الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبراء أمنيون بتونس: جماعات الظلام تدعو لدولة الخلافة بتمويلات أجنبية.. والحرب على الإرهاب مستمرة

جماعات الظلام في
جماعات الظلام في تونس

على الرغم من حالة التجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية وانشغال البلاد بمجابهة الانتشار السريع لفيروس "كوورنا"، إلا أن "الحرب على الإرهاب" لا تزال ذات أولوية قصوى لدى القيادة السياسية والأمنية وكذلك العسكرية في تونس؛ التي شهدت عمليات إرهابية دموية في أعقاب ثورة 2011.

وتواصل الأجهزة الأمنية التونسية، بدعم من المؤسسة العسكرية ، اعتقال المشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية، وتفكيك خلايا تكفيرية إلى جانب الكشف عن مخابئ لعناصرها، فضلًا عن إحباط مخططات إرهابية، وهذا ما أكده وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، خلال جلسة للجنة الأمن والدفاع، حيث نوه بأن "التنظيمات الإرهابية شهدت تغييرًا خلال سنة 2020 على مستوى استراتيجياتها مستغلة تركيز الدولة على ملف جائحة (كورونا)، إلا أن تونس لم تنشغل عنها وتجابه كلا الخطرين بشكل متزامن ومستمر ومحكم"، فيما أكد وزير الدفاع التونسي، إبراهيم البرتاجي، أن الوضع الأمني بالبلاد يتسم بالهدوء الحذر مع تواصل سريان حالة الطوارئ، مشددًا على ضرورة البقاء في أعلى درجات اليقظة والحذر.

وحول الدور الأمني بتونس فيما يتعلق بمحاربة التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية، رأى العميد خليفة الشيباني الخبير الأمني والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية سابقًا - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن الوضع الأمني الحالي بتونس فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب تحت السيطرة والدولة مستمرة في الحرب على الإرهاب، مذكرًا بأنه منذ عام ٢٠١٤ أخذت الدولة التونسية بزمام المبادرة في مواجهة الإرهاب من خلال رصد الإمكانيات المادية واللوجستية للمؤسستين الأمنية والعسكرية، لافتًا إلى التعاون الإقليمي والدولي لمحاربة الإرهاب مع التنسيق الأمني ورفع درجة الاستنفار وجاهزية الوحدات للتصدي إلى هذه الظاهرة.

وأضاف الشيباني أن الدولة أعادت سيطرتها على المساجد ومنع المخيمات الدعوية في الشوارع وخاصة في الأحياء الشعبية وقد أثمرت مختلف هذه الإجراءات عن نجاحات أمنية وعسكرية تمثلت في القضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية في الجبال وداخل المدن؛ ما أدى إلى تراجع في العمليات الإرهابية رغم وقوع عمليات من حين لآخر.

واعتبر أن اندحار مشروع تنظيم "داعش" الإرهابي - والذي كان من الممكن أن يكون له تداعيات على المغرب العربي عمومًا - يعود لفشل هجوم الإرهابيين على مدينة بنقردان الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي بتونس، في شهر مارس ٢٠١٧، حيث كان الهدف من هذا الاعتداء إقامة إمارة بالمدينة التابعة لمحافظة مدنين المتاخمة للحدود الليبية ثم إمارة أخرى بمدينة رمادة بمحافظة تطاوين المتاخمة بدورها للحدود الليبية، كما كان ضمن مخطط الدواعش إقامة إمارة بمدينة دوز التابعة لمحافظة قبلي بالجنوب الغربي للبلاد، وإمارة أخرى بمدينة سيدي بوزيد، لافتًا إلى أن تلاحم الشعب التونسي مع الجيش الوطني وقوات الأمن والحرس الوطني قطع أنف المشروع الداعشي ليس في تونس فقط بل في دول المغرب العربي مثلما كان مخططًا له من قبل التنظيم الإرهابي.

وأوضح أن تفشي ظاهرة التكفير في تونس لها العديد من التفسيرات أولها ضعف أجهزة الدولة بعد الثورة في التعاطي مع هذه الظاهرة خاصة أمنيًا إضافة إلى تمتع العناصر التكفيرية بالعفو العام ومعظمها عادت لأنشطتها الإرهابية مباشرة إثر العفو، مشددًا على أن حركات الإسلام السياسي أساءت للإسلام ولم تستطع أن تكون حركات سياسية مدنية وغلب عليها طابع الجماعة أكثر منها حزب، مذكرًا بأنه في عام ٢٠١٧ تم تشكيل لجنة من مجلس نواب الشعب للتحقيق في شبكات التسفير وإرسال الشباب بدعوى الجهاد في سوريا إلا أنها قبرت إلى اليوم، "ويبدو أن هناك أطرافًا سياسية ليس من مصلحتها تسليط الضوء على هذا الملف الهام والخطير".

ورأى أنه بعيدًا عن نظرية وعقلية المؤامرة فإن ظاهرة الإرهاب في بداياتها غير بعيدة عن دوائر المخابرات منذ الغزو السوفيتي مرورًا بالحرب البوسنية وصولًا إلى ما يسمى بالربيع العربي، منوهًا بأن العالم أجمع يعلم أن "داعش" في سوريا كان من اجل السيطرة على آبار النفط في الرقة وكان يبيع النفط لتركيا بدخل سنوي يقدر بحوالي مليار دولار، بجانب مصدر التمويل الثاني وهو اختطاف الرهائن وطلب فديات بمبالغ كبيرة وبالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى مصدر آخر لتمويل الإرهاب في دول الساحل والصحراء، وكذلك بليبيا حيث التهريب والإتجار بالبشر والجريمة المنظمة.

ونبه من الجمعيات التي تتخفى وراء العمل الخيري وهي في الحقيقة أحد الوافد المالي الهامة لتبييض الإرهاب وتمويل الجماعات الإرهابية، إلى جانب مصادر تمويل أخرى تتمثل فيما يسمى بالاحتطاب وهو عمليات السطو والنهب ومهاجمة التجمعات السكنية المعزولة للاستيلاء على أموالها وأملاكها ونساءها وتجنيد الشبان.

من جانبه، قال الدكتور مازن الشريف رئيس المنظمة الدولية للأمن الشامل، إن الداخلية التونسية تعمل بشكل متواصل منذ سنوات في المصالح المختصة للكشف عن التنظيمات الإرهابية التي تنشط في البلاد بعد تعافي المؤسسة الأمنية مما جد بعد الثورة من محاولة تفكيك الدولة ككل وضرب الوزارة، مضيفًا أن الأمن التونسي يكثف المتابعات ويستخدم البعد المخابراتي الاستباقي يومًا بعد يوم لصد تلك الخلايا الإرهابية.

وأوضح الشريف :"الإرهابيون يعتمدون الانغماس في المجتمع وعمليات الإندماج مستمرة للأسف، وكذلك يستخدمون الأراضي الصعبة لاختباء بعض خلاياهم مثل الجبال وتحديدًا جبال الشعانبي وسمامة ورغة وتوشة وعرباطة والمغيلة كلها مناطق تتحصن بها الجماعات الإرهابية، وهناك عمل كبير ينتظر في محاولة لكشف وإيقاف الخلايا النائمة قبل تفعيلها والتفطن للإرهابيين والذئاب المنفردة والمجندين الجدد".

وبشأن التمويلات التي تتلقاها تلك التنظيمات الإرهابية، أوضح أن أصابع الاتهام حول تمويل الجماعات والتنظيمات التكفيرية والإرهابية مرارًا تتجه لدول بعينها، وهناك تدخل مخابراتي أجنبي، فالإرهاب أصبح تجارة كبيرة وخلفه مافيا لها أذرع عالمية تريد العبث بأمن المنطقة بأكملها وجعلها بؤرة ومركزًا للتنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية لهدم دول المنطقة.

وقال:"الأمن والجيش دورهما كبير، حيث قدمت المؤسستان عددًا كبيرًا من الشهداء الذين افتدوا بدمائهم تراب الوطن، وكانت هنالك عمليات إرهابية غادرة ضد أمننا وجيشنا، ولكن العقيدة الأمنية والعسكرية قوية وثابتة، ولا يقتصر الأمر على الدور الأمني والعسكري، فهناك أدوار أخرى مهمة مثل الدور العقائدي والثقافي والإعلامي والتربوي، وهنالك ضعف في تلك الأدوار"، مطالبًا الدولة بضرورة الكشف عن المتورطين في توفير الغطاء لدعاة التكفير وشبكات التسفير، من خلال الدور المهم للقضاء التونسي.

فيما أكد العميد السابق بالجيش التونسي، مختار بن ناصر، الرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، أنه تم القضاء على العناصر والقيادات الإرهابية المتمركز في عدد من الولايات وتفكيك العديد من خلايا الدعم اللوجستي، ما يفسر تقهقر وضعهم وعدم قدرتهم على الحركة أو على القيام بعمليات، بفضل الجهد الكبير لقوات الجيش والأمن على امتداد السنوات الماضية، مضيفًا أن هناك عناصر على شكل خلايا نائمة متفرقة هنا وهناك ولا توجد منطقة بعينها تحتويهم ولكن لهم أفضلية في مناطق حساسة كتونس العاصمة أو بعض المناطق السياحية.

وأوضح أن هناك تمويلات من خلال عمليات التهريب والاقتصاد الموازي وهناك أطراف داعمة كالجمعيات الداخلية والخارجية، فمنذ الثورة سعت تونس إلى إعادة هيكلة قوات الأمن ودعمها ومضاعفة ميزانيات الجيش والأمن، وتطوير أجهزة الاستخبارات وإنشاء لجنة وطنية وقطب قضائي وقطب أمني لمكافحة الإرهاب، وأصدرت التشريعات اللازمة ودعمت تأمين الحدود.

وحول التنظيمات الإرهابية التي تنشط في تونس، قال بن ناصر : "أهم التنظيمات الضالعة في أعمال إرهابية في تونس منذ الثورة هي (تيار أنصار الشريعة) وتم تفكيكه وتصنيفه كتنظيم إرهابي حتى على المستوى الدولي، وهرب قائده أبو عياض إلى ليبيا ويرتبط هذا التيار بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وكانت عناصره تنشط ضمن ما يسمى (كتيبة الفتح المبين) التي تسللت إلى الجبال الغربية للبلاد منذ عام 2011"، مضيفًا أن هناك أيضًا كتيبة "عقبة بن نافع" والتي نفذت عدة عمليات كمائن وغارات بين 2012 - 2014، إلى جانب تنظيم "جند الخلافة" المنتمي إلى تنظيم "داعش" الإرهابي بداية من 2015.

وحول الحديث في الأوساط التونسية عن جماعات تنشر الفكر التكفيري وتحفز الشباب على الاتجاه نحو الانضمام إلى تلك التنظيمات الإرهابية، قال الرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب : "نعم هناك جماعات تؤمن بهذا الفكر الظلامي المتطرف وتدعو له كما تدعو إلى دولة الخلافة وترفض النظام الجمهوري القائم ولها ولاء لتنظيمات دولية متطرفة وتروج لنشر فكرها الإرهابي داخل البلاد".