الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طلعت القاضي يكتب: رسائل البراءة من قلب العنصرية 

صدى البلد

عزيزي "ماركوس راشفورد" ، "أتمنى ألا تحزن لفترة طويلة؛ لأنك شخص جيد ، في العام الماضي ألهمتني لمساعدة الأشخاص الأقل حظًا. ثم الليلة الماضية، ألهمتني مرة أخرى لأكون دائمًا شجاعًا ، كم أنا فخور بك! ستكون دائمًا بطلًا".
هذه كلمات أرسلها الطفل الإنجليزي " دكستر روزير " البالغ من العمر تسع سنوات، والتي حرص خلالها على دعم "راشفورد" لاعب المنتخب الإنجليزي بعد خيبته في تسديد ركلة الجزاء في نهائي "اليورو" ، وطالبه خلالها بعدم الحزن لفترة طويلة بعد إهدار ركلة ترجيح أمام "إيطاليا" في نهائي كأس الأمم الأوروبية.
 ما أعذب تلك القلوب! طاهرة، صادقة لا يحملون الكره، لا يعرفون العنصرية ، هي المسامحة والعفوية في كل شيء، فالطفل أحاسيسه جميلة بمختلف أعمارهم ، ولكن لا يقولونها بألسنتهم بل تكون بخواطرهم وإن تحدثوا تجد السمر بين حديثهم، وتنعكس تلك الأحاسيس في تسامحهم الجميل مع محيطهم، وربما أحيانًا في دعمهم لمن يمنحهم الحب ويبادلهم أسرار العطاء؛ ذلك لأن البساطة هي من تقودهم ‏إلى التسامح.
 ‏لم يتوقف عطاء الطفل للدعم فقط، بل امتدّ إلى الاعتزار عن إساءة الكبار، وتطاول الجهلاء العنصرية من مشجعي كرة القدم بما حدث من بعضهم من تصنيف عنصري أفجع الجميع.
 ‏فقد كتب طفل صغير إلى اللاعب الإنجليزي "بوكايو ساكا"، رسالة مؤثرة يدعمه فيها، بعد الهجوم العنصري الذي تلقاه مع بعض اللاعبين بسبب خسارة منتخب بلاده في نهائي بطولة "اليورو 2020"
وكتب الطفل: "عزيزي بوكايو، أنا تشارلي وأبلغ من العمر 9 سنوات، أنا مشجع كبير لنادي أرسنال وإنجلترا، وأنت لاعبي المفضل، فقط أردتُ دعمك على الوصول، لقد لعبت بصورة رائعة. أنا أحبك، وأتمنى أكون مثلك مستقبلًا".
من المُحْزِن في هذا الأمر وفي ذلك التوقيت أن أكثر هذه المخالفات العنصرية تحدث في دول متقدمة رياضيًّا وتنظيميًّا لها الريادة في كل شيء، ولكنها للأسف تدعي فقط الحضارة والمدنية والديمقراطية والمساواة، ولكنها بعيدة كل البعد عن ما يعيشونه من واقع نفسي وعنصري امتدّ إلى الرياضة، وإلى لعبة كرة القدم، وهي اللعبة الشعبية الأولى في العالم التي يظهر فيها التعامل العنصري الذي يشمل التمييز بلون البشرة والدين والأصول، وقد تابعنا العديد من هذه الانتهاكات العرقية خلال السنوات الماضية حتى في أكثر من مونديال عالمي، أو بطولة أوروبية ، ولم يقتصر الأمر على كرة القدم، وإنما طالت ألعابًا أخرى أهمها ألعاب القوى.
ومؤخرًا امتد الأمر وأشعلت العنصرية التي قوبل بها نجوم منتخب إنجلترا في بطولة "يورو 2020" الشارع البريطاني، الذي بدأ في معركة حقيقية ضد الإساءات التي تعرض لها 3 لاعبين سود، وهم "ماركوس راشفورد" و"جايدون سانشو" و"بوكايو ساكا" عندما أضاعوا ركلات الجزاء وتسببوا في هزيمة منتخبهم، وخسارتهم للنهائي الأوربي.
على هذه الدول الإعتراف بأنها تواجه مشكلة خطيرة مع العنصرية، وهي مشكلة لم تعمل على حلها، أو مكافحتها جديًا خلال السنوات الماضية، وحتى الآن نعيش بها في الملاعب والمدرجات، وصارت الميديا أداة التلاعب، وإشعال فتنة العنصرية. 
ولكن لنا أن نتساءل عن مدى فعالية العقوبات ضد العنصرية في كرة القدم؟
وهل من الصعب الحُكم على مدى فعالية تلك العقوبات في التصدي لتلك السلوكيات العنصرية؟، والتي يجب إدانتها دومًا في المجتمع بالكامل في كل التعاملات، بل ومن المُحْبِط القول: أن الحوادث العنصرية ما زالت تحدث وبشكل منتظم في الرياضة، وعالم كرة القدم 
إنَّ الأمر لا يقتصر فقط على كرة القدم، بل هي مشكلة مجتمعية تمامًا، ولها جزور تاريخية حيث تمتلك "الولايات المتحدة" تاريخًا حافلًا من التمييز العرقي ضد السود، فالبلد نفسه تم تأسيسه على عاتق العبودية، هؤلاء العبيد الذين تم استقدامهم من كل مكان في
"إفريقيا" وشُحنوا في سفن؛ ليعملوا في مزارع السكر والقطن هم مَن ساهم في بناء "الولايات المتحدة" بالشكل الذي نعرفه الآن، 
وأيضًا في "بريطانيا" فإن الحديث ضد المهاجرين من بعض الشخصيات السياسية الكبيرة يظهر مدى العنصرية الظاهرة، وما هي الخريطة التي تسير عليها سياسة تلك البلدان مع هؤلاء المهاجرين لبلادهم، ونحن نقصد هنا بالحديث عن كونها مشكلة مجتمع، وهي بالتأكيد كذلك خاصة وحين تُشاهد حديث رئيس الوزراء "بوريس جونسون" منذ فترة عن الهجرة لتلك البلاد، ووجوب امتلاك الناس لمستويات معينة.
"جونسون" الذي قال: "أن السيدات الذين يضعون الحجاب يشبهون الصناديق"! ووصف أصحاب البشرة السمراء بـ "ضحكات البطيخ"! انتُخب فيما بعد رئيسًا للوزراء.
لا شك أن الإنسانية بريئة من هؤلاء المتعصبين والعنصريين الذين لم يستطيع التحضر والتقدم العلمي لديهم أن تؤثر في سلوكهم اللا إنساني، ولم يتبقى لنا سوى الأمل في كلمات ومشاعر هؤلاء الأطفال لعلها تكبر معهم وتتحرر من كلمات "جونسون"، ورعايته للعنصرية.