الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم عطيان يكتب: الذين ضل سعيهم

صدى البلد



- يقول الله تعالى في كتابه العزيز: 
« الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا »
يبدو للوهله الأولى بعد تدبُّر قول الله سبحانه وتعالى، أن هناك من قضى جلّ عمره في العبادة والطاعة، أو هكذا كان يظن، 
ولكنه اكتشف في النهاية أن ما كان يفعله هو عين الضلال.
لقد وصف الله عز وجل ما يفعله هؤلاء رغم ضلالهم بالسعي، بل وربما كان سعيهم أضعاف ما يقوم به غيرهم، ومع ذلك لم ولن ينفعهم هذا السعي، وسيجدون كل أعمالهم في النهاية بلا فائدة، هباءً منثورًا.
وهذه الآية الكريمة تقودنا إلى نتيجة يجب وضعها في الاعتبار، وهي أن السعي دون تخطيط وتدبير سيفضي في الغالب إلى اللاشيء، فالنجاح لا يأتي إلّا من وضع أمام عينيه هدفًا واضحًا، واجتهد وسعى وبذل ما في استطاعته ليصل إليه، 
أمّا الكسالى المتواكلين فليس لهم نصيب من رغد الحياة، وكذا الذين يسعون جاهدين لكن سعيهم في الدنيا كركض الوحوش في البرية، تغطس في الوحل وتمرغ أنوفها في الطين؛ لتحصل على شيء آنيًٍ تقتات منه، وما أن تملأ بطونها حتى تتمدد غير آبهةٍ بشيء آخر، حتى وجبتها القادمة لا تبحث عنها حتى تتضور جوعًا ...
وكذا هناك بشر يسعون بلا توقف، ولكن تتلخص مصيبتهم في أفهامهم المعكوسة، وأنفسهم المغرورة، فيسيرون في الاتجاه الخاطئ حيث تزيِّن لهم شياطينهم ما يفعلون، فاعتقدوا أنهم يحسنون صنعا، واختلط عليهم الأمر، فسعوا في الباطل وظنوا أنهم على صواب، فسقطوا وكانوا في النهاية من الأخسرين، رغم ما بذلوه من جهد.

لذا فإن السعي قد يرفعك إلى أعلى الدرجات، وقد تسعى ويقودك سعيك إلى الهاوية؛ لأن السعي الذي يقود إلى الفلاح مشروط بأن يكون على الطريق الصحيح.
وظاهر الآية هنا يدل على ذلك، فلا جدال أن السعي عنصر أساسي في معادلة النجاح،  لكنه بالتأكيد ليس العنصر الوحيد، فإن لم تكن على علم بما تريد الوصول إليه، ولا تعرف أين ستذهب فكل الطرق حينها ستفي بالغرض.
فإذا ذهبت إلى محطة قطار أو موقف للسيارات ولم تكن تعرف وجهتك، واعتمدت فقط على منطق السعي المطلق فإن ما ستقوم به هو أحد احتمالين،
أولهما: أنك ستستقل أي قطار أو سيارة وكفى، دون أن تعلم وجهتها مسبقًا.
أما الاحتمال الآخر وهو الأشد خطورة أنك ستذهب غالبًا حيث يذهب الجميع، كما هو الحال دائمًا دون تفكير،
لذلك يجب تحدد وجهتك أولًا، ثم اختر طريقك قبل أن تبدأ السعي فيه، وكن على يقين بأنك ستصل.
ولعلّك قد سمعت بقصة الصحابي الذي دخل الجنة ولم يسجد لله سجدة واحدة، أسلم وقبل أن يتمكن من الصلاة والسجود لله عز وجل، أذن مؤذن الحرب فاستشهد في المعركة وبُشّر بالجنة.
خلاصة الأمر أن حقيقة السعي الذي يؤدي إلى النجاح هو الذي يعتمد على الدراسة والتخطيط الجيد، والنية الصادقة؛ فمن اجتهد في سعيه فاز بتحقيق هدفه والعكس صحيح، 
فهناك من وفقه الله وسدد خطاه قبل أن يُقدم لنفسه الكثير،
فكم من مجتهد تمنى أن يرمى بسهم في ميدان الجهاد ليظفر بالشهادة فيسّر الله له الفوز بالجنّة؛ لأنه علم صدق نيته، واعتمد سعيه.
ولكن ستجد من يؤكد أنه سعى كثيرًا واجتهد في سعيه ومع ذلك لم يُوفق، لكن ذلك لا يعني شيئًا سوى أن الله قد اختار له الأفضل ...

قد نتفق أو نختلف في هذا المقال أو في أجزاء منه، ما أريده منك أن تشارك معي رأيك وقناعاتك تجاه هذا الأمر، فربمّا كنتُ مخطئًا في رؤيتي ..