تحتفل مصر والقوات المسلحة، بمرور 47 عامًا، على ذكرى نصر السادس من أكتوبر عام 1973، وتحرير سيناء من العدو الإسرائيلي، الذي قام باحتلالها عقب حرب 5 يونيو عام 1967، وقام المصريون طوال 6 سنوات، هي من الفترة 1967، حتى 1973، بالاستعداد لمعركة النصر المبين، والتي أنهت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، الجيش الإسرائيلي، في السادس من أكتوبر عام 1973.
عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة، في السادس من أكتوبر عام 1973، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة في الوطن وهي سيناء، واستعاد المصريون الأرض، واستعادوا معها كرامتهم واحترامهم أمام العالم.
وتتميز سيناء بمكانتها الجغرافية وتاريخها الواسع حيث إنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا بين الشرق والغرب.
والمقاتل المصري هو المعجزة الحقيقية لانتصار أكتوبر العظيم، فقد استطاع بعقيدته وإيمانه بالله وعزيمته وإصراره استرداد الأرض وطرد العدو وإلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي بأسلحته الحديثة المتطورة، وتدمير خط بارليف الذي قال عنه الخبراء الروس إن مصر ليس لها أمل في عبور الساتر الرملي إلا من خلال القنبلة الذرية.
وقدمت المدفعية المصرية خلال نصر أكتوبر أروع الأمثلة في التضحية بالروح في سبيل الحصول علي النصر، وكان أحد أبطال نصر أكتوبر 1973، هو الفريق محمد سعيد الماحي، قائد المدفعية المصرية، ونستعرض معكم في السطور التالية، التاريخ العسكري والسيرة الذاتية لـ "الصامت الرهيب" كما لقبه الرئيس الراحل، محمد أنور السادات.
نشأته
ولد الفريق محمد سعيد الماحي، في محافظة دمياط عام 1922، والتحق بالكلية الحربية عام 1939، وتخرج فيها عام 1942، وقد تخصص في سلاح المدفعية.
التدرج الوظيفي
عُين قائدًا للواء مدفعية، وتدرج في وظائف المدفعية جميعها حتى وصل إلى منصب قائد المدفعية المصرية.
الحروب التي شارك فيها
شارك الفريق محمد سعيد الماحي في العديد من الحروب، كحرب فلسطين عام 1948، وحرب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وحرب 5 يونيو 1967، وحرب التحرير الكبرى أكتوبر 1973.
تطور سلاح المدفعية في عهده
استطاع رجال سلاح المدفعية استيعاب التطوير الذي أُدخل علي النواحي الفنية والتقنية علي الأسلحة الجديدة التي انضمت للمدفعية، وذلك خلال الفترة من 1968 حتى الفترة 1973، كما استوعب رجال وأبطال سلاح المدفعية التعديلات الأخرى في التسليح من الصواريخ المضادة للدبابات إلى الصواريخ أرض أرض، ليس علي المستوي التكتيكي فقط، بل علي المستوي الإستراتيجي، وأثبتت ذلك في سيناء خلال الحرب بصورة متفوقة.
حرب يونيو وحرب الاستنزاف
بعد حرب 5 يونيو 1967، بدأ العدو الإسرائيلي في إقامة خط حصين علي طول شرق القناة، منتهزًا وقف إطلاق النار بعد الحرب، وبمرحلة كسر وقف إطلاق النار، بدأت المدفعية المصرية بكافة أعيرتها في التعامل مع هذه التحصينات، وتم تدمير جزء منها حتي صدر وقف إطلاق النار في أغسطس 1970.
وأقام العدو الإسرائيلي التحصينات بمستوى هندسي عال، وبالتالي زاد العبء علي المدفعية المصرية، وقبل حرب أكتوبر، أقام سلاح المدفعية وسلاح المهندسين نقاطا قوية في العمق المصري، مشابهة تماما لحصون بارليف، وكانت النقط الحصينة المصرية التي أقيمت تفوق نقاط العدو من حيث القوة والمناعة والتحصين والأسلاك والألغام.
مهام سلاح المدفعية في نصر أكتوبر
قامت المدفعية المصرية ببعض المهام التي لم يكن من المعتاد أن تقوم بها، كفتح الثغرات في حقول الالغام والأسلاك علي مستوي حصون بارليف، وبذلك استطاعت قوات المشاه والمدرعات اقتحام هذه الحصون والاستيلاء عليها.
كما تم تنفيذ عبور المدفعية بكامل أعيرتها طبقًا للتخطيط الموضوع كما عبرت بعض أجزاء المدفعية الثقيلة المصرية إلى الضفة الشرقية يوم 6 أكتوبر حتى تتمكن من التعامل مع العدو الإسرائيلي بأقصى مسافات تسمح لها بمدي نيران مؤثر، كما تم الاحتفاظ بجزء آخر في غرب القناة كعمق للمدفعية يتعامل مع أسلحة العدو في الوقت المناسب.
وكان من أحد مهام سلاح المدفعية في نصر أكتوبر، هو ضرب العمق الإسرائيلي عن طريق الصواريخ الإستراتيجية من طراز "سكود" في حالة تطلب الأمر ذلك.
أكثر من 2000 مدفع تقوم بأكبر عملية تمهيد نيراني
كان عدد المدافع التي حُشدت علي طول القناة في المواجهة مع العدو الإسرائيلي يزيد على 2000 مدفع، حيث كان حشد هذه المدافع علي خط المواجهة عملا فريدًا بالخداع الكامل للعدو، حيث أن المدافع وذخيرتها دخلت إلى أماكنها دون أن يدرك العدو.
فقد تم تدمير نسبة كبيرة من الاحتياطي المدرع الإسرائيلي خلال الأيام الأولي للحرب، وتحققت أكبر مستويات الفعالية في القصف المصري داخل مناطق تشوين الذخيرة الإسرائيلية وحشد الدبابات في عمق العدو ثم تقدمت تشكيلات المدفعية عابرة إلى سيناء فاتحة نيرانها رافعة رايات النصر.