الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصتي


"قصتى" واحد من الكتب التى قرأتها خلال الفترة الأخيرة .. وليست قصتى أنا الشخصية كما جاء فى عقلك للوهلة الأولى منذ قراءة عنوان هذا المقال، هذا الكتاب من تأليف وتدوين الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبى، يحمل هذا الكتاب خمسين قصة بألف قصة بل بآلاف الكتب والعبارات فتلك القصص من يستوعبها يدرك بداية ومسار الطريق الصحيح، يدرك أن العالم مازال بخير وأن هناك بشرا على الأرض قلوبهم عامرة ومملوءة بالإيمان، وعقولهم مستنيرة تستطيع من خلال إدراكها وتوقعها تخطى الصعاب وتليين الحديد بالعقل والمنطق.


هذا الكتاب كان بمثابة إبهار حقيقى لدرجة أنى قرأته أكثر من خمس مرات خلال ثلاثة أشهر، لأن من وجهة نظرى أن هذا الكتاب هو بمثابة خريطة للعالم، وخاصة العالم العربى فى كيفية الاستثمار وإرساء قواعد اقتصادية عميقة وإدارة المشروعات، بل إن هذا الكتاب بمثابة خريطة لتأسيس دول قوية تستطيع أن تنجز كل المهام وتستطيع أن تعمق الوحدة العربية، يستطيع هذا الكتاب أن يحصل على لقب "كتالوج الحكم" كما ينبغى أن يكون، فكل عبارة فى هذا الكتاب مكتوبة بعناية شديدة ولا تحمل التأويل غير الرسالة التى تريد الجمل أن تصل إليها وبها.


كتاب "قصتى" للشيخ محمد بن راشد أل مكتوم حاكم دبى يكاد يكون بمثابة الدراسة الوحيدة التى كتبت وتحمل فى طياتها كل شىء إيجابى مرتبط بالسياسة ومفهومها، والتنمية الاقتصادية والتنمية الفكرية بل بالتنمية الإنسانية أيضا، فهذا الرجل نجح أن يرصد الواقع وينجز المهام خلال مشاركته فى المناصب القيادية فى دولة الإمارات الشقيقة منذ نعومة أظافره حتى وصل الى حاكم دبى.



فانبهارى كمواطن عربى بالشيخ محمد لم يأت من فراغ ولكنه جاء من الصورة المركبة التى رسمتها لهذا الحاكم العربى، هذه الصورة ستجد فيها الكثير من الملامح تزاحم بعضها البعض ولا تطغى إحداها على الأخرى، فالصورة تبرز أننا نرى حاكما قويا معاصرا للتطور ومجددا للأحداث وباحثا عن كل ما هو جديد لصالح وطنه وشعبه، لديه ألفة بينه وبين نفسه وبين الناس ودائما ما يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ولديه إحساس الفنان والمحارب وحساسية ورؤية الناقد المفكر ، بإختصار شديد هذا الرجل إنسان قبل أن يكون حاكما، مؤسس للوعى كما هو مؤسس لهويته وكيانه العربى الأصيل حتى أصبح ملء السمع والبصر بنشاطاته المتنوعة ووجوهه المتعددة، وفكره وسيرته.



قصتى .. كتاب من نوع خاص لم يبهرنى مثله من قبل غير بعض الأعمال المكتوبة بعناية من الكاتب الراحل مصطفى أمين ، ولهذا أرى من وجهة نظرى أن هذا الكتاب سيكون له الفضل فى تشريح المجتمعات وإعادة النظر فى حال الشعوب، والتدقيق فى المعارف الإنسانية، سيكون الكتاب سيرة وتاريخا، ونقدا أدبيا بشكل غير مباشر، لأن به قصصا تترجم مواقف غربية تجاه الشعوب العربية، ويسلط الضوء ناحية سوء الفهم من بعض حكام الدول الغربية إزاء المجتمع العربى والشرقى، كما أن هذا الكتاب يطرح نظريات كما يطرح الحلول، فهو دراسة استقصائية تاريخية متكاملة تسد فراغا وتطرح أسئلة.



هذا الكتاب العميق يركز على أهمية السعى، كما يقدم تأملات حول الأثار المفسدة التى تتركها بعض العلاقات الاجتماعية ويطرح أيضا الحلول، ويسلط الضوء ناحية الحق الإنسانى للشعوب فى الحياة الكريمة والطموح اللا محدود ومهام القيادة وكيفية صناعة القادة، بالإضافة الى كيفية صناعة المستقبل .. إن كتاب "قصتى" من الصعب وصفه بكتاب سيرة أو كتاب تأريخى أو حتى كتاب فلسفى أو كتاب أدبى، بل إن هذا الكتاب بمثابة كل الصفات التى ذكرت ولم تذكر فهو كتاب شبه متكامل، إذا تم استيعابه سيغير مسار الشخص الذى يقرأه.



هذا الكتاب تعلمت منه أن المستحيلات تتلاشى على عتبات السعى، والظروف تتغير إذا أراد صاحبها "فليس للإنسان إلا ما سعى", والحياة تتبدل بالعمل والإصرار والعزيمة، فالتجارب التى جائت فى كتاب "قصتى" أعطتنى أنا كمواطن عربى دفعة للأمام وقوة ونضج وتحديا غير محدود وإرادة وعزيمة، ومعرفة بالعلوم ورؤية جديدة تحمل ملامح غير التى تعودت عليها فى زمانى السابق.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط