الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وداعًا وحيد حامد.. رجل بحجم السينما المصرية


هزّني في الصباح اليوم، كما هزّ الملايين من عشاق السينما المصرية، وقت أصالتها ونبوغها وفي مرحلتها "الفتيّة"، خبر رحيل الكاتب الكبير، وحيد حامد، أحد فرسان السينما المصرية وكتابها الكبار على مدى عقود، والذي استطاع أن يسطّر تاريخا من الأعمال السينمائية الممتعة طوال تاريخه المدهش، وأن يثبت أن الفن ليس "تسلية" وفي نهاية المطاف، وعلى يد "الجهلة" تحول إلى "بلطجة وانفلات"، ولكنه رسالة تصل إلى الملايين ولابد أن يوجه نظرهم نحو الجمال وليس القبح، وأن يلفت انتباههم لقضية فساد بدلا من أن يشجع على البلطجة والإدمان،

 

وحيد حامد، رمز للأعمال السينمائية الجميلة، التي يتذكرها الجميع ويتعلقون بمواقفها وشخصياتها، فمن منا ينسى الإنسان يعيش مرة واحدة أو طيور الظلام أو المنسي أو اللعب مع الكبار والنوم في العسل.

 

 من منا ينسى "البريء" أو التخشيبة أو طائر الليل الحزين أو الدنيا على جناح يمامة وعشرات غيرها من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، التي حفرت وجدان "جيلين كاملين" في السينما المصرية، شاهدوا "فن وحيد حامد"، وكانوا يقطعون تذكرة السينما إيمانا باسمه الكبير والثقة في عمل فني مبدع سيشاهدونه على شاشتها.

 

ترجّل وحيد حامد بعدما قدم مسيرة مدهشة، ضمت نحو 41 فيلما و15 مسلسل تلفزيوني و12 مسلسل إذاعي و3 مسرحيات، حفرت جميعها، اسم وحيد حامد بحروف من نور، لأنها كانت ولا تزال أعمالا صادقة، لم تركب قطار التفاهة و"تضييع جيل كامل" بفعل فاعل كما حدث في السنوات الأخيرة، من أعمال لا تستحق أن تعرض على شاشات السينما والتلفزيون، ولكن يقدم أصحابها إلى المحاكم، بتهمة إفساد الذوق العام وتعليم "مفردات البلطجة والعشوائية" ورصد أحقر وأحط ما في المجتمع المصري من سلوكيات وتقديمه للناس على شاشة السينما.

 

عاش "وحيد حامد"، لأنه احترم فنه وقدم كل ما يليق باسمه، ولا يزال الكثيرون يتذكرون موقفه، مع رفيق دربه السينمائي، الفنان الكبير عادل إمام عندما طالبه قبل سنوات قليلة، باحترام تاريخه وعدم تقديم إلا ما يليق به من أعمال لأنه قيمة فنية كبيرة، ورمز سينمائي مصري وعربي، لكن بالطبع عادل إمام لم يستمع ولايزال يقدم أعمالا فنية مبتذلة، تأخذ كثيرا من اسمه لسطحيتها وتفاهتها ووضاعة موضوعاتها، رغم أنه لم يعد يحتاجها لا ماديًا ولا فنيًا.

 

 

 قابلت الكاتب الكبير، وحيد حامد مرات عدة، في أحد فنادق القاهرة الكبرى ومثلما اعتاد قبل سنوات، في حوارات مطولة نشرتها صحف "القاهرة" والعربي الناصري ونهضة مصر وغيرها، واستعمت لآرائه كثيرا من المرات عبر الهاتف، ولا أزال أذكر كثيرا هيبته وقوة آرائه وحنوه على الصحفيين الشباب – رحمه الله- ولم يذكر لي أحد من الأصدقاء أو الشباب على امتداد 18 عاما في بلاد صاحبة الجلالة، أنه يحمل في قلبه "ذرة غضب أو زعل" من وحيد حامد.

 

لقد كان وحيد حامد، أبا للجميع ويقف بجوار الجميع ووقته مفتوح لكل من يريد الاستماع لوجهات نظره القيمة ورؤاه السديدة، فقد كان رحمه الله، ابن "البيئة البسيطة" في هذا المجتمع خرج من قلب مشاكله وقضاياه ويعرف معاناة أهله، لذلك لم يكتب ابتذالا ولم تكن أعماله قلة قيمة وتضييع وقت ولكنها "فيلم من فيلم" كما يقولون، علامات على طريق السينما المصرية.

 

وعندما ظهر مؤخرا قبل شهر واحد بالضبط، خلال حفل تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وقف الجميع يصفقون للكاتب الذي أدهشهم ومتعهم، ليقول بصدق كما عودنا: "الحمد لله مرارا وتكرارا أنتم عشاق السينما التي أحببتها بقدر كبير بكل إخلاص، وأعتقد أنه ممكن أن أكون قدمت أفلام أسعدتكم، وأضاف: كان من الصعب جدا أن أقف هنا لولا دعمكم للسينما والمخلصين للسينما وأشكر الفرسان الذين وقفوا بجواري وعدد أسماء "أساتذة" ساندوه في رحلته.

 

هذه هى "أخلاق العظماء"، ووحيد حامد واحد منهم باقتدار في ميدان الكتابة السينمائية والتلفزيونية.

 

رحم الله وحيد حامد وأسكنه فسيح جناته، وداعا أبا مروان.

 


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط