الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفقراء يجب ألا ينجبوا إناثا

منذ صغرها وهى تسمع ابيها يردد هذه الجملة ليل نهار وترى فى عينيه كم الاسى والحزن لانه لم ينجب ذكورا وابتلاه ربه كما كان يقول بالبنات .. اعوام طويلة عاشتها معه هى واخواتها الخمس لم تره يوما يضحك او حتى يبتسم فهو دائم الحزن ملازم الصمت لايتكلم ابدا كل مايريده يشير اليه وعندما يتحدث يقل جملته المعتادة : الفقراء يجب الا ينجبوا  اناثا . فى يوم من ايام عمرها الكئيبة استكملت شجاعتها وسألت أبيها عن سر حزنه وتعاسته بخلفتهن مع انهن لم يتعبنه ابدا وكلهن فى التعليم ولهن طموحات واهداف ستجعلهن ذات قيمة وقامة ، لم يجبها ابيها فى بادىء الامر بل اشار اليها لتجلس بجواره وعندما جلست احتضنها بقوة وطلب منها ان تسامحه أن كانت جملته قد اذت مشاعرها ولكنه لايقصد بها ذلك بل يذكر نفسه دوما بحاله وبسر دفين آن الاوان ان يجد من يطلعه عليه ويشركه فى تجرع مرارته .. قبلت يديه ورأسه وانصت اليه وهو يبكى ويحكى لها ويقول : كنا كما تعلمى سبع ابناء ولنا اخت وحيدة لم تريها انتى فقد ماتت وهى فى ريعان شبابها بل لقول الحق قتلت .. ابانا كان مزارعا سعيدا بعزوته من الابناء ومحبا لوحيدته ومدللا لها ايما دلال وكان ابى رجلا وحيدا لابيه على خمسة بنات ومنهن من كانت تحبه  ومنهن من كانت تحقد عليه لانه انجب هذا الكم من الصبية والغريب ان كل عماتى لم ينجبن الا اناثا .. وفى يوم لن انساه وكانت اختى بلغت السادسة عشرة من عمرها اجمل ماتقع عليه عينك وكأن الله قد وضع فيها كل الجمال الملائكى فى هذا اليوم رأيت بعين راسى ابى وهو يقتل اختى ويدفنها فى حظيرة المواشى ويبكى ويلطم وجهه بعدها ويردد جملتى التى لا اكف انا عن ترديدها حتى لا انسى هذا اليوم الذى اقتلع فيه ضلع من اضلعى فقد كنت احبها وافشى اليها بكل اسرارى واخطط خططى واطلعها عليها فقد كانت تسمعنى ولاتمل منى ابدا ، لم استوعب مافعله ابى ولكنى نفذت ماطلبه منى بأن انشر فى بلدتى خبر ان اختى ذهبت من الصباح الى الحقل لاحضار بعض الخضراوات وسقطت فى البحر ولم استطع انقاذها واكمل ابى المسلسل الحزين وكل يوم يحضر من يغطس فى البحر كما نسميه ليبحث عن اختى حتى جاء احدهم بجثمان مفقود المعالم وحينهااخذه ابى واكمل مراسم الجنازة الحزينة ودفنها .. لم يعلم ايا من افراد اسرتى بمصير اختى ولا حتى امى التى ماتت حزنا على اختى بعد عدة اشهر ولم تشهد معى مقتل زوج عمتى على يد ابى وتقطيعه قطعا قطعا وكأنه كان سيطهوه ولم اسأل ابى عن سبب قتله زوج أخته لاننى كنت على يقين من جرمه وبأنه من سلب اختى عذريتها وحرمها من الحياة ومنذ ذلك اليوم وانا نصف حى ولا استطيع ان امنع نفسى من حزنى على اختى ومن خوفى عليكن ومن ترديد جملة ابى الذى لم اسامحه ابدا عما فعله بأختى وحرمانى منها الى الابد فكم كنت اتمنى ان يتركها تعيش حتى ان كلفنى ذلك ان اخذها واهرب بها بعيدا وارعاها واظل معها الى يوم النهايات الطبيعية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط