الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد اليمنى يكتب: المخ يستبدل ولا يمسح

صدى البلد

 المخ البشرى ذلك الجزء المخفى والمحمى فى تلك القوقعة العظمية التى تحيط به وتغلفه فتحميه من الأذى كما أنها تحفظ أسراره، وقد حاول الإنسان أن يقلد المخ البشرى فاخترع الحاسب الألى، ولكن أين يذهب صنع الإنسان بجانب خلق الله سبحانه وتعالى!!

والمخ عبارة عن وعاء فارغ لابد وأن يُملئ، فإما أن يكون المحتوى خيرًا فلا يبقى مكان فارغ فى الوعاء ليملئ بعكس ذلك، وإما أن ينقص الخير فيملئ المكان الفارغ بمتناقضات الخير، ومن ثَمَّ فإن على الإنسان أن يملئ وعائه بالأعمال الصالحة حتى لا يدع مكانا فارغا لغير ذلك، واذا أيقن الإنسان بذلك فيمكنه أن يراعى ذلك مع من يعول، ومع من يقود، ويكون هناك دور فى المجتمع على كل من ولى أمر غيره أن يراعى ذلك حتى يستقيم أمر الفرد ويستقيم أمر الأسرة ويستقيم أمر المجتمع بأن يشد بعضة أذر بعض، فالمسئولية جماعية لبناء ذلك المجتمع الصالح.
والمخ لا يفهم كلمة "مسح" فكل فعل يفعله الإنسان يُحدث أثرًا وكأنه ومضة، وإذا تكرر الفعل يزداد طول المسار العصبى الخارج من تلك الخلية العصبية، وإذا ما اصبح الفعل عادة يتكون ذيل طويل لتلك الومضة يمتد بإمتداد المداومة على تلك العادة، فتخيل معى كم يكون كم الخيوط التى يحتويها مخك كنتيجة لتلك الأفعال والعادات التى يفعلها الإنسان طوال عمره!! قد تكون تلك الخيوط بيضاء ناصعة إذا ما كانت تشير إلى عادات وافعال حسنة، وقد تكون غير ذلك؟ والجميع يملئ الوعاء، ولا يمكن مسح هذا ولا ذاك، فكل شئ قد تم تسجيله!! إلا أنه يمكن استبداله؟؟ كيف ذلك؟
هذه هى نعمة الله تعالى على البشر أن يمحو الفعل الحسن الفعل السيئ ويحل محله، فإذا اردت أن تمحو أثرا لفعل سيئ وليكن "عادة التدخين" فلابد أن تستعوضها بعادة أخرى تستحدثها فتحدث ما يشبه الومضة الجديدة وتداوم عليها فيخرج منها خيط يزداد بدواد المداومة على تكرارها، وفى نفس الوقت يتم التوقف عن العادة السيئة الأولى والتى ضربنا مثالا لها بالتدخين، حتى يلتحم الخيط الجديد الناشئ من العادة الحسنة بالخيط الأول الذى خلفته العادة السيئة فيستبدله ويحل محله.. سبحان من خلق فأبدع.
وهكذا يمكن أن يحل الفعل الحسن محل الفعل السئ فى كل شئ فعله الإنسان أو اعتاد فعله، وكلمة السر هى "الإستبدال" و "التكرار" فأقل مدة للمداومة على الفعل الحسن هى 14 يوما وتزيد حتى يتم استبدال الفعل السيئ بالفعل الحسن، فانت الآن وبعد أن عرفت سرا من أعظم اسرار مخك تستطيع أن تغير أى شئ وتستطيع أن توجه من تعول لكى يغير أى شئ .. فقط عليك أن تعقد النية على التغيير ثم تتوكل على الله تعالى وتستعين به، فأنت لا تملك من أمرك شئ، والأمر كله لله جل وعلىّ.
يبقى أن يعلم الإنسان أن عليه أن يغلق الملف المفتوح الذى قد تم فتحة فى المخ ولا يجب أن يترك هكذا، وهذا الملف هو ملف الفعل السئ، وهذا الملف لا يغلق إلا بالاعتراف بالفعل السيئ والتوبة منه، وهى أفضل الطرق واسلمها واقواها على الاطلاق لغلقه، وإلا سوف يسبب عدم غلقه مشكلات قد تؤدى إلى أضرار أخرى غير محمودة.
ولكن هذا ليس كل شئ فى أسرار التغيير؟؟ فهناك حذر يجب توخيه وهو الانتكاسة، حتى لا يرجع الإنسان للفعل الأول بعد ما كان قد استبدله مخه؟ وفى هذه الحالة يكون العلاج هو مداومة التذكير بأضرار الفعل الأول وعقوبته الربانية وما قد ينشأ من عواقب غير محموده عند الرجوع إليه.
دعنا ننظر نظرة أعمق فى ما يعالجنا به القرأن الكريم ونحن لا نعلم كيف يحدث ذلك فينا ونحن لا ندرى.. نجد الإشارات الربانية تخبرنا بأن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهذه هى "عقد النية"  ، ثم نجد الإشارة الثانية تخبرنا أن الحسنات يذهبن السيئات، وهذه هى "الإستبدال لا المسح" ثم نجد الإشارة الثالثة وهى الاعتراف بالذنب ثم التوبة وهى  "غلق الملف المفتوح" ثم نجد الإشارة الرابعة وهى التخويف والترهيب من فعل السيئات، وهذه هى "المداومة على التذكير" .. لا أملك إلا أن أقول سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، أقول اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي.