الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبر القناة بذراع واحدة|البطل إسماعيل جاب الله: فتحنا ثغرات بالساتر الترابي تحت القصف

المشير طنطاوي يكرم
المشير طنطاوي يكرم البطل إسماعيل بيومي جاب الله

تحتفل مصر اليوم الأربعاء، بـ مرور 48 عامًا، على نصر أكتوبر 1973 وتحرير سيناء من العدو الإسرائيلي، الذي قام باحتلالها عقب حرب 5 يونيو عام 1967.

وعمل المصريون طوال 6 سنوات «1967 - 1973» على الاستعداد لمعركة النصر المبين، حرب السادس من أكتوبر، التي أنهت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

وعبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة في السادس من أكتوبر عام 1973 إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة في مصر وهي سيناء، واستعاد المصريون الأرض، واستعادوا معها كرامتهم واحترام العالم لهم، حيث تعد حرب السادس من أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحًا لـ نصر مبين.

وأتى يوم السادس من أكتوبر عام 1973،  لتكشف الدولة المصرية عن هيبتها وقوتها وعلا زئيرها إلى عنان السماء بقول «الله واكبر»، الذي بعث الرعب في قلوب الجنود والقادة الإسرائيليين، عابرين قناة السويس محطمين الساتر الترابي وخط بارليف المنيع، الذي قال عنه السوفيت في ذلك الوقت «لا يقهر إلا بقنبلة نووية».

وبمناسبة تلك الذكرى العزيزة على قلوب جميع المصريين، تحدث البطل الجندي مجند إسماعيل بيومي جاب الله محمد عن ذكرياته في معركة نصر أكتوبر، حيث كان حكمدار مجموعة اقتحام الساتر الترابي بخط بارليف، كاشفا العديد من الكواليس والأسرار خلال أيام الحرب.

دوره قبل الحرب

وقال البطل إسماعيل بيومي جاب الله، أنه من أبناء مدينة الإسماعيلية، وكان وقت حرب أكتوبر منضما لسلاح المهندسين، ودوره في الحرب هو اقتحام الساتر الترابي لخط بارليف، الذي بناه العدو الإسرائيلي على الضفة الشرقية من قناة السويس بعد حرب 1967.

وأضاف: «كان الساتر الترابي جزءا من خط بارليف وارتفاعه 25 مترا بـ امتداد الجبهة، وكان خط بارليف بعمق 12 كيلو داخل سيناء .

وتابع في حواره مع «صدى البلد»: «كنت حكمدار مجموعة مكونة من 15 فردا، وكانت مهمتنا فتح ثغرات في الساتر الترابي لتسهيل تدفق الأسلحة الثقيلة من الدبابات والمدرعات إلى داخل سيناء».

الجندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد
الجندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد

التدريب من أجل المعركة 

ولفت البطل الجندي مجند إسماعيل جاب الله محمد: «قبل حرب السادس من أكتوبر 73، جرى تدريبنا على مدار 4 سنوات متواصلة على فتح ثغرات في سواتر ترابية وذلك في تدريبات ومشاريع شاقة»، مضيفا: «كان يتم تنفيذ مشاريع حرب بصورة مستمرة للتجهيز لحرب أكتوبر والعبور».

وتابع: «كنا حافظين الإجراءات، وتم نقلنا إلى الجبهة حيث الأماكن التي سيتم العبور منها وفيها سيتم تنفيذ المهام المكلفين بها، وذلك على أننا سننفذ مشروع حرب»، مشيرا: «آخر مشروع حرب نفذته كان في شهر يناير من العام 1973، أي قبل الحرب بـ 9 شهور، وكان في جزيرة البلاح وقناة فرعية، ونفذنا عليها المشروع على ساتر ترابي طبيعي».

لحظة العبور العظيم

وكشف البطل إسماعيل جاب الله محمد: «في الأول من شهر رمضان تم نقلي ومعي آخرين إلى الأماكن التي سيتم  العبور منها على أساس أنهم سوف ينفذون مشروع حرب، ولكن كان هناك اختلاف في هذا المشروع؛ لأنه كان أول مرة يتم أخذ الكارنيهات الخاصة بنا، وتسليمنا أقراص معدنية مكتوب عليها الرقم العسكري، كما أن تم تسليم الشدة الخفيفة، وتلك الإجراءات كانت تمثل علامات استفهام بالنسبة لنا كجنود».

لحظة معرفة قرار الحرب

وتابع: «كنا مجهزين القوارب على أننا سننفذ المشروع طبقا للأوامر، ولكن في الساعة الثانية ولم نكن نعلم بالحرب، وفجأة وجدنا الطيران المصري يدخل سيناء بكثافة وعلى ارتفاع منخفض، واستهدف الطيران خط بارليف والنقاط الحصينة ومراكز القيادة، وبعدها بدأت ضربات المدفعية على طول خط القتال، ثم بدأت الموجة الأولى في النزول بالقوارب إلى القناة وكانت مكونة من قوات المشاة والصاعقة وهدفها احتلال النقاط الحصينة داخل خط بارليف».

وأضاف: «بعد عبور قوات المشاة والصاعقة في الموجة الأولى، جاء لنا الصول الذي كان يتولى قيادة مجموعة القوارب قائلاً: «يلا يا ولاد جه اليوم إللي كلنا مستنينه، الله وأكبر»، وبعدها بدأنا في إنزال القوارب وعبرنا القناة بسرعة وكنا تحت القصف الإسرائيلي، لكن قوات المشاة والصاعقة لم تكن قد احتلت المواقع بعد، وأكملنا عبور القناة مع الموجة الثانية حتى نبدأ في تنفيذ المهام التي تدربنا عليها وبمجرد وصولنا إلى الصفة الشرقية بدأنا في فتح الثغرات».

الجندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد
الجندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد

فتح ثغرات بالساتر الترابي

واسترسل إسماعيل جاب الله محمد: «عندما عبرنا إلى الضفة الشرقية، بدأنا في إنزال المضخات وفتح الثغرات بسرعة، وبعد فتح الثغرة بنينا الكوبري لعبور عدد من لواءات الفرقة 19، وهو نفس الكوبري الذي استشهد عليه العميد أحمد حمدي، وبعد بناء المعبر، كنا ننتقل من مكان لآخر لفتح العديد من الثغرات في الساتر الترابي وجعلنا الساتر الترابي يشبه "المنخل" ونجح سلاح المهندسين في فتح 60 ثغرة في الساتر الترابي، أما بالنسبة لعملية فتح الثغرة الواحدة كانت تستغرق من 3 ساعات إلى 3 ساعات ونصف، في حال كانت التربة رملية، أما إذا كان التربة صخرية؛ فـ كان فتح الثغرة يستغرق 4 ساعات».

إصابته البطل في الحرب

وكشف البطل إسماعيل جاب الله محمد، أنه في يوم 7 أكتوبر تم الانتقال من مكان لآخر من أجل فتح الثغرات، وذلك تحت قصف مستمر من قبل العدو، معقبا: «كنا لا نهاب الموت، ونمتلك قوة العزيمة التي مكنتنا من تنفيذ المهام المكلفين بها دون أن يساورنا أي مخاوف».

وتابع: «أثناء انتقالنا من مكان لآخر في النقطة 147 تم ضرب قذيفة في القارب الذي كنا فيه واستشهد زملائي وأصيبت أنا في الوجه، لكني قاومت التيار و"عومت" حتى وصلت إلى الشاطئ الغربي كي ألتقط أنفاسي، وبالفعل نجحت في العبور للجانب الغربي، وطلب مني القادة أترك المعركة للعلاج ولكني رفضت مغادرة المعركة، فتركني القائد مستمرا في المعركة لأنها كانت رغبتي».

وأكمل: «كانت المهمة الثانية لي ولزملائي تأمين المعابر من تسلل العدو، والمساعدة في إخلاء الجرحى والمصابين، وفي يوم 22 أكتوبر كان من المفترض وقف إطلاق النار ولكن إسرائيل لم تلتزم وتسللت قبلها إلى ثغرة الدفرسوار لتحقيق أية مكاسب، وجاءت لن الأوامر بأن كل جندي يحفر حفرة ويرتكز مكانه لمنع العدو من التسلل من الثغرة عبر منطقة الجناين إلى مدينة السويس بعدما فشل في اقتحام الإسماعيلية».

الجندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد
الجندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد

تفاصيل معركة الجناين

وكشف البطل الجندي مجند إسماعيل جاب الله محمد، تفاصيل معركة الجناين، حيث قال: «في يوم 23 أكتوبر بمجرد معرفتنا بأن العدو قادم بدأنا في تلغيم المنطقة وكل جندي حفر حفرة ورابطنا بالمكان، وعندما وصلت قوات العدو اشتبكنا معها وكبدناها خسائر فادحة ودمرنا أكثر من 16 دبابة، وبعدها انسحبت قوات العدو وفشلت في دخول السويس عبر منطقة الجناين».

وتابع: «بعدما فشل العدو وانسحب، أرسل لنا قواته الجوية لتمشيط المنطقة والتمهيد لموجة جديدة مستخدما القنابل الفسفورية المحرمة دوليا، وخلال القصف ضربت إحدى القذائف بجوار الحفرة التي كنت بها فأغمي عليً، وعندما استعدت وعيي كنت مدفون في الحفرة التي كنت بها، وبدأت في إزاحة التراب، ووجدت أن ذراعي كان قد تهتك، وحاول زملائي إخلائي إلى السويس ولكن رفضت؛ لأنها كانت تحت الحصار وتقاوم القوات الإسرائيلية التي فشلت في دخولها بفضل جهود الفرقة 19 ورجال المقاومة التي منعت القوات الإسرائيلية من دخول السويس عبر منطقة المثلث، حيث كنا نرى الضرب في السويس من على بعد 5 كيلو، وجلست في نفس الحفرة لمدة 3 ساعات».

عبور القناة بذراع واحدة

وأكمل: «وبعد 3 ساعات قررت أن أذهب إلى أحد التمركزات الطبية الخاصة بنا داخل سيناء، وبالفعل نزلت القناة وكان الكوبري معطل، ودفنت ذراعي في الرمال، وعبرت القناة بذراع واحدة ، وراماني التيار إلى الضفة الشرقية، وكنت منهكا للغاية فنمت حتى صباح يوم 25، وفي الصباح ظللت أنادي بصوت عالي وذراعي مستمر في النزيف ولم أكن أقوى على صعود الساتر الترابي».

وأشار: «بعد فترة من النداء لمحني الجنود ورموا لي حبل وشدوني به فوق الساتر، وبعدها تم نقلي إلى عمق سيناء وجاء إلى طبيب برتبة رائد يدعى "سيد"، وعمل ليا الإسعافات الأولية وبعدها وضعني في سيارة الإسعاف وتم نقلي إلى مدينة السويس وظللت في السويس المحاصرة لمدة 22 يوما حتى عقد اتفاقية الكيلو 101، وتم فض الاشتباك ونقلت في يوم 17 نوفمبر إلى مستشفى المعادي».

لقاء السيدة جيهان السادات 

وكشف البطل المجند جندي إسماعيل بيومي جاب الله محمد، أنه التقى بالسيدة جيهان السادات في مستشفى المعادي العسكري، وسألته عما يريده ويحتاجه، وقال لها حينها أنه «لا يريد أي شيء، وكل ما أرده قد حصل عليه بالفعل حيث كان هدفه أن يحرر الأرض ويعود إلى مدينة الإسماعيلية وقد حقق ما أراده بالفعل».

ولفت: «بعد تلك الزيارة بأيام زارتني السيدة جيهان السادات مرة أخرى مع زوجة المشير أحمد إسماعيل وزوجات السفراء الأجانب».

واختتم: «سجلت لقاء مع التلفزيون في برنامج "وجه مصر المشرق"، وحكيت عن دوري في المعارك للسفراء الأجانب وكيف تمكن أبطال مصر من إسقاط مقولة أن الجيش الإسرائيلي وخط بارليف لا يقهران وقد حطمنا تلك المقولة».