الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شيء إذا حافظ الإنسان عليه يضمن له كل خير.. علي جمعة يوضح

شيء إذا حافظ الإنسان
شيء إذا حافظ الإنسان عليه يضمن له الإتيان بكل خير

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه جاء عن معاذ رضي الله عنه أنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت : يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار ؟ قال : لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه. تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال ثم قرأ : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع.... حتى بلغ يعملون﴾، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال : كف عليك هذا، فقلت : يا نبي الله، وإنا المؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» [رواه أحمد في مسند، والترمذي في سننه، والحاكم في المستدرك] وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

وتابع علي جمعة:  أن النبي - صلى الله عليه وسلم -  بعد أن عدد لمعاذ أوجه الخير وفضائله، أراد أن يخبره بشيء واحد إذا حافظ عليه يضمن له الإتيان بكل هذه الفضائل، فقال صلى الله عليه وسلم : « ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال : كف عليك هذا، فقلت : يا نبي الله، وإنا المؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم».

وأشار علي جمعة إلى أنه من المفيد هنا نقل قول صاحب تحفة الأحوذي في شرح هذا الجزء من الحديث : «الملاك ما به إحكام الشيء وتقويته، من ملك العجين إذا أحسن عجنه وبالغ فيه، وأهل اللغة يكسرون الميم ويفتحونها؛ والرواية بالكسر، وذلك إشارة إلى ما ذكر من أول الحديث إلى هنا من العبادات، وأكده بقوله كله لئلا يظن خلاف الشمول، أي بما تقوم به تلك العبادات جميعها».

ويقول في بيان قوله  صلى الله عليه وسلم: «كف عليك هذا» : «(هذا) إشارة إلى اللسان أي لسانك المشافه له، وتقديم المجرور على المنصوب للاهتمام به وتعديته بعلى للتضمين، أو بمعنى عن، وإيراد اسم الإشارة لمزيد التعيين أو للتحقير وهو مفعول كف، وإنما أخذ عليه الصلاة والسلام بلسانه وأشار إليه من غير اكتفاء بالقول، تنبيها على أن أمر اللسان صعب. والمعنى لا تكلم بما لا يعنيك، فإن من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ولكثرة الكلام مفاسد لا تحصى».

واستطرد علي جمعة: أنه يقول في بيان قول النبي: «إلا حصائد ألسنتهم» : « أي محصوداتها، شبه ما يتكلم به الإنسان بالزرع المحصود بالمنجل، وهو من بلاغة النبوة، فكما أن المنجل يقطع ولا يميز بين الرطب واليابس والجيد والرديء، فكذلك لسان بعض الناس يتكلم بكل نوع من الكلام حسنا وقبيحا. والمعنى لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم من الكفر والقذف والشتم والغيبة والنميمة والبهتان ونحوها والاستثناء مفرغ، وهذا الحكم وارد على الأغلب أي على الأكثر لأنك إذا جربت لم تجد أحدا حفظ لسانه عن السوء ولا يصدر عنه شيء يوجب دخول النار إلا نادرا». [تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي].

وأوضح أن النبي ‏صلى الله عليه وسلم بعد أن أخبر سيدنا معاذ رضي الله عنه بالأعمال التي تدخله الجنة وتبعده عن النار وعددها أراد أن يجمل القول له، ويعلمه كيف يتيسر عليه تحقيق كل هذه الأعمال بأن يمسك عليه لسانه.

وأضاف علي جمعة: أنه قد ورد في القرآن والسنة الإعراض عن اللغو، والترغيب في قول الخير، والترغيب في الصمت والسكوت قال تعالى في مدح المؤمنين : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون :3]. وقال سبحانه : ﴿وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُوا الَتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًا مُّبيِنًا﴾ [الإسراء :53]. وقال سبحانه وتعالى : ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة :83].

ومن السنة ما ورد من قول النبي : «عليك بُحسن الخلُق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده، ما تجمَّل الخلائق بمثلهما» [رواه أبو يعلى في مسنده، والطبراني في الأوسط].

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» [رواه البخاري].

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [رواه البخاري].