الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فيلم "شرطة".. أوروبا لن تعود كما كانت


الحقيقة التي تتزايد عاما بعد آخر تقول إن القارة العجوز "أوروبا " تتغير سريعا ولن تعود كما كانت في الماضي القريب، لا يمر عاما إلا وكانت السينما تتحدث عن المهاجرين بصور مختلفة ولكن القاسم المشترك هو العنف سواء بالإرهاب أو العنف الإجرامي للخارجين على القانون ، جزء كبير من هذا العنف ناتج عن التمييز والعنصرية ضد المهاجرين، هي قضية الساعة في أوروبا كما يقول الجميع هناك.


للعام الثاني على التوالي أشاهد في مهرجان القاهرة فيلما من الدنمارك عن العلاقة مع المهاجرين العرب المسلمين،  هذه المرة صادمة أكثر المهاجرين العرب زادت سطوتهم على المكان ووصل الحد كما صور الفيلم أن هناك مقاطعة وهي "سلفاجردين " الشرطة لا تستطيع أن تدخلها فهي ملك لهؤلاء المهاجرين ودخول الشرطة إليها يعني مواجهة قد تنهي حياتهم وهو ما كان يحدث في الفيلم،  بل يقول المنتج إنهم بالفعل تعرضوا للشتائم وهم يصورون عدد من المشاهد هناك !


السؤال الكبير الذي لم يجد إجابة مقنعة حتى الآن في جميع أرجاء القارة الأوروبية، ما الذي أوصل العلاقة إلى هذه الحالة بين السكان الأصليين والمهاجرين؟


حالة الكره والعنف المتنامي بين الطرفين تنذر بتزايد العنف بين الطرفين شكل غير طبيعي ، الدورة الماضية من مهرجان القاهرة عرض فيلم أبناء الدنمارك وأحداثه تدور في عام 2025 عن صناعة الإرهاب من خلال تجنيد الأطفال ليحذر من القادم في الدنمارك والذي أصبح هذا الموضوع يؤرقهم بشدة.


فيلم هذا العام " شرطة " يصور الحالة الآن بين المهاجرين بعد بداية تذكرنا بقضية جورج فلويد وبنفس كلماته " لا أستطيع أن أتنفس " تبدأ الأحداث المثيرة جدا والتي صورتها كاميرا المخرج ببراعة وحركة تحبس الأنفاس كثيرا أثناء المشاهدة، ولكن مكان فلويد شاب عربي هو " طالب بن حاثي"، ونشاهد دورية رغم التحذيرات تدخل مقاطعة شهيرة للمهاجرين svalegardens  وهي أشبه بمنطقة محصنة غير قادر أحد على الدخول والخروج بأمان "تحديدا الشرطة" الاحتقان والغضب في عيون الجميع ونحن نتجول مع الشرطيين ولكن تحدث فجأة مواجهات غير متوقعة حيث يأتيهم نبأ وفاة الشاب العربي في المستشفى بينما أحد الضباط يتنمر على شاب  أخر من المهاجرين وتنقلب الأحداث إلى إثارة بالغة صورتها كاميرا المخرج بشكل رائع ومشوق يحبس أنفاس المشاهدين أوقات كثيرة، ويحاول الضابطان الهروب والخروج من تلك المنطقة حتى نهاية الأحداث ويقترب منهما الموت أحيانا كثيرة، من خلال مطاردات ومعارك متفرقة في تلك المنطقة ورغم جرعة العنف الكبيرة في الفيلم، إلا أنه كشف حقائق مثيرة عن الوضع في أوروبا الأن والذي سيكون هو شكل المستقبل القريب لو لم يتم معالجة قضايا المهاجرين والعنصرية ضدهم وأعتقد أن الوقت الآن صعب لإدراك ذلك بعد سنوات طويلة منذ بدأ الشرخ الكبير في العلاقات داخل المجتمع الدنماركي في عام  2005  بين المهاجرين والسكان الأصليين عقب نشر الرسوم المسيئة للرسول وقتها ، منذ ذلك الحين وبدأ الغضب يتصاعد حتى وصل إلى العنف الذي نشاهده الآن وامتد إلى بلدان مجاورة والفجوة الفكرية كبيرة بين الجانبين وتزداد اتساعا، وقتها فقط نشطت اجتماعات في أوروبا والقاهرة "الجامعة العربية" أتذكر حضرت بعضا منها لمحاولات التقارب بين الحضارات وفهم الأفكار المغلوطة، ولكن يبدو أن تلك المؤتمرات حبر على ورق وبعيدة عن العمل المباشر على أرض الواقع.


فيلم شرطة دراما بوليسية رائعة وكان متوازنا في الطرح بل يلقي اللوم على عنف بعض رجال البوليس في توليد غضب المهاجرين، وتشعر ان وحشية التعامل من جانب بعض رجال الشرطة واحدة في جميع أنحاء العالم!


الفيلم شارك في صناعته كثيرا من المهاجرين وقدم موهبة  في التمثيل هو الشاب الصغير طارق زيات والذي قدم أداء لافت لشخصية " أموس الشامي"، الفيلم ينافس بقوة على جوائز المهرجان خاصة الإخراج.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط