الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النصر الأكتوبري والربيع العبري!


هل لايزال هناك أى شك لدى البعض بأن موجة الفوضى التى ضربت الدول العربية مع بداية العقد الثاني من الألفية، كانت مدبرة، وموظفة أوجاع شعوب المنطقة لصالح جهات معينة بالذات؟! .. كل المعطيات المتزايدة كل يوم، تجعلنا نسمي ما يعتبره البعض "ربيعا عربيا"، "ربيعا عبريا" بكل ثقة!

المستفيد الوحيد من كل هذه الانهيارات والفوضى والخراب الذي ضرب الدول العربية، هى إسرائيل وحلفائها، هذا ليس كلاما حماسيا بل رصدا واقعيا، حتى إننا وصلنا إلى حالة لم يكن ليتصورها أسوأ المتشائمين، فالأغلبية ولن أقول الكل يهرولون نحو التطبيع المجاني بلا أي شروط، هادمين حتى المبادرة العربية، آخر سدود العروبة، يسعون لتل أبيب، حتى ينالون رضاءها، متصورين أنهم بذلك يحمون دولهم وأنظمتهم.

إسرائيل المغتصبة، أصبحت تمثل الشرعية والقوة الدولية، بالنسبة لهم، بخلاف الترويجات حول أنها الدولة الأكثر تقدما في التكنولوجيا بكل أنواعها، بالشرق الأوسط.. يتمنون قربها، بغية الرضاء الدولى، وبالذات الأمريكى، متعللين إنها الطريق الوحيد لحل أزماتهم الداخلية، ولا أقصد أن تصل لمخيلتكم السودان أو البحرين، أو حتى كوسوڤو شبيهة الدولة الفلسطينية، وأنا أقول ذلك، فالقائمة طويلة، وتشمل بالتأكيد، الإمارات وقطر وعمان والكويت والسعودية والمغرب والعراق ولبنان وسوريا.. ولو كانت هناك بقية ستأتى بنفس الطريقة، رغم تأخر البعض!

وسنصل لوقت تكون مصر فيه، قائدة معسكر ممانعة من نوع جديد، يشدد على الثوابت والحقوق الفلسطينية والعربية، التى انهارت أمام المصالح الخاصة، فلم يعد هناك تقدير لمعايير الأمن القومى الجمعى، فكل واحد يبحث عن مصلحته الخاصة الضيقة، وليس بعيدا بالمرة أن تكون إسرائيل عضوا مع الدول العربية فيما يشبه ناتو عربي، مع انهيار التحالفات العربية من الجامعة العربية والاتحاد المغاربي ومنظمة التعاون الخليجى، بل وتقوم إسرائيل بوساطة تحل فيه الخلافات المعقدة بين فرقاء الخليج، قطر من ناحية وثلاثية المقاطعة من ناحية، والمحايدون من ناحية أخرى!

وليس بعيدا بالمرة أن نجد نقاط معلنة للموساد في دول عربية، بحجة الرد على التهديد الإيراني، والذي أراه "بعبعا كارتونيا"، وكله في إطار لعبة تقسيم الأدوار الدولية، لتقزيم العرب وتحويل إسرائيل لقوة عظمى، بالتعاون بين الصهاينة والعثمانيين والفرس، وفي هذا الإطار ستضطر مصر لتغيير نقاط أمنها القومى التقليدية، واعتبار مناطق مستقرة، بيئات مقلقة.

وبالطبع لا يخفى على أحد، أدوار المتأسلمين بكل مذاهبهم و أسمائهم وجنسياتهم، التى لا يؤمنون بها، فهم أمميون، في كل هذه الفوضي التى ترسم إسرائيل شرق أوسطها على أطلالها، فالإخوان والدواعش ومن قبلهم القاعدة دمروا الأمم، فدخلتها إسرائيل على الجاهز، فارضة شروطها، وأغلب الدول قالت سمعا وطاعة، وبالمناسبة إخوان إسرائيل موجودون في الكنيست الإسرائيلى، وهناك أدلة كثيرة جدا عن دور إسرائيل والصهيونية في تقوية التنظيمات المتأسلمة، التى أربكت المجتمعات العربية بالجدل، وأنهكتها بالظلامية والإرهاب، وشغلتها كثيرا عن التنمية، وأخيرا كانت الشريك الأساسي في الفوضى، التى مهدت للشرق الأوسط الإسرائيلي!

إن التاريخ يكتب من جديد، وللأسف في صالح الأعداء الآن، وذكاؤنا ألا نكون صداميين، بل نكمل طريقنا بحرب وعى حقيقية محترفة لنعود من جديد، فكأن ما نحن فيه، هو "نكسة الشرق الأوسط"، ولنعد لحرب استنزاف بمعنى مختلف، وبعدها نصر أكتوبرى جديد، وهذا السيناريو الوحيد للعودة، من وجهة نظرى، فنحن وحدنا، ولم يبق سوى الجيش المصري فقط، خاصة إن بداية السقوط كانت لواحد من أهم جيوش المنطقة، العراقي وتلاه السورى، وإنسوا الباقي ببعض استثناءات، مثل الجيش السعودى والجيش الجزائرى، وبالتالى فالمواجهة العسكرية المباشرة لن تكون الحل المناسب بالطبع، ولا أحد يريدها حتى إسرائيل، وأتصور إننا في طريق ليس بسئ، المهم أن نكمل فيه بمنتهى الدهاء، ونبصر شعبنا بما نحن فيه بحرب وعى متطورة باستمرار، فالمهادنة لا تعنى الاستسلام.

روح أكتوبر، هى سلاحنا الوحيد للمواجهة والبقاء، وطبعا يريد الأعداء إطفاءها في داخلنا، فكل ما يحدث لنا وحلفائنا مجرد عقاب على نصرنا عليهم في أكتوبر، ونحن يجب أن نعى ذلك لنبقي روح أكتوبر مشتعلة داخلنا!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط