الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إنذار!

 

أكبر خدمة يستطيع جهاز التعبئة والإحصاء أن يُسديها للدولة والمجتمع معا هو إعداد دراسة وافية ودقيقة بالأرقام عن حالات الانتحار المفاجئ وجرائم القتل بين الأزواج ومواقف التحرش الجنسى بمختلف صورها .. والأهم أن يُرفق بالدراسة تحليلات سيكولوجية وتربوية من كبار الخبراء والأساتذة فى علم النفس والاجتماع للوقوف على دوافع الانحراف وأسباب الانهيار الأخلاقى!.
إن ما يعيشه المصريون فى الآونة الأخيرة يبرر الإسراع فى هذه المهمة العاجلة على أكتاف “التعبئة والإحصاء” لمعرفة كيف بلغت الأوضاع بأبنائنا وأجيالنا المتعاقبة هذه المشاهد المأساوية المتكررة .. وكلمة متكررة هى مربط الفرس وبيت القصيد .. فتكرار الحوادث وتعدد أبطالها يدل على تشوهات فى التفكير واضطراب فى السلوك على نحو كفيل برفض الحياة والاندفاع إلى الموت أو الانتقام من الآخر .. والظاهرة المخيفة تنذر بضرورة تحليلها وصياغة تفاصيلها الكامنة وراء سطور كل حادثة على حده .. وهنا دور عقولنا العلمية فى مجالات تربية النشء وعلاج الأمراض العصبية والنفسية لوضع روشتة إنقاذ وخريطة طريق واضحة المعالم للخروج من هذا النفق المظلم .. وبمجرد الاستقرار على الدراسة المتكاملة يحتضنها “الإعلام الواعى” بسلسلة حلقات وبرامج تناقش أبعاد هذا التحول المريب فى أفكار واتجاهات المجتمع المصرى، وتوفر مساحة مناسبة ومريحة من “ساعات الهواء” لمثل هذه القضايا التى تمس عصب البيت البسيط المهموم بمشاكله ومتاعبه ولم يعد يكترث بطوفان “التوك شو” الزائف شكلا وموضوعا .. وإنسانية!.
فى كل لحظة نشاهد فتى على الماء أو فتاة تطير فى الفضاء .. وعند كل ناصية تصطدم العين بانتهاك لفظى أو جسدى أو إيحائى يُهين الكرامة ويجرح القلب .. وخلف جدران المنازل والقصور الفاخرة آلاف حالات الطلاق والخيانة الزوجية قد تنتهى بتدمير الأسرة أو موت ضحية وبقاء “شريك الحياة” خلف القضبان .. والجميع يئن من البطالة وغياب العدالة فى توزيع الحقوق وضعف الدخل وسط ضغوط المعيشة الطاحنة وسطوة الفاشلين والفاسدين ليطغى وجودهم على المخلصين والموهوبين .. والمسألة فعلا لاتقبل الهزل أو الاستهانة، وإلا نستيقظ يوما على ثورة تفوق “غضب الجياع” .. ثورة “قهر وإحباط”!.
- الدراسة يا سادة .. والتفاف الدولة والإعلام والمجتمع حولها فى أسرع وقت .. وكلنا فى خندق واحد، والإنذار هذه المرة لن ينفع معه التهاون أو التأخير أو ثقافة “النعام” .. ولن ننتظر حتى يباغتنا الانحلال من ديارنا ويسير الضياع حرا فى الشوارع والميادين .. ونقاء المُناخ لايصنع فسادا أو انحرافا أو .. إرهابا!.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط