الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيهاب كاسب يكتب: كيف استطاعت الدولة إعادة بناء هويتها إعلاميًا؟!

صدى البلد

شهدت السنوات الأخيرة، لاسيما التي أعقبت ثورات الربيع العربي، اهتمامًا كبيرًا وتنامي مجال العلاقات العامة في مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة، وحتى مؤسسات المجتمع المدني الخيرية والتنموية، ليس في مصر فقط، بل في المنطقة العربية والعالم بأكمله، لأن الخريطة التفاعلية قد تغيرت بفضل الحراك الشعبي عالميًا والتطور التكنولوجي والثورة الصناعية الرابعة التي أصبحنا نعيشها. 


وبالنظر للتجربة المصرية، وعلى الرغم من أهمية العلاقات العامة في إدارة هوية وشكل المؤسسة إعلاميًا وإعلانيًا إلى جانب قدرتها الكبيرة على بناء سمعة إيجابية ورسم صورة ذهنية احترافية في ذهنية المتلقي من الفئات المستهدفة على اختلاف تنوعها وبما ينعكس على تعظيم أداء المؤسسة تحقيقًا لأهدافها وتنفيذًا لرؤيتها، لكننا لم نكن ندرك هذا الدور لقطاع أو قسم أو إدارة العلاقات العامة داخل المؤسسات المختلفة وإلى وقت قريب. 


هذه الإدارات داخل مختلف المؤسسات شهدت تطورًا كبيرًا واهتمامًا من كافة المسؤولين، سواء المباشرين أو القيادات المركزية سواء في الوزارات أو المحافظات المختلفة، وهو الأمر ذاته الذي تكرر مع كثير من الشركات على اختلاف حجمها سوقيًا،  وهي مجموعة أمور محمودة، فبعد أن كان نشاط العلاقات العامة داخل معظم المؤسسات قاصر على مهام أشبه بالدور الذي يقوم به موظفو السكرتارية والاستقبال، أصبحت ذا قدرة على المساهمة في تغيير الواقع من خلال طرح الأفكار والنقاش ووضع الخطة والرؤية الشاملة في إطار ما تسعى المؤسسة للتدوين عنه وإعلانه وتحقيقه ضمن خطتها الاستراتيجية لتدوينه وتحقيقه.


الاهتمام بمجال أو إدارات العلاقات العامة داخل المؤسسات والهيئات المختلفة وحتى الوزارات، هو أمر محمود للغاية، لكن السؤال، لماذا تغيرت رؤية هذه المؤسسات لدور العلاقات العامة ولماذا سعت لتفعيله بشكل حقيقي بعدما كانت تنظر للإدارة كونها المسؤولة عن استقبال الضيوف أو الوفود، وتتعامل معها بنظرة أشبه بأداء السكرتارية، وإن صح التعبير فإننا يمكننا القول بأنها لم تكن أكثر من وظائف مُجمده، فلم تكن تدرك كثير من المؤسسات دور إدارة العلاقات العامة وفي الوقت ذاته معظم الموظفين داخل هذه الإدارة لم يكن يعرفون أدائهم وواجباتهم بشكل حقيقي أو احترافي "إلا قليل".


هُنا نُشير إلى مجموعة الأفكار والأسباب خلف هذه التغيرات الفكرية، والتي تتمثل في تغيير فكر وثقافة مؤسسات الدولة نحو إدارة الكثير من الملفات، بما في ذلك سعيها المستمر لتطوير الأداء وتحسين جودة الخدمات و إقدامها على تنفيذ مشروعات ذات عوائد اقتصادية للمساهمة في توفير البدائل المختلفة للمواطنين، بداية من الخدمات منخفضة التكلفة وصولًا للخدمات الاحترافية والتكنولوجية، وهي محاولة للحفاظ على الفئة المتوسطة داخل المجتمع مرة أخرى، بعدما كانت قاب قوسين أو أدني من الاندثار بسبب الانفتاح الذي نعيشه وتكلفة فاتورة الإصلاح الاقتصادي التي تأخرنا في تنفيذه كثيرًا، وهو الأمر الذي كان يتطلب تطوير أدوات الدولة التسويقية على اختلاف تنوعها ومكانها وحجمها.


الأمر الثاني يتعلق بالظروف التي عاشتها المؤسسات الحكومية إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، ثم ثورة التصحيح في الثلاثين من يونيو، وجميعها واجهت حروب شائعات لم تكن تهدف لأكثر من إثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار والتشكيك المستمر في الأنشطة والمشروعات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية، وهي جميعها تهدف لأقصى أنواع الخراب من خلال بث الإحباط لدى المواطنين وبما يفقدهم الثقة في القيادة السياسية وفي مكونات الدولة حتى أن الأمر استهدف خلق حالة من الفراغ وعدم الثقة بين الموظفين داخل المؤسسات المختلفة وقيادات المؤسسة.


كُل هذه الأمور كانت ذات أثر قوي في تغيير رؤية الدولة ومؤسساتها المختلفة بداية من الأجهزة المحلية في القرى والمناطق والأحياء والمدن وصولًا للمؤسسات المركزية مثل المحافظات والوزارات وباقي المؤسسات، وبالتالي فإن تطور أداء هذه الإدارات وحصولها على المكانة التي تستحقها داخل المؤسسات كان لأسباب تتعلق برؤية وطنية أكثر من كونها رؤية إدارات، حيث عملت الدولة خلال السنوات الأخيرة على تطوير أدائها على كافة المستويات، فكان ذلك يحتاج إلى أيادي وأفكار وإدارات تساعد في التوعية بهذه الخدمات وهذا الجهد والتطوير الجديد.


واستكمالًا لما أشرنا إليه سلفًا، فإن تفعيل المؤسسات الحكومية لـ دور إدارات العلاقات العامة انعكس على تطوير أدائها كما ساهم في خلق نوع من الثقة بينها وبين المواطنين أو العملاء من الفئات المستهدفة، حيث استطاع تحقيق العديد من الإنجازات، وتجاوزت الكثير من الأزمات رغم إمكاناتها التي تحتاج إلى مزيد من التطوير بتعزيز القدرات والإمكانات اللوجستية والأدوات وصولًا لتدريب العاملين ورفع كفائتهم، ومنحهم شهادات احترافية من المؤسسات الأكاديمية أو المهنية المتخصصة في هذا المجال، ويُمكن صناعة وإعداد وتجهيز مجموعة من برامج التدريب الاحترافية المُتخصصة، تحت إشراف الجهاز القومي للتنظيم والإدارة برئاسة معالي الوزير الدكتور صالح الشيخ، وذلك في إطار التعاون بين الجهاز ومراكز تنمية المهارات وشركات ومؤسسات التدريب المتخصصة في هذا المجال وهذا النوع من التدريبات.