الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحفاظ على الأرض.. تكليف.. تحد.. اختبار!


لا تزال الحكومة تواجه بقوة التعديات على الأراضى الزراعية والمباني المخالفة، وأتمنى أن تظل هذه المواجهة مستمرة وبنفس القوة، فقد عانينا ومازلنا نعاني أثر هذه التعديات، بعد أن وصل حجم المخالفات إلى حوالي 3 ملايين عقار مخالف، ومليون و900 ألف تعد على الرقعة الزراعية  التى تتآكل بسرعة رهيبة وخلال أعوام قليلة إذا استمر التعدي بنفس المعدلات ستختفي أرضنا السوداء المحملة بطمي النيل وخيراته، علما بأن بناء المساجد والمقابر هو الوسيلة الأسهل للتحايل على القانون!


تعالوا بهدوء شديد نتأمل بعض جوانب الحملة التى يتابعها الرئيس بنفسه على أرض الواقع سواء بنزوله إلى الشارع ولقاءاته واستماعه للمواطنين أو من خلال تقارير الجهات المتعددة.

 
عنوان الحملة "حق الدولة"، وشعارها الذي أطلقه الرئيس يتلخص في ثلاث كلمات: تكليف وتحد واختبار، وهي رسالة شديدة وحازمة وواضحة معناها "تكليف للمسئولين وتحدى للمخالفين والمتطاولين والمشككين وقوى الشر، واختبار شديد للحكومة".. على وقف التعديات!

 
وحق الدولة.. ليس مجرد تحصيل غرامات من المخالفين لقوانينها، ولكنها رؤية تشمل وقف التعدي على الأرض والحفاظ عليها، لأن أرضنا الزراعية، مصدر الغذاء و البند الأول في أمننا القومى،  فالقاعدة الذهبية تقول من لا يمتلك غذاءه لا يمتلك حريته، ونظرة بسيطة على الدول من حولنا نجد أن الدول التي تفككت بفعل الاضطرابات لم تتفكك بالتدخل الأجنبي المفضوح فى شئونها بل تفككت يوم استسهلت حكوماتها أن تستورد غذائها من الخارج يوم بيوم.


رحم الله وزير الزراعة التاريخي منذ الثمانينات الدكتور يوسف والى الذي غادرنا أمس إلى رحاب الله، فقد كان يشعر بالذعر من التفريط فى رقعتنا المنزرعة، وللأمانة وللتاريخ ومن خلال عملي فى تحقيقات "الأخبار"، كان من أكثر الوزراء إيمانا بقاعدة امتلاك الغذاء بالتوسع فى الأرض الزراعية، بدأ عمله فى الزراعة أيام الرئيس عبد الناصر وكرمه الرئيس السادات وتولى وزارة الزراعة نهاية الثمانينات أيام الرئيس مبارك، فكان بحق خولى أنفار بدرجة وزير زراعة، لم يغير الأفرول العمالى الذى يرتديه فى الحقول، وناضل من أجل سياسة التوسع الأفقي للخروج من دلتا وادي النيل إلى الأراضي الجديدة، فطاردته قوى الشر ـ كعادتها ـ بالشائعات والمبيدات المسرطنة ، ومات مظلوما رغم دوره فى تحديث الزراعة المصرية والعربية!

 
وبلغة الأرقام المعروفة عن حجم التعديات على الأراضى الزراعية الخصبة بالوادى والدلتا سواء بالبناء والتجريف والتبوير والتسقيع، عن أن مخالفات التعديات منذ يناير 2011 حتى عام 2018 بلغت ما يقرب من مليون و800 ألف حالة تعد حصيلتها ضياع  مائة ألف فدان من أجود ما نملك، والذى يؤدى إلى استيراد السلع الزراعية والغذائية المدعومة من الخارج بكميات كبيرة، مما يضيف ضغوطا على موارد النقد الأجنبى، ويؤدى إلى الحاجة المستمرة للاستثمار فى استصلاح الأراضى الزراعية الجديدة.


كما شهدت نفس الفترة تقريبا بناء 3 ملايين عقار فى المدن والمحافظات مخالف حسب تقرير مجلس النواب، ولو تركت هذه المخالفات ستختفي الأراضي الزراعية وستصبح كل مدننا وأحيائنا فريسة للتحايل والعشوائية!


وبنفس الكيفية فى إهدار الموارد لإنتاج المحاصيل، تهدر الموارد في بناء شبكات جديدة للمياه والصرف الصحى والبنية التحتية وتحديثها فى المدن بشكل مستمر، لوقف هلاك المرافق أمام هجمات العشوائية لعدم ملائمة الشبكات الضغط المتزايد وغير المخطط في المناطق التي تستشري فيها مخالفات البناء.


والحل أن تثبت الدولة وجودها بنفس اللغة التي لا تقبل المهادنة ولا ومسك العصا من المنتصف، ومن الطبيعي فإن التنفيذ لابد أن يكون صارما وحازما، وصادما والطبيعى أن يشوب التنفيذ فى البداية بعض الأخطاء فهذا وارد، لكن الأخطاء يمكن تداركها فى حين أن حق الدولة لا يمكن التفريط فيه، ولا مفر من التنفيذ بحزم، ولهذا لم أستغرب من تأكيدات رئيس الحكومة على ضرورة الإزالة الفورية لكل المخالفات ومد مهلة التصالح بشكل نهائى حتى 30 سبتمبر الجارى، لأن المهمة واضحة والخطر داهم يحاصر الجميع والتعليمات واضحة فى مواجهة العدوان الجديد والامتحان صعب واختبار للشعب وللحكومة لكن النجاح ليس مستحيلا!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط