الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحت المراقبة!

عندما تقرأ ملصقاً على باب زجاجي: "المكان مراقب بالكاميرات"، أو لافتة في الطرق السريعة: "الطريق مراقب بالرادار"، فاحذر لأنك تحت المراقبة.
والإنسان عادة يكره المراقبة لأنها تصيبه بالقلق، ومع ذلك تقوم المؤسسات كالبنوك وأصحاب المحلات بمراقبة الزائرين، فالكاميرا صارت تضبط المخالفين وتحسم أي خلاف مع العملاء والزبائن.
والكاميرات أيضاً تراقب الشوارع لتساعد في تنظيم حركة المرور وحفظ الأمن، ومع الزمن ستصبح المدينة تراقبك لتعيش أمام الكاميرا لا خلفها، مثل الفيلم التسجيلي الصامت "رجل مع كاميرا" سنة 1929، للمخرج الروسي دزيكا فرتوف، وتصويره لإحساس الإنسان بتلصص الكاميرا على حياته.
في الأيام الأولى ينتبه الإنسان، ويتصرف بحذر، وبمرور الوقت يتعود على الحياة تحت المراقبة.
وفكرة المراقبة بالكاميرا كشفتها رواية "1984" لجورج أورويل، والتي صدرت سنة 1948، وتحكي عن معرفة بطل الرواية بأن الكاميرات تراقبه بالصوت والصورة وتنقل ذلك لشرطة الفكر، وللتخلص من المراقبة كان يعطي ظهره للكاميرا، ولإحساسه بأن ظهره مخترق فقد استسلم للمراقبة، ومع الوقت تعايش معها.
والمراقبة يقوم بها رقيب وهو من يلاحظ الأمر أو يحرسه، والرقيب إسم من الأسماء الحسنى: (..وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) الأحزاب 52، فالله له الكمال المطلق في إحاطته بخلقه.
والله هو الرقيب الذي يعلم، يسمعك إن تكلمت، ويراك إن تحركت، ويعلم إن نويت، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام عن الإحسان مع الله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك".
والإنسان ينضبط تلقائياً إذا شعر أنه مراقب، فمثلاً لو علمت أن هاتفك مراقب ستدقق في كلامك، ولو علمت أن شخصاً يراقبك ستكون حذراً في أفعالك وأقوالك، ولذلك عليك أن تقوم بمراقبة نفسك عندما تؤمن بأن الله تعالى رقيباً، فالمراقبة تجعلك أكثر انضباطاً وأكثر حرصاً على الاستقامة.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط