يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جيدًا قوة الإلهام الرمزية الكامنة وراء مصطلح "كيزل إلما" أو "التفاحة الحمراء" في المخيلة الشعبية التركية.
وبحسب موقع "نيو يوروب"، شاع مؤخرًا استخدام مصطلح "التفاحة الحمراء" بشكل متكرر في وسائل الإعلام التركية الموالية لنظام أردوغان، وهي إشارة إلى أسطورة عسكرية ترمز إلى طموح الأتراك العثمانيين القدامى للسيطرة النهائية على العالم أو أكبر رقعة ممكنة منه.
وبالرغم من الغموض المحيط بأصل المصطلح أو ظروف صكه، فإن المعروف أنه يعود إلى الزمن الذي كان فيه الأتراك لا يزالون قبائل مرتحلة من أواسط آسيا باتجاه الأناضول، وكان يشير بالتحديد إلى خطط غزو العثمانيين الأوائل للقسطنطينية (المعروفة اليوم باسم إسطنبول) وفيينا وروما، في زمن كانت المدن الثلاث هي أهم المراكز الحضرية في أوروبا القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
وأضاف الموقع أن رؤية "العظمة العثمانية" تلك هي الجوهر الأساسي لحملة نظام أردوغان الإعلامية الهادفة إلى إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية في المخيلة الشعبية التركية أولًا ثم بالتطبيق على الواقع الجيوسياسي.
وتجلى ذلك مؤخرًا في خطاب ألقاه أردوغان في أواخر أغسطس بمناسبة ذكرى معركة مانيزكرت (ملاذكرد) في القرن الحادي عشر، والتي شهدت انتصار السلاجقة الأتراك على الإمبراطورية البيزنطية الناطقة باليونانية، وفتحت الباب أمام تتريك الأناضول في نهاية المطاف.
وفي هذا الخطاب، قال أردوغان بوضوح إن "تركيا ستأخذ كل ما يحق لها في البحر المتوسط وبحر إيجه والبحر الأسود. لن نقدم أي تنازلات"، وأضاف أن "اليونان لا تستحق تراثها البيزنطي".
على أن عقبة رئيسية تقف في طريق طموح أردوغان الاستعماري ذاك: أوروبا؛ إذ من الواضح أن لدى بعض العواصم الأوروبية مثل باريس وفيينا إدراك واضح لأغراض أردوغان النهائية، حتى وإن كان قصر النظر لدى بعض العواصم الأوروبية الأخرى يمنعها من التفكير فيما هو أبعد من مصالحها القريبة المباشرة في الحفاظ على علاقاتها مع أنقرة جريًا وراء استثمارات اقتصادية بحتة.
وحتى الآن، يبدو الاتحاد الأوروبي مترددًا في طرح موقف قوي وموحد لدعم أعضائه بشكل كامل – والمقصود بالتحديد اليونان وقبرص - عندما تتعرض سيادتهم للتهديد المباشر من تركيا.
وحذر الموقع من أن ذلك يقوض مصداقية الاتحاد الأوروبي، فقد يكون هذا الموقف منطقيًا من الناحية الاقتصادية على المدى القصير بالنسبة للبعض، ولكن من المرجح أن يمهد الطريق لتقويض الاستقرار على المدى المتوسط والطويل في المستقبل.
وأضاف الموقع أن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يكون رهينة لدى دولة عدوانية مثل تركيا، ففي نهاية المطاف، سيكون الاتحاد الأوروبي نفسه هو الضحية النهائية، لأن سياسة التهديد والابتزاز التركية ستصل عاجلًا أم آجلًا إلى قلب الاتحاد الأوروبي إن سُمح لأردوغان بالسيطرة على شرق المتوسط، فمن الواضح أنه لا ينوي الاكتفاء باحتلال أجزاء من سوريا وليبيا.
وخلص الموقع إلى أن الوقت قد حان لكي يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفًا حازمًا ويفرض عقوبات رادعة على تركيا، ليس فقط لمحاسبتها على اعتداءاتها على حقوق اليونان وقبرص، وإنما في سبيل حفظ الاستقرار والسلام في أوروبا والشرق الأوسط ككل.
وختم الموقع بالتحذير من أنه بدون هذا الموقف الحازم المطلوب من أوروبا، فسيكون من الأفضل لها الاستعداد لموجة جديدة من العدوان التركي تستهدف قلب الاتحاد الأوروبي نفسه هذه المرة.