الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيله.. حكاية بيرم التونسي مع أم كلثوم وسيد درويش

صدى البلد

يُعد الشاعر بيرم التونسي، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، من أشهر شعراء العامية المصرية وربط الفن بينه وبين سيد درويش، وعمق صداقتهما، وجمعهما في السهرات الفنية التي كانت تشهدها الإسكندرية في ذلك الوقت، وكتب بيرم لسيد درويش عدة أغان، ودخل بيرم مجال الصحافة حيث أصدر صحيفة «المسلة» ، تبعها بعد ذلك بالعمل في عدة صحف مصرية، وتم نفي بيرم التونسي عدة مرات؛ فقد نُفي من مصر إلى تونس ثم إلى باريس ، لتبدأ حياته كشاعر منفي يحن إلى وطنه وظهر ذلك في أعماله التي كان يقوم بها وهو في المنفى، وقامت ثورة 1952 في مصر ففرح بها بيرم وأيدها وقال فيها الأشعار والأزجال، وفي عام 1954 حصل بيرم على الجنسية المصرية، ثم دخل بيرم المجال الفني فألَّف الكثير من الأغاني والمسرحيات الغنائية وتعامل مع أم كلثوم، وفريد الأطرش، وأسمهان، ومحمد الكحلاوي، وشادية، ونور الهدى، ومحمد فوزي، كما قدم العديد من الأعمال الإذاعية،  وهو ما دفع الرئيس جمال عبد الناصر إلى منحه جائزة الدولة التقديرية عن جهوده في الأدب والفن عام 1960.

ويروي بيرم قصة لقائه بسيد درويش فيقول: «لازمت الشيخ سيد درويش وألفت له رواية شهرزاد بعيدًا عن النشاط السياسي، وتم عرضها بعد رحيلي الأول منفيًا إلى الخارج، وكان الاسم الذي اقترحناه للرواية هو «شهوزاد» إشارة إلى شهوات العائلة الحاكمة ولكن الرقابة منعت ذلك الاسم فعدلته»، وكان سيد درويش قد طلب من بيرم أن يؤلف له أوبريت يُلهب الحماسة في نفوس المصريين، ويدفعهم لمناهضة الاحتلال.

 فيقول لبيرم: «دائمًا حجة الإنجليز أمام العالم لتبرير استعبادنا أننا شعب ضعيف لا يستطيع حكم نفسه وأننا بحاجة إلى حماية مستمرة، وعلشان كده أنا شايف إن الأوبريت من أولها إلى آخرها لازم يكون فيها تمجيد للإنسان المصري».

فقام بيرم بتأليف شهرزاد للشيخ سيد، وأحداث هذا الأوبريت مقتبسة عن أوبريت «دوقة جيرولستين الكبيرة» للكاتبين الفرنسيين: ميلهاك وهاليفي، ويأتي في هذا الأوبريت أروع ما قيل عن الشعب المصري:

أنا المصري كريم العنصرين
بنيت المجد بين الأهرمين
جدودي أنشأوا العلم العجيب
ومجرى النيل في الوادي الخصيب

وتقابل مع أم كلثوم في نهاية عام 1940، كان بيرم قد عاد إلى مصر متسللًا بعد عشرين سنة في المنفى وذلك في 8 أبريل عام 1938، وظل مختفيًا حتى صدر العفو عنه، وكان صيته قد ذاع في تلك الفترة، وعرف الوسط الفني والأدبي قصته بما فيه أم كلثوم التي كانت تعرف ماضيه في الصحف وتأليف المسرحيات الغنائية، فطلبت من شيخ الملحنين الشيخ زكريا أحمد أن يعرفها على الزجال بيرم التونسي، وتم التعارف بين بيرم وأم كلثوم، واتفقت معه على مجموعة من الأغاني يلحنها زكريا أحمد، وبدأ بيرم في أول أعماله الغنائية مع أم كلثوم في أبريل عام 1941، بتأليف أغنية «أنا وأنت»، ثم يتبعها بأغنية أخرى وهي أغنية «كل الأحبة» التي يقول في مطلعها: 
كل الأحبة إتنين إتنين وانت يا قلبي حبيبك فين
يطلع علي البدر جميل يا بدر مالي أنا ومالك
ماليش يابدر نديم وخليل أوريه ويوريني جمالك
وبدأت رحلة الأعمال الفنية لأم كلثوم مع كلام بيرم وألحان زكريا أحمد، فغنت أم كلثوم أيضًا من كلام بيرم وألحان زكريا أحمد أغنية «إيه أسمى الحب»، وأغنية «الآهات» والتي ترددت أم كلثوم كثيرًا في غنائها لولا إقناع الشيخ زكريا أحمد لها، وعلى الرغم من ذلك حققت الأغنية نجاحًا قويًا جدًا، حتى وأنها ما إن انتهت من الغناء حتى تواصل التصفيق لأم كلثوم أكثر من عشر دقائق، وكانت هذه أطول مدة تصفيق استقبل فيها الجمهور أغنية من أغانيها طوال حياتها.

 وتوالت الأغاني التي قدمها بيرم لأم كلثوم نذكر منها: « حلم», « أنا في انتظارك»، « الأولة في الغرام»، « حبيبي يسعد أوقاته»، « أهل الهوى»، « شمس الأصيل»، « الحب كده»، « القلب يعشق كل جميل».

وهناك أغاني أخرى غنتها أم كلثوم لبيرم وربما كانت أقل شهرة من الأغاني السابقة مثل «أكتب لي من غير تأخير» و«البدر أهو نور» و«أنا ليه أجاسر وأعاتبك»، و«في أوان الورد ابتدا حبي» و«ياقلبي ياما تميل بنظرة» و«حيران ليه يادموعي»، كما غنت له بعض الأناشيد الوطنية مثل أغنية «صوت السلام»، والتي كانت سببًا في حصوله على ميدالية برونزية من المجلس الأعلى للفنون والآداب.