الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العمى!


في سنة 1995، نشرت رواية العمى "Blindness"، للبرتغالي جوزيه سارماجو، ونال عنها جائزة نوبل 1998، وتحولت لفيلم سنة 2008.
الرواية تجعلنا نعيش تجربة العمى المفاجئ, لنتابع سكان مدينة يقعون ضحية للعمى بدون أي سبب من الناحية الطبية، فجأة لا يرون إلا البياض المطلق عكس المعروف عن العمى من سواد.
وينتقد ساراماجو السلوك البشري مركزاً على الأحداث من خلال مجموعة من الأشخاص اكتسحهم العمى وعرفوا بعضهم بلمحة عابرة في عيادة طبيب العيون، والذي تبقى زوجته مبصرة، لتظل هى الشاهد الوحيد على الأحداث في الحجر الصحي المزدحم، عندما يسقط النظام الاجتماعي والأخلاقي، ويظهر العمى أخلاقيات الإنسان من الأنانية والعنف، والتي سترتها الحضارة المبصرة. 
"لا أعتقد أننا عمينا، بل أعتقد أننا عميان"، الجملة قالها أحد شخصيات الرواية، ومع متابعة أحداث الرواية تزداد بصيرتنا لنرى ما بداخل النفس، ونسأل: أنحن مصابون بالعمى؟، وهل العمى هو فقدان البصر؟.
قال تعالى: (..فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج 46، فالعين تبصر وترى صور الأشياء، والدماغ يدرك، والقلب يعقل ما يرى: (..لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا..) الأعراف 179.
والعمى هو أن تصاب العين فتعمى عن الإبصار: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ) يونس 43، أو يصاب الدماغ فيعمى عن الإدراك، أو يصاب القلب فيعمى عن العقل. 
وعمى القلب يحدث نتيجة الانشغال في الدنيا وسيطرة الشهوة على الإنسان حتى تسد مداخل قلبه، وتكون الأعمال السيئة حاجزاً بين القلب وبين الحقيقة، عندها لا يعقل القلب خيراً.
ليس الأعمى من لا يرى، وإنما الأعمى هو الذي لا يعرف الحق حين يراه، ولا يتعظ من الحوادث التي تحدث أمامه ومن حوله، فالعمى ليس عمي الأبصار، وإنما هو عمى القلوب. 
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط