الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بيطردونا من البيت كل شوية.. حكاية طفلين سكنا الشوارع بسبب خلافات الأب والأم في الشرقية.. فيديو

الطفلين كريم وعلى
الطفلين كريم وعلى محمد غالي

هناك العديد من الأشخاص الذين يعيشون حياة كئيبة بسبب ابتلائهم بعدم وجود أطفال، وينفقون الكثير من الأموال على الأطباء سعيا منهم لإنجاب ولو طفل واحد يحمل اسمهم ويكمل مسيرة والده ووالدته ويملأ الحياة بهجة وسعادة .. الوضع اختلف فى هذه القصة المؤلمة بالشرقية التى حملت بين طياتها تفاصيل حزينة صاحبها الأب محمد و الأم خيرية اللذين تجردا من كل معانى الانسانية وتركا طفلين تظهر على ملامحهما براءة الطفولة الجميلة فى الشوارع بسبب الخلافات الزوجية بينهما.


يحكي الطفل كريم محمد غالي، البالغ من العمر 7 سنوات قصته في فيديو لـ " صدى البلد" قائلًا: "بابا وماما على طول بيتخانقوا، وماما بتقوله دائمًا في آخر الكلام: عاوزة أقعد في الشقة لوحدي مع عيالي، وعلشان هي احن علينا شوية؛ بيطردها ويطردنا كتير".


"مش عارف إيه اللي بيجرى لي" .. كان هذا التعليق الوحيد للطفل علي محمد غالي، ذي الـ 5 سنوات على ما حدث له ولأخيه الأكبر، مؤكدًا لأحد شهود العيان أن والده كثيرًا ما يقسو عليه ويضربه بشدة بشكل متكرر ودائم. 


يوضح كريم أن والدهما ووالدتهما تخليا عنه وأخيه أكثر من مرة، مؤكدًا أن خلافات والده الذي يعمل ميكانيكي سيارات في الشرقية كان تنتهي مع والدته، ربة المنزل اما بإقامتها مع أطفالها الثلاثة، وأوسطهم منة، صاحبة الـ 6 سنوات في الدور الثاني من بيت والدهم، ولا تنزل للدور المقيم به والدهم إلا لعمل الطعام، أو ترك الأم للمنزل برفقة ابنتها  وترك أولاها البنين الاثنين مع والدهما.


"كل شوية يقفل الباب في وشنا" .. هكذا يصف كريم أكبر اخوته وصاحب الـ 7 أعوام موقف الأب الدائم في نهاية أي خلاف مع والدتهم، وكان آخر مرة طردهم فيها من المنزل، امس الأحد، ليأتوا إلى قرية الجمالية بمركز الحسينية للبحث عن والدتهم، عند جدتهم، لتقوم الأخيرة بطردهم للعودة إلى والدهم.


نام الأطفال عند خالتهم هذه اللية ثم تناولوا الطعام في الصباح لينزلوا إلى مركز الحسينية ويسافروا إلى والدتهم بمدينة العاشر من رمضان، حيث ذهبت للبحث عن عمل، وقام الطفلان من خلال أحد أصحاب الأكشاك الغذائية بالقرب من موقف الميكروباصات بالمدينة بالاتصال على والدتهما والتي أخبرتهم أنها تبحث عن عمل وستعود لأخذهم من والدهم، فيقرر صاحب الكشك الاتصال على والدهم من خلال رقم هاتفه الذي يحفظه الطفلان، ليأتي رده صادما  أكثر من مرة "مش عاوزهم!!".


وبنظرة استغراب إلى حال الطفلين في واقعة لم تشهدها المدينة من قبل، يوضح صاحب الكشك، حسن احمد لـ " صدى البلد" ما حدث قائلًا: "ايجوا عندي امبارح المغرب الكشك، وقالولي عاوزين نروح لماما العاشر وادوني رقمها، فكلمتها وقالتي: خليهم يروحوا لخالتهم هدى في منزلها بإحدى المناطق السكنية بقرية الحمدين، فركبتهم للمكان، وباتوا عندها ورجعوا لي تاني يوم الظهر؛ ليأخذهم صاحب الكافيه المجاور لي سيد شرف".


ومن جانبه يؤكد سيد شرف، أحد شهود العيان، والمشهور بأبو إسلام، تفاصيل القصة لـ " صدى البلد" قائلًا: " الأطفال دي أكثر من مرة تيجي لوحدها تقعد على الرصيف لساعات في انتظار حد ينقذهم من أفعال أبوهم وأمهم، وبعد ما سمعت منهم قصتهم اتصلت على والدهم، وكان رده: "ماليش دعوة بيهم، وهما في مسؤولية أمهم، ومش هاجي اخدهم ولا عاوزهم!!". 


يستكمل شاهد العيان سرد ما حدث: " قفلت معاه واتصلت على أمهم، فكان ردها: مش معايا فلوس ولا لاقية شغل، فطلبت منها تيجي وهدفع لها الأجرة ونحل ليها بقعدة عرفية مشكلتها مع زوجها وتاخد أولادها، فقالت لي تمام وجاية في الطريق، لكن ما جاتش، فكلمتها تاني، ردت عليّ: خليهم عندك لما آجي أخدهم، فاعتبرت الأولاد عندي ومسؤولين مني أمام الله لحين سؤال أحد الوالدين فيهم".


" قعدتهم مع ولادي الثلاثة وأكبرهم في أولي ثانوي وآخرهم في 5 ابتدائي" .. هكذا يشير سيد شرف، شاهد العيان، إلى ما حدث بعد ذلك من دعم الأطفال وتوفير الطعام والشراب والمأمن لهم حتى تواصل معه في نفس اليوم عدد من الأشخاص بقرية والدهم، أبو طاحون، وكان على رأسهم، شخص يدعى سيد العبد، يعمل في المقاولات، والذي أخذ الطفلين عنده بسيارته لرعايتهم حتى عودة والدتهم وحل مشكلتها مع والدهم.


وتعليقًا على القصة الصادمة ينبه الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية، إلى أن شخصية الزوج إما سيكوباتية بنسبة كبيرة، حيث إنه شخص  لا يراعي مشاعر الآخرين، ولا يبالي بها، ولا يتحمل أي مسؤولية تجاههم، ويستغل امتلاكه للمادة لقهرهم، أو شخصية حدية تتصرف تجاه الاخرين حسب المزاج الحالي لها وتعاند معهم باستمرار.


"شخصية سلبية".. هكذا يشخص فرويز شخصية الأم، محذرًا من مستقبل هؤلاء الأطفال حيث سيصبحون بلا ولاء ولا انتماء وتتملكهم مشاعر الكره والحقد تجاه المجتمع بأكمله عندما يكبرون، موجهًا: " لابد من إعادة تأهيلهم نفسيًا تجاه ما رأوه في سنهم الصغيرة، من قبل أقاربهم أو دور رعاية خاصةً بالدولة".