الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإفتاء تحدد أفضل صدقة في الحر الشديد تدخلك الجنة وتغفر ذنوبك

أفضل صدقة
أفضل صدقة

فضل  سقي الماء .. سقي الماء وإرواء ظمأ العطشان من بني الإنسان، والحيوان، من أفضل صدقة في الحر الشديد، ويعتبر سببا من أسباب النجاة، وبابا من أبواب البر والفلاح، قليلون من يفطنوا له، وأقل من القليل من يبادرون إليه، بل إن النبي- صلى الله عليه وسلم- رَغَّبَ ورَغِبَ في هذا العمل في يوم الحج الأكبر، ومع رغبته فيه إلا أنه تركه، وما تركه- صلى الله عليه وسلم- إلا خشية أن يُقتدى به في ذلك الموضع، وفي ذلك مشقة لأهله، ومنازعة لهم.

 

ومن فضائل سقي الماء على الظمأ أن يكون جزاؤه أن يسقيه الله من الرحيق المختوم في الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ».
 

من فعل الخير في هذا الحر الشديد

قالت دار الإفتاء المصرية، إن ضع إناء أمام البيت في الظل به ماء بارد لحيوانات الشارع والطيور من فعل الخير في هذا الحر الشديد.

 

واستشهدت الإفتاء عبر صفحتها بـ«فيسبوك» بما روي عَنْ أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ اشتدَّ عليه العطشُ، فوجد بئرًا، فنزل فيها فشَرِبَ، ثم خرج فإذا كلبٌ يلهثُ، يأكلُ الثَّرَى من العَطشِ، فقال الرَّجلُ: لقد بلَغَ هذا الكلبُ من العطشِ مثلَ الذي كان قد بلَغَ منِّي، فنزل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً، ثم أمْسكَه بفِيه، حتَّى رَقَى فسَقَى الكلبَ، فشَكَرَ له، فغَفَرَ له» قالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ أجرًا؟ فقال: «في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ». متفق عليه.

 

فضل  سقي الماء 

إن هذا العمل هو سقي الماء، يقول صلى الله عليه وسلم في حَجة الوداع: «انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلاَ أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ»، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ» (أخرجه مسلم:5791). 

فتبريد الأكباد، وإطفاء حرارة الظمآن من أعظم الأبواب التي تقود إلى الجنان، ومن أسباب تكفير الآثام، وهو باب عظيم لإذهاب الأسقام، وبه تكون الصدقة جارية عن النفس والْوَالِدَيْنِ والْوِلْدَان. هذا فضل سقي الماء، وتبريد الأكباد، بل إن أعظم ما ذكره الله في وصف الجنة إجراءُ الأنهار التي منها السِّقَاء والتلذذ، والشرب والإطعام، «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى» (محمد:15). 

بل إن الله عز وجل عذب أهل النار بحرمانهم من الماء، «وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ» (الأعراف:50) قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: "وفي هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال" (تفسير القرطبي:7/215). 

 

فضل  سقي الماء 

في مشهد تعلوه الرحمة، وتكسوه الشفقة، ويُجلله البر بجلبابه الفضفاض، ويختمره الإحسان بدثاره الرقراق، في مشهد لرجل يجر الخُطى في الصحراء قد اشتد به عطشه، وتقرحت منه كبده، وبلغ به الظمأُ مبلغه، وهو يسير يتلمظ الماء، ويبحث عن السِقَاء، فإذا هو ببئرٍ في الصحراء فابتدرها ابتدار السَّبُع، فنزل فيها وشرب حتى ارتوى، فذاق العُذُوْبَة، وتلذذ بالماء، مع أن الماء لا طعم له على اللسان، إنما طعمه ولذته ببرودته على الأكباد.

 وعندما أذهب الله ظمأه، وأشفى غليله خرج من البئر وهو يتذوق طعم الحياة،وكأنه لن يموت، فخرج وهو ينظر للحياة بنظرة أخرى قبل نزوله للبئر، وعندما كان يُقلب طرفه في الفضاء إذ بكلبٍ يَلْهَثُ الثَّرَى مِنَ شدة الْعَطَشِ، فبلغ به العطش أن أخذ يأكل التراب بحثًا عن الماء، فَتَأمَّل هذا الرجل في هذا المشهد، وقال: «لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي» -أن الكلب دابة خلق من خلق الله عز وجل ذات كبد رطبة- فرجع إلى البئر، ولكنه لم يجد ما يجعل الماء فيه، فهداه الله لِخُفِّه فملأه، وجاء إلى الكلب ثُمَّ سَقَاه، فشرب الكلب وهو يسابق نفسه. 

وفي هذا المشهد الذي تجللت فيه معاني الرحمة في أسما صورها -فيكون الجزاء من جنس العمل- هنا تجلت رحمة الرحيم الرحمن، اللطيف الجليل، الذي يرى كل شيء، ويسمع كل شيء، ولا يخفى عليه شيء، فشكر سبحانه صنيع هذا الرجل، فرضي عنه، فغفر له ورحمه؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟! قَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» (متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).

 بل الأعجب من هذا ما جاء في الصحيحين من أن امرأةً سقت كلبًا فغفر الله لها، يقول صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ» -أي يدور حول بئر- «قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا -أي خفها- فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ»، فيا لله كم من نفحات لله لا يعلمها إلا هو جعلها للرحماء المخلصين من عباده. قال بعض التابعين: "من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء" (تفسير القرطبي:7/215).

 

فضل  سقي الماء 

 ألا وإن من فضائل سقي الماء على الظمأ أن يكون جزاؤه أن يسقيه الله من الرحيق المختوم في الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ» (أخرجه أحمد:3/13، وأبو داود:1684، والترمذي:2449 .

 

فضل  سقي الماء 

وتعد الصدقات الجارية، عن الآباء والأمهات، والبنين والبنات، والأنفس والذوات، ومن أعظم الصدقات: سقي الماء وإجراؤه، فهو من أفضل الأعمال، جاء سعد بن عبادة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: «نعم»، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «سَقْيُ الْمَاء».


فضل  سقي الماء 

من فوائد سقي الماء، أَنَّه سببٌ لعلاج الأمراض، وشفاء الأسقام بإذنه سبحانه يقول ابن شقيق:«سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سَبْعِ سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع بما أعطوه، فقال له ابن المبارك: اذهب فاحفر بئرًا في مكان يحتاج الناس فيه إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ بإذن الله» (أخرجها البيهقي في الشعب:5/69)، فقد كان سقي الماء من هذا الرجل سببًا لشفائه بعد إذن الله سبحانه وتعالى.

 

وهناك وسائل كثيرة لسقي الماء، منها: السعي في حفر الآبار في الأماكن التي يحتاج إليها الناس، وهذا أمر ميسور، فَيُطِيْقُ الإنسان أن يحفر له بئرٌ بثمن بخس في بلد فقير معوز تجري عليه بركته وبره،يقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَفَرَ مَاءً لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ كَبِدٌ حَرَّى مِنْ جِنٍّ وَلاَ إِنْسٍ وَلاَ طَائِرٍ إِلاَّ آجَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (أخرجه البخاري في التاريخ الكبير:1/331، وابن خزيمة:1292 في صحيحه بسند صحيح).

كما يعتبر توفير المضخات لتنقية المياه لتكون صالحة للشرب بدلًا من شرب المياه الآسنة كما في بعض الدول الفقيرة وسيلة لسقي الماء، وكذلك وضع الماء في المساجد؛ أو الأسواق أو الطرق وتعاهده، بل وعند البيوت، ولها أثر في حفظ البيت من السرقة لبركة الصدقة، ولكثرة الشاربين؛ جاء في (الترغيب والترهيب:964): أن الإمام الحاكم أصابته قرحة في وجهه قريبًا من السنة، فتصدق على المسلمين بوضع سقاية على باب داره، فشرب منها النَّاس، فما مر عليه أُسبوع إلا وظهر الشفاء، وعاد وجهه أحسن ما كان، وبرء بإذن الله.

ومن ضمن هذه الوسائل، حمل الماء في السيارة وتوزيعه على من يحتاجه؛ «فلَيْسَ صَدَقَةٌ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ مَاءٍ» كما روي عنه- صلى الله عليه وسلم -كما عند البيهقي في الشعب(5/67) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ووضع البرادات في الأماكن العامة وتعاهدها بالماء الصالح، واستغلال تجمعات الناس سواء في الحج أو العمرة، أو في اللقاءات التي يحتاجون فيها إلى الماء فيسابق للسقاية، ووضع ماء في إناء للهوام والدواب، وللطير والكلاب، فـ«فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» .