الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل المرض الدائم يكون غضبا من الله؟ الإفتاء تجيب

صدى البلد

أجاب الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليه، وذلك خلال لقائه بفيديو مسجل له عبر "يوتيوب"، مضمونه: "هل يكون مرض الشخص الدائم لغضب من الله؟".


ورد ممدوح قائلًا: "ليس من الضروري أن يكون المرض غضبا من الله فمن الممكن أن يكون ابتلاءً وتطهيرا للذنوب ورفع درجات".
 

"ما هي الحكمة من المرض؟".. سؤال أجاب عنه الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث المباشر المذاع على صفحة دار الإفتاء المصرية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
 

ورد ممدوح، قائلًا: "نحن في دار ابتلاء والابتلاء يرفع الدرجات، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث الصحيحة في هذا الشأن منها ما قاله عليه الصلاة والسلام: ((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل))".


وأضاف: "قوله عليه الصلاة والسلام أيضا: ((عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له))، ومما ورد في الأحاديث في الصبر على البلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة))".


علامات تحدد نوع الابتلاء هل هو خير أم شر.. تعرف عليها
للمصائب والابتلاءات في الكتاب والسنة سببان اثنان مباشران – إلى جانب حكمة الله تعالى في قضائه وقدره -: السبب الأول لـ الابتلاء: الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان، سواء كانت كفرا أو معصية مجردة أو كبيرة من الكبائر، فيبتلي الله عز وجل بسببها صاحبها بالمصيبة على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة، « وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» (النساء: 79)، قال المفسرون: أي بذنبك.


السبب الثاني لـ الابتلاء: إرادة الله تعالى رفعة درجات المؤمن الصابر، فيبتليه بالمصيبة ليرضى ويصبر فيُوفَّى أجر الصابرين في الآخرة، ويكتب عند الله من الفائزين، وقد رافق البلاء الأنبياء والصالحين فلم يغادرهم، جعله الله تعالى مكرمة لهم ينالون به الدرجة العالية في الجنة، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ».


كيف يعرف المصاب إن كانت مصيبته عقوبة أو ابتلاء لرفع درجاته؟
قال الشيخ أحمد حسين، من علماء الأزهر، إن الابتلاء من سنن الله تعالى في الكون التي لا تتغير ولا تتبدل، ويُبتلى الإنسان في هذه الحياة الدنيا تارة بالخير، وتارة بالشر.


واستشهد «حسين» خلال لقائه ببرنامج «تمام العاشرة» مع الإعلامة ميريهان حمدي، المُذاع على فضائية «الصحة والجمال» بقول الله - عز وجل-: «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» (سورة الأنبياء: 35)، منوهًا بأن الحافظ ابن كثير - رحمه الله - ذكر في تفسيره قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» أي: نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى؛ لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط.


وأشار إلى أن الله تعالى قد يبتلي، الإنسان بشيء ظاهره الشر لكنه في حقيقته خير كثير، وقد يكون عكس ذلك تمامًا قال - تعالى -: «وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» (سورة البقرة: 216).


كيف يعرف المصاب إن كانت مصيبته عقوبة أو ابتلاء لرفع درجاته؟
وأوضح أن الابتلاء إذا أصاب الإنسان الصالح بعد الطاعات التي يؤديها فهذا ابتلاء بالخير لرفع الله تعالى من درجاته ومنزلة في الجنة، أما الابتلاء بالشر فيصيب الإنسان بعد الذنب الذي يرتكبه وقد يكون بسبب تكفير هذه المعصية حتى يتوب فاعلها إلى الله تعالى ويستغفر فيمحو الخالق عز وجل إثم المعصية التي ارتكبها.


وتابع: "إن الله - عز وجل - يبتلي عباده بالسراء والضراء، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم، وإعلاء ذكرهم، ومضاعفة حسناتهم، كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والصلحاء من عباد الله، كما روى ابن ماجة (4023) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟، قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»".


وأكمل: "وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة، كما قال سبحانه: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» (سورة الشورى: 30). فالغالب على الإنسان التقصير، وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها، فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل، رفعًا في الدرجات وتعظيمًا للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب".


وأفاد بأن الحاصل أنه قد يكون الابتلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور، كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات؛ كما في قوله تعالى: «مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من يُرد الله به خيرًا، يُصب منه» وقوله: «يصب»: قُرئت بوجهين: فتح الصاد: «يُصَب»، وكسرها: "يُصِب"، وكلاهما صحيح.. أما «يُصِب منه»، فالمعنى أن الله يُقدِّر عليه المصائب حتى يَبتليه بها؛ أيصبر أم يَضجَر. وأما «يُصَب منه»، فهي أعم؛ أي: يصاب من الله ومن غيره، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي، وعدم المبادرة للتوبة؛ كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» أخرجه الترمذي وحسنه.