غير "فيروز" أيقونة الغناء اللبناني والعربي والتي تحتفظ بحب لدى الشارع العربي من المحيط إلى الخليج وكانت الخطوة الذكية لزيارتها في منزلها والتي جعلت ماكرون يكسب أكثر مما يتوقع لدى الجماهير في الشارع اللبناني والعربي، فكانت رسالة منه تحمل الكثير من "الود والتقدير" إلى جميع اللبنانيين أنا هنا بينكم ومثلكم.


ما إن ظهرت صورة فيروز بعد غياب سنوات مع الرئيس الفرنسي ماكرون وهو يكرمها، حتى تلقفها عشرات الآلاف في الوطن العربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات من الحب والعشق لهذا الصوت الذي رافقهم من المحيط إلى الخليج ، ‏الجميع مشتاقون لرؤيتها لأنها تحمل الكثير من الذكريات، الجميع عبر بعفوية وبكلمات بسيطة عن ذلك الظهور الاستثنائي، من بين ما لفت نظري تغريدة الروائي إبراهيم عبدالمجيد "والله انا لما شفت فيروز دموعي كانت حتنزل، عمر جميل مع أغانيها بالليل والوحدة والأمل"، هكذا مر شريط الذكريات مع الكثيرين عند رؤية فيروز.


لا أذكر مدى بدأت العلاقة مع صوت فيروز ولكن منذ بدأت علاقتي بسماع الأغنيات وجدتها حاضرة بقوة في وجدان المصريين يسمعونها في كل مكان ويحفظون أغنياتها عن ظهر قلب شباب وكبار، وبدأت أستمع إليها، هي صوت من الأصوات الفريدة، عندما تسمعها تنسى العالم، شاركتنا فيروز بصوتها الأيام والليالي كانت كأحد الأصدقاء يؤنسنا في وحدتنا، هي صوت قادم من السماء مثلما قال عنها "عبدالوهاب"، يؤدي  كل ما يغنيه  بغير جهد أو افتعال، لأن صاحبته تعيش في جو الأغنية  وتطبع به إحساسها ثم تشدو من قلبها بها.


بالطبع نجحت فيروز في الحفاظ على خصوصية حياتها فظلت الصوت فقط الذي نسمعه ونعرفه، وتولى الخيال باقي معرفتنا بتلك الشخصية.


وأذكر أن يوسف شاهين كشف جزءا ربما كان مخفيا عن حياتها الخاصة وعلاقتها مع زوجها عاصي الرحباني ومدى قسوته في التعامل معها أثناء الشغل، كان لا يقبل النقاش في الأمور الفنية يريد أن يفرض رأيه على كل شيء فحدث صدام متوقع بينه وبين يوسف شاهين أثناء تصوير فيلمها "بياعة الخواتم" وهدد شاهين بترك الفيلم لو لم يتوقف عاصي عن التدخل في تفاصيل التصوير وداعبها ذات مرة بخفة دمه وقال لها "انتي ازاي مستحملة الراجل ده! ما تطلقي منه"، هو كان يرفض أن يقترب أحد منها حتى عندما حضرت معه في شهر العسل إلى القاهرة عام 1955 وجلسا فترة طويلة وصلت لستة أشهر سجلت عددا كبيرا من الأغنيات للإذاعة المصرية، رفض وقتها أن تتعاون مع ملحنين مصريين، قبل أن يعود ويوافق على تعاون فيروز مع عبدالوهاب عام 1961.


ورغم أنها أحبت التمثيل إلا أنها لم تقدم سوى ثلاثة أفلام بتوقيع مخرجين مصريين بركات وشاهين.. وكما هي مطربة كبيرة أثبتت أيضا نجاحا كممثلة حسب رأي شاهين "لقد فوجئت بالموهبة التمثيلية التي تتمتع بها المطربة فيروز، أنا أعرف أنها مطربة كبيرة ممتازة، لكنّها أثبتت أنها ممثلة كبيرة وواحدة من كبيرات نساء الشرق، أطلب منها عشرين طلبًا لتصوير إحدى اللقطات، وعندما تدخل الكادر تنفذ جميع الطلبات.


واعترفت في حوار لها مع الأديب توفيق الحكيم انها اكتشفت ان التمثيل أمام الكاميرا أسهل من مواجهة الجمهور على المسرح.


في حفلها الشهير عام 1976 بالقاهرة ودعت فيروز الجمهور بأغنية “زوروني كل سنة مرة” لسيد درويش، وفي اليوم التالي نشر صلاح جاهين كاريكاتيره الشهير وهو يهتف “أهو انتي اللي لازم تزورينا كل سنة مرتين تلاتة“.


أخيرا أتمنى تكريمها في مصر قريبا ومنحها الجنسية المصرية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط