الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الموريتاني سؤال سينمائي جديد عن جرائم جوانتنامو


  


" لم يعتذروا حتى" ! هكذا قيل في نهاية الفيلم المثير the mauritanian أو " الموريتاني" في إشارة إلى الإدارة الأمريكية بسبب سجنها لأحد الأبرياء في معتقلها الشهير جوانتنامو لمدة 14 عاما بلا دليل وتعرضه لتعذيب يفوق الوصف " أساليب التعذيب داخل معتقل جوانتانامو لا يجد مثيل لها في أي مكان في العالم ".
قبل أن أتحدث عن الفيلم، كيف لدولة تملك أحد أكبر المعتقلات الغير قانونية في التاريخ وتم سجن مئات الأبرياء داخلها منذ هجمات 11 سبتمبر 2001  تتجاهل ذلك ولم يصدر اعتذار تجاه هؤلاء الأبرياء حتى الآن ونجد الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحاسب دول العالم عن معتقلين هنا او هناك ! وصولا إلى الإدارة الحالية بقيادة بايدن والتي تبحث عن معتقلين في دولا مثل مصر والسعودية لتوجيه اللوم وإثارة الرأي العام العالمي حولهم !! وهي لم توجد الكثير من الإجابات أو التفسيرات لسلوك أمريكا المحزن بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في جوانتانامو. 
نشكر السينما التي تكشف مرة تلو الأخرى فظائع المعتقل الأمريكي جوانتنامو ، هذه المرة اختارت السينما العالمية مذكرات صدرت عن أحد معتقلي سجن جوانتنامو وهو الموريتاني "محمدو ولد إصلاحي" والذي تم الإفراج عنه في عام 2016  بعد 14 عاما قضاها محتجزا دون أدلة او محاكمة !! داخل المعتقل صاحب السمعة الأسوأ في العالم ! وكون صاحب القصة على قيد الحياة فقد ساعد المخرج في تنفيذ ديكور قريب الشبه جدا من معتقل جوانتانامو وتم بناؤه في جنوب أفريقيا والتصوير بداخله، ويعتبر ولد إصلاحي أول معتقل يقاضي الإدارة الأمريكية والرئيس الأسبق جورج دبليو بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد. 
الفيلم الذي يعرض حاليا في دور العرض حول العالم يكشف حلقة جديدة من فضائح معتقل جوانتانامو الشهير، هذه المرة القصة التي اختارتها هوليوود تكشف بشكل مباشر مراحل التعذيب الممنهج للمعتقلين وكيف كان يتم القبض واختطاف المئات حول العالم " وشحنهم" إلى جونتناموا والبقاء لسنوات دون محاكمة، بل إجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، وهو ما صوره المخرج كيفين ماكدونالد في واحد من أفضل مشاهد الفيلم وأكثرها ألما ،دموعك ستسقط حتما مثل المحامية نانسي هولاندر والذي جسدت شخصيتها ببراعة الموهوبة الكبيرة " جودي فوستر" ونالت جائزة الجولدن جلوب مؤخرا عن أدائها.
من خلال سيناريو مثير وجذاب نجح المخرج كيفين ماكدونالد في التركيز على شخصية ولد إصلاحي بكل مشاعره وأحاسيسه داخل السجن ونجح الفيلم في سرد قصة معاناة هذا السجين الذي تلقى معاملة غير عادلة وغير أخلاقية وغير قانونية بشكل لا يصدق من قبل حكومة الولايات المتحدة طوال 14 عاما وبالتأكيد مثله المئات داخل هذا المعتقل، ورغم براءته إلا أن إدارة أوباما استأنفت على الحكم وظل عدة سنوات أخرى قبل أن تجعله محاميته ينشر كتابه "يوميات جوانتانامو " عن مذكراته ويحقق أعلى المبيعات ويلفت أنظار العالم إلى مأساته رغم طمس بعض الأجزاء داخل الكتاب عن فظاعة ما تعرض له وعن أسماء من قاموا بتعذيبه داخل المعتقل.
واستخدم المخرج الفلاش باك لتوضيح جزء من ماضي ولد إصلاحي أثناء الطفولة والشباب.
هو فيلم إنساني يذكرك في لحظات بفيلم البريء ، جسد دور البطولة لشخصية ولد إصلاحي الممثل الفرنسي الجزائري " طاهر رحيم " وأيضا قدم أداء رائع يؤهله لأكبر الجوائز العالمية.
التمثيل رائع خاصة الثنائي جودي فوستر وطاهر رحيم الاثنان قدما أداء يؤثر المشاعر وخاصة طاهر في يومياته داخل السجن ويقول "قرأت السيناريو، وطالعت المذكرات، وشاهدت أفلاما وثائقية، وتحدثت مع " محمدو ولد صلاحي" نفسه، وهكذا بِت راضيا عن المشاركة في الفيلم. لكنني كنت حزينا وغاضبا، لأنني علمت أن هذه هي قصة حقيقية"، وأعتقد كان يستحق رحيم الفوز بالجولدن جلوب عن أدائه الرائع، حيث قدم مشاعر الشخصية ما بين الألم والتوتر والقلق وحتى السخرية مع حراسه بجدارة، ونجح بعيونه المعبرة ونظراته العاطفية في توصيل مشاعر صادقة عن الشخصية. 
أما جودي فوستر والتي حازت على جائزة الجولدن جلوب مؤخرا عن دورها ، جسد شخصية نانسي هولاندر المحامية والتي تطوعت للدفاع عن ولد اصلاحي وكيف تواصلت لسنوات في مجتمع كان يهاجمها للتصدي لتلك القضية ونجحت في كشف الظلم المذهل الذي تعرض له بإصرار لعدة سنوات حتى تم الإفراج عنه، أداء فوستر كان هادئا طوال الأحداث حتى عندما انفعلت وهي تقرأ المذكرات السرية لتكتشف كم التعذيب الذي تعرض له دموعها سقطت بهدوء، هي واحدة من أفضل ممثلات العالم بالتأكيد.
الغضب يصيب من يشاهد هذا الفيلم بسبب المعاملة الغير إنسانية داخل هذا المعتقل، لك ان تتخيل أنه تم استجوابه لمدة 3 سنوات 18 ساعة يوميا !؟
وهناك الأن آراء كثيرة بعد عرض الفيلم داخل الولايات المتحدة تتحدث عن ان واشنطن خذلت المجتمع العالمي بعد ظهور قصص مثل " الموريتاني"! حتى الفيلم أشار لتنحي المدعي العسكري في القضية بعد تأكده من حقيقة تعذيب محمود ولد إصلاحي. 
في النهاية هناك سؤال يبحث عن إجابة الإدارة الأمريكية عندما اعتقلت المئات من جميع أنحاء العالم هل كانت تبحث عن العدالة أم تبحث عن الحفاظ على هيبتها ؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط