الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فشل العدوان الثلاثي على مصر.. تكاتف الشعب والجيش يضرب مثالا على بسالة الفراعنة

صدى البلد

"قرار: تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية".. بصوت رصين ثابت حماسي نطقها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في خطاب شعبي مهيب، ردا على رفض البنك الدولي لتمويل مشروع السد العالي، ما ان استمعت كبرى الدول لخطاب ناصر ثار غضبهم وكشروا عن انيابهم وقرروا معاقبة الشعب المصري بأكمله وليس حكومته فقط على قرار التأميم، فكانت حرب العدوان الثلاثي. 
 

 

خطاب الزعيم ذريعة أساسية للعدوان

قرار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، كان الذريعة الأساسية المعلنة لفرنسا وإنجلترا وإسرائيل للقيام بالعدوان الثلاثى على مصر، وكان عبدالناصر قد لجأ للتأميم بسبب رفض البنك الدولى دعم مشروع السد العالى.

وكان لكل دولة من الدول الثلاث المشاركة فى العدوان مبررها، فرنسا شاركت بسبب دعم مصر للثورة الجزائرية، كذلك دعمها للحركات التحررية فى العالم الثالث، التى كانت بلدانها محتلة من قبل الفرنسيين، أما إنجلترا فكانت مشاركتها أشبه بانتقام من الجلاء عن مصر، الذى اضطرت إليه، أما إسرائيل فلم يكن يعوذها سبب للعدوان على مصر أو العرب جميعاً فى مشروعها الاستيطانى والاستعمارى فاتخذت هى أيضاً من صفقة مصر للسلاح مع الاتحاد السوفيتى ذريعة للمشاركة فى العدوان، فيما يشبه الإضعاف لقوة مصر العسكرية، غير أن المجتمع الدولى تدخل وحدث ضغط عالمى على دول العدوان الأمر الذى أدى لجلاء المعتدين، لكن العدوان لم ينته لمجرد الضغوط الدولية، إنما كان هناك سبب أقوى، وهو أن هذا العدوان قوبل بمقاومة شرسة من الجيش المصرى والمقاومة الشعبية، التى لم يصمد إزاءها العدوان، وكان من أبطال هذه المقاومة أو لنقل المايسترو هو البطل اللواء طاهر الأسمر، الذى مثل بالنسبة لمصر أيقونة ودافعاً قوياً لفتح ملف العدوان الثلاثى فى ذكراه من زوايا مختلفة.
 

التأميم أشعل نار المعتدين

مساء الخميس 26 يوليو 1956، وأثناء الاحتفال بأعياد الثورة أعلن الزعيم عبدالناصر فى خطاب الثورة من الإسكندرية عن قرار تأميم قناة السويس، وما أن أعلن «ناصر» عن التأميم حتى بدأت فصول المؤامرة الثلاثية على مصر، وكان أول هذه الفصول ما عرف باسم معاهدة "سيفر" التى دُبرت بعيداً عن أعين المجتمع الدولى، وقد عقدت هذه المعاهدة فى 24 أكتوبر 1956، ووضعت سيناريو التربص بمصر بقصد تأديبها على استقلال قرارها، وعقدت الجلسات التى تمخضت عن المعاهدة فى سيفر، إحدى ضواحى باريس،‏ لوضع الخطوط والتفاصيل النهائية فى الخطة "موسكتير" المعدلة النهائية‏، التى رتبت التزامات وواجبات ودور كل طرف على حدة ممهرة بملاحظة مهمة تقول «لا تنشر إلى الأبد» وجاءت الترتيبات وفق ما ورد فى الاتفاقية كالآتى:
اولا: تقوم القوات الإسرائيلية بخلق حالة صراع مسلح على مشارف قناة السويس لتستغلها بريطانيا وفرنسا ذريعة للتدخل العسكرى ضد مصر. ثانياً: توفر القوات الجوية الفرنسية الحماية الجوية لإسرائيل، كما توفر القوات البحرية الفرنسية الحماية البحرية للمياه الإقليمية الإسرائيلية،‏ وتصدر بريطانيا وفرنسا إنذاراً مشتركاً لكل من مصر وإسرائيل لوقف أعمال القتال والابتعاد عن القناة مع قبول مصر احتلال منطقة القناة احتلالاً مؤقتاً بواسطة القوات الأنجلو فرنسية لحماية الملاحة البحرية فيها‏.

ومن الأسباب التى دفعت فرنسا للمشاركة، دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى، وإمدادها بالمساعدات العسكرية، ومن الأسباب التى دفعت إنجلترا للمشاركة تأميم قناة السويس فى يوم 26 يوليو 1956، الأمر الذى منع إنجلترا من التربح من القناة التى كانت تديرها قبل التأميم، وكانت نقطة البداية فى الإنذار البريطانى الفرنسى لمصر فى 30 أكتوبر 1956، حين توجه السير إيفون كير كباتريك، السكرتير الدائم فى الخارجية البريطانية، فى الساعة السادسة والربع بتوقيت القاهرة مساء 31 أكتوبر 1956، وفى صحبته مسيو بينو الفرنسى إلى السفارة المصرية فى لندن، وسلما السفير المصرى إنذاراً موجهاً لمصر وإسرائيل من فرنسا وبريطانيا لوقف المناوشات بينهما، وهى المناوشات التى افتعلتها إسرائيل لتوفير المبرر للاعتداء.

 وتسلم القائم بالأعمال فى السفارة الإسرائيلية نفس الإنذار بعد عشر دقائق من تسليمه للسفير المصرى، وأعطت الدولتان مصر وإسرائيل مهلة 12 ساعة لقبوله، وجاء فى الإنذار «أن الحرب القائمة بين مصر وإسرائيل من شأنها أن تعطل حركة الملاحة فى قناة السويس، ولذلك وحتى تقف الحرب فوراً، ولكى تستمر حرية الملاحة طلبت فرنسا وإنجلترا إيقاف العمليات الحربية فى الأرض والبحر والجو، وأن تتراجع كل من القوتين المتحاربتين وتنسحب القوات العسكرية إلى مسافة عشرة أميال من قناة السويس، وأن تقبل مصر احتلال القوات البريطانية والفرنسية المواقع الرئيسية فى بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وإلا فإن القوات البريطانية والفرنسية ستتدخل بأى قوة يرونها ضرورية لضمان الامتثال لهذا الإنذار».

 

عبد الناصر يرفض بحسم

رفض الرئيس عبدالناصر، ومجلس الوزراء الإنذار بحسم، وبالطبع أعلنت إسرائيل موافقتها فوراً على ما تضمنه الإنذار، وأصبح توقع الحرب أمراً محتوماً، وتوقعت إنجلترا وفرنسا وإسرائيل رفض الرئيس عبدالناصر الإنذار، وبذلك يتوفر لهم مبرر الاعتداء على مصر، ونفذت قوات الدول الثلاث الهجوم على مصر، فاحتلت القوات الإنجليزية والفرنسية مدينة بورسعيد، ولكنها عجزت عن التقدم نحو الإسماعيلية بسبب شدة المقاومة المصرية، وقامت الحكومة المصرية بسحب قواتها من سيناء لرد العدوان عن مدن القناة، فانتهزت القوات الإسرائيلية الفرصة وتوغلت فى سيناء، ثم بدأت الغارات يوم الإثنين 5 نوفمبر 1956، وفى هذه الفترة أحرقت القوات البريطانية حى المناخ بأكمله بالنابالم، وكان يمثل ثلث بورسعيد كلها، وفى حى العرب دمروا بالطائرات منطقة الجمرك القديمة وبعض العمارات السكنية، وفى الإنزال المظلى المزدوج البريطانى فى مطار الجميل غرب المدينة والإنزال الفرنسى فى منطقة الرسوة جنوب بورسعيد وفى منطقة الكارانتينا جنوب بور فؤاد، علاوة على الإنزال البرمائى والبحرى والإنزال الرأسى بالهيلوكوبتر البريطانى يوم 6 نوفمبر.

 

فشل العدوان بسبب بسالة المقاومة

المقاومة الشعبية

رغم هجوم العدوان الكاسح، إلا انه فشل بسبب شدة المقاومة المصرية التى التحمت مع الجيش ضد العدوان، ومعارضة الولايات المتحدة الأمريكية للعدوان الثلاثى وتأييد الاتحاد السوفيتى لمصر وتهديده بالتدخل العسكرى لوقف العدوان، وتنديد الأمم المتحدة بالعدوان الثلاثى ومطالبتها بانسحاب القوات المعتدية، وكانت النتيجة انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد يوم 23 ديسمبر 1956، وظلت مصر تحتفل بهذه الذكرى كعيد للنصر، ثم بقيت بورسعيد تحتفل به فى مثل ذلك اليوم من كل عام كعيد قومى للمحافظة.

 

دور الفن في ترسيخ الوعي بالعدوان

ناصر 56

يعتبر فيلم بورسعيد من أكثر الأفلام التي جسدت هذه الحرب منذ وقت التأميم حتى نهاية العدوان، وأيضاً فيلم “ناصر 56” للفنان الراحل أحمد زكى.

وغني عبد الحليم حافظ أغنية "حكاية شعب" التي تجسد كفاح المصريين من أول الأستعمار الأنجليزي حتي العدوان الثلاثي، وما بعده، وبعدها غنى العندليب أغنيات كثيرة عن حرب 56، من أهمها أغنية السد العالي التي يشيد فيها بتأميم قناة السويس، والتفاف الشعب المصري حول الزعيم جمال عبد الناصر.
كما كان للفرق الشعبية في بورسعيد والسويس دور فني كبير، حيث شاركوا في المقاومة ضد العدوان، وانشدوا أجمل أغاني الحب لمصر وللارض، وكانت هناك اصوات غنائية تنشد قصائد ما زالت تعيش في وجدان المصريين مثل قصيدة "دع سمائي فسمائي محرقة، دع قناتي فقناتي مغرقة" من اشعار محمود حسن إسماعيل، وغناء فايدة كامل.

فايدة كامل

وكذلك الأغنية التي كتبها أحمد رامي للسيدة أم كلثوم "مصر التي في خاطري وفي فمي".